[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

الحراك الانفصالي والمبالغة في رفع السقف

كثيرا ما نحجم عن قول الحقيقة في وقتها، أي أننا نتأخر! .. وعندما أتحدث اليوم إلى الحراك الإنفصالي، لا أقول لهم الحقائق كاملة ، لأكثر من سبب، فالكل صار يبالغ في المجاملة ويتحاشى المصارحة ، لكن الحراك قد يواجه غداً بحقائق مريرة ، وهو يرفع سقف المطالب والتوقعات، وتبالغ فصائل منه في تعبئة الناس على الكراهية، ولا أحد يصوب أو يوضح أو ينتقد..

كنا نفعل الشيء نفسه مع الرئيس السابق.. حيث كان توجيه النقد إليه من المحرمات حتى عند أحزاب المعارضة، وما بدا النقد يكون واضحا نسبيا إلا في انتخابات 2006، مع أن الإختلالات و تفشي الفساد الكبير قد بدأ مبكرا ومشاريع التوريث وعشرنة ( من عشيرة) القوات المسلحة كذلك بدأت مبكرة ، ولو قدر لنا أن نسمي الأشياء بأسمائها بدون مهادنة أو شطط، في الوقت الصحيح لسلمت البلاد من متاعب كثيرة، ولما تفاقمت وتشعبت التماديات التي أهلكت الحرث والنسل..

أدعي أنني أول عضو في المؤتمر الشعبي العام قلت : لا يجب أن يفكر صالح لا في التمديد ولا التوريث..وأول شمالي قلت : إن الرئيس القادم يجب أن يكون جنوبيا ...! ومع ذلك لا استطيع الإدعاء بإنني قلت ذلك في الوقت الصحيح وبالشكل الصحيح.. !

فعل كثير منا الشيء نفسه مع علي سالم البيض الذي سحر أغلب الناس ببلاغته الخطابية، قبل حرب 1994 وفعل ذلك مع البيض أيضا آخرون كثر، نكاية بصالح الذي لم يكن على وفاق حقيقي مع كثيرين في أغلب عهده، ونتيجة لذلك تمادى البيض حتى توهم أن بإمكانه إعادة جمهورية اليمن الديمقراطية إلى الوجود من جديد، ولم يتمكن بالطبع كما هو معروف ، على الرغم من توفر إمكانات ذاتية وإسناد إقليمي..

اليوم نسمع هجاءا لكل ما هو شمالي، ومديحا لكل ما هو جنوبي، .من قبل حراكيين متطرفين وكثيرين ممن يركبون الموجات هنا وهناك ، بعد ان تغنينا باليمن الواحد الجميل العظيم كله لمدة خمسين عاما على الأقل، هو عمر جيلي .. بل إننا نسمع اليوم عن دجل مركب مثل أن كل شيء كان مزدهرا في الجنوب وبائسا في الشمال قبل الوحدة ، وسمعت أحدهم في قناة عدن يقول : الجواز الجنوبي كان محترما في مطارات العالم، مع أن جيلنا يعلم تماما كيف أن العزلة كانت مضروبة على الجنوب بسبب تطرف نظام الحكم، وكيف أن كثيرا من أهلنا في الجنوب يسافرون إلى دول الجوار بحوازات شمالية ..

لم تتغير مشاعري تجاه وطني العزيز بكل جهاته وأهله الغالين في شماله وجنوبه وشرقه وغربه، منذ خمسين عام هي عمري الإدراكي ، وأجد من الأهمية طرح بعض الإيضاحات ، وليس كلها، ربما تماهيا مع طريقتنا في التعاطي مع الظواهر والمشاكل ، وربما مراعاة للدوافع المشروعة لغضب نقدر إنه مشروع وسببه الفساد والجشع الذي مارسته قلة نافذة ، يجب أن تعيد ما سلبت ونهبت...
ومع ذلك فإنا كثيرا ما نخلط الأمور أو تختلط علينا.. ويختلط الحق بالباطل ويضيع الحق وتضيع الحقائق مثل ما يحصل في أيامنا..!

زر الذهاب إلى الأعلى