أيها المتحاورون:الشعب يؤمل أن يكون الحوار سفينة العبور إلي شاطئ الأمان،لقد تحمل الشعب الخروق التي في السفينة لتنجو من العابثين والفاسدين والذين يريدون استمرار اغتصاب الوطن ومقدراته، ولكن هل انتم مدركون أن مشكلتنا في الدولة الضعيفة في قضائها وأمنها ومؤسساتها وجيشها وتطبيق قوانينها ، لأنكم حين تدركون ذلك يتوجب الاتجاه لتقوية هذا الضعف أولا وقبل أي شي ، حتى لا تتيه السفينة في ظلمات التفاصيل ، ولجج الأطماع.
أيها المتحاورون: حين تكونون لليمن ومن اجل اليمن فإنكم ستجمعون رصيدا هائلا وحبّا جمّا، ستذكركم الأجيال وستحتلون قوائم الصفحات البيضاء في تاريخ اليمن الحديث إنها فرصتكم الثمينة التي قد لا تتكرر.
أيها المتحاورون: حين عُينتم أو أُخترتم لتكونوا في مؤتمر الحوار لا يعني الوصاية أو التمترس خلف المواقف السابقة والخاصة إنما يعني أن عليكم مسئولية إخراج الوطن من أزماته وماضيه وصنع أرضية صلبة ليقف اليمن عليها وينطلق إلى مستقبل أفضل مزدهر.
أيها المتحاورون: لقد قدم الشباب المهج والأرواح فلا تزايدوا عليهم بكثرة الخطابات الرنانة التي يحاول البعض تقديم نفسه كثائر فلن يبلغ ما بلغ الشباب ولا نصفه ولا عشر معشاره إن من أوصلكم إلى ما انتم عليه جثث الشهداء وأنات الجرحى وعويل اليتامى فتذكروا ذلك دائما.
أيها المتحاورون: كل ما نريده أن تكونوا بحجم الوطن بامتداده الجغرافي وعمقه التاريخي وطيبة أهله وليونة أفئدتهم وعلى مستوى المرحلة وطموحات أبناء اليمن الثائر.
لا تنسوا ثوابت الوطن وقيمه وانتم في خضم نشوة البداية لا تذهبوا بنا بعيدا فلسنا بحاجة إلى ثقافة الصينيين أو حضارة اليونان أو قيم فارس فلدينا ما يكفينا ويغنينا عن ذلك وسواه، فقط لنعيد للتاريخ مجده وليكن للشعب قوله وكلمته ولتكن لهوية اليمن وثوابته الدينية والوطنية مكانا أساسيا .
أيها المتحاورون: تحتاجون لتغيير ماضي أنفسكم وترسباتها وعليكم خلع عداد المصالح ونتن الانتماءات الضيقة ..تحتاجون لمرحلة جديدة تقفزون فيها من حب ذاتكم إلى حب وطنكم .
نسمح لكم بالنقد ونقطة النظام والاعتراض والتصفيق الحار وكل معاني التشويش ولكن نريدها لتصحيح المسار وإعادة الحق إلى نصابه والوطن إلى نصاعته والحق إلى أهله.
أيها المتحاورون: من الشجاعة والقوة أن يدرك كل واحد حقيقة نفسه وقدراته ومدى إمكانية تحقيق ما هو مطلوب منه وإلا فان التنازل لمن هو أكفأ وقادر على فعل شيء خير وأفضل، فلستم الأجدر كفاءة ولا الأكثر نزاهة ولا الأفصح لسانا ولا الأقوى حجة وبيانا .
كم نحن متفائلون بنجاح مؤتمر الحوار الوطني ، رغم علاّته والدخن الذي يلحق به ، رغم مكدِّراته ومن دخلوا فيه وليسوا من أهله ، رغم المعرقلين وأصحاب التجارب الفاشلة ، رغم ذلك كله إلا أننا واثقون بأن الله لن يضيع أجر المخلصين ، ولن يخيّب ظن عباده به ، ونحن نؤمن ب(أن الله لا يصلح عمل المفسدين) ،وفي المقابل (إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا)، ونعلم يقينا ونعتقد اعتقادا جازما قوله تع إلى ( ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله) ونعلم كذلك قوله تع إلى ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) الصالحون في نواياهم وفي أفعالهم وفي تصرفاتهم .
ندرك ذلك كله ومعه متيقنون بسريان حكمة الله وعدله وسننه ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا)
وأخيراً عليكم أن تدركوا أننا حين نختلف لا يعني أننا أعداء ، بل إن الخلاف أحيانا ينتج عنه نتائج إيجابية وجميلة ، خاصة إذا اتبعنا قواعد الاختلاف وتخلقنا بآدابه. وحقيقة كونية وسنة إلهية أن الاختلاف بين البشر طبيعي وفطري ولا يمكن أن يجتمع كل البشر علي شيء، ولعل الجميع يلاحظ اختلاف بصمة العين أو الإبهام وهذا دليل قاطع على حتمية قانون الاختلاف.