يدرك المغتربون اليمنيون في السعودية أن أي تصعيد اعلامي، يستثمر قضيتهم ضد البلد الذي يعملون ويعيشون فيه، يضرهم أكثر مما ينفعهم، وأن مطالبهم ومظالمهم لا يمكن حلها بالقدح والاساءة لحكومة المملكة الشقيقة التي يقوم نظام حكمها على العدل والهيبة.
الآن ومع وجود ضغط شعبي، تتحرك اليمن رسمياً، وتعلن وزارة شؤون المغتربين عن غرفة عمليات خاصة لمتابعة أوضاع مغتربينا في السعودية وتداعيات القرار الأخير، الذي يهدد آلاف المغتربين اليمنيين، الذين يمثل وجودهم في البلد الجار عامل استقرار لليمن، البلد الذي لم يتعاف بعد من تبعات الماضي وتداعيات أزمة 1990.. وللسعودية ايضا حيث تمثل هذه الشريحة الهائلة عامل رفد اقتصادي لها ، وعامل أمان اجتماعي لابناء المملكة الذين يجدون في المغترب اليمني الأقرب إليهم ثقافةً ووجدانا.
ومع هذا الاحتشاد الرسمي والضغط الشعبي يتعين على الإعلام الوطني والصحفيين والكتاب الحريصين على وطنهم وحقوق المغتربين ألا ينجروا وراء اشاعات كاذبة وعاطفة آنية متهورة، فيما يشبه حرباً منظمة للتعاطي مع قضية المغتربين بأسلوب همجي، يزيد الطين بلةً ويدفع بالجانب الآخر لاتخاد قرارات أكثر قسوة.
عندما سألت رئيس الجالية اليمنية في المنطقة الجنوبية الغربية في السعودية الدكتور محمد الكندي عما إذا كانت هناك سياسة استهداف رسمية من قبل السلطات السعودية للمغتربين اليمنيين، كما تروج وسائل إعلام يمنية معروفة التمويل، أجاب وبمرارة وأسف عن الدور السلبي والسيئ الذي تلعبه هذه الوسائل في عدم تناولها قضايا المغتربين بحيادية وموضوعية، وتعمدها غالباً تهويل الأمر والنظر إلى أية قضية تتعلق بمغترب واحد باعتبارها توجها رسميا لحكومة المملكة في مضايقة المغتربين الذين يعيش 95% منهم وضعاً مستتبا هناك و"أمورهم سابرة".
قرار تنظيم العمل لا يمس المغتربين اليمنيين وحدهم في بلد يمثل مقصدا لمئات الآلاف من المسلمين الباحثين عن فرص عمل وحياة وما فاض من ثمرات الله التي رزق بها أهل هذا البلد الآمن.
ولأن المغتربين اليمنيين يمثلون الرقم الأكبر في سجلات العمالة الوافدة إلى المملكة الشقيقة فأي قرار يرتبط بضوابط العمل، ترتفع معه صرخات اليمنيين الذين لم يطمئنوا بعد إلى أن بلدهم المرتبك سياسيا واقتصاديا قادر على استيعابهم وتوفير فرص العمل اللازمة.
"كفوا عنا أقلامكم.." هكذا يقول المغتربون الذين يدركون تماما أن قضيتهم باتت ورقة للمزايدة الاعلامية وأن من يتحدثون باسمهم من الكتبة المحليين هم أشخاص لديهم موقف من السعودية وقد فشلوا مرارا في اللعب بورقة المغتربين على طاولة التضاربات الاقليمية.
وماأريد أن أقوله لأشقائنا السعوديين هو أن القرار الأخير ستكون نتائجه كارثية على السعودية قبل اليمن، لان عودة عدد كبير من المغتربين إلى بلدهم الذي يعيش على حافة الهاوية وتعمل فيه شبكات التجسس الإيرانية ليل نهار، سيمنح معسكرات التدريب الحوثية جيشا جاهزا من العاطلين والباحثين عن فرص الحياة أو الموت وسيكون العدو اللدود للسعودية ولليمن وللامة الاسلامية والعربية هو المستفيد الاول من القرار السعودي الذي يجب ان يخضع لدراسة أبعاده قبل سريان مفعوله.
إن من مصلحة المملكة الشقيقة وفي هذا الظرف التاريخي ان تستقطب شباب اليمن وتمنح المغتربين اليمنيين استثناءات وامتيازات تبدأ أولا بالغاء الكفالة إذ أن معظم الشباب اليمنيين الذين لايملكون ثمن "الفيزا "الباهظة اوالذين تضرروا من القرارات السعودية لن يعدموا فرصة عمل في كنف الشبكات المعادية التي تعمل ضد اليمن والسعودية ليل نهار.