حكى لي أحد طلاب الكليات العسكرية في اليمن، من منتسبي الدفع المتخرجة في السنوات الخمس الأخيرة، ما قبل 2011م: أن شعار: الله، الوطن، الثورة، الذي يردد مع كل طابور هُتاف إنزال العَلم قبل كل غروب شمس، تحول في قرارة نفوس الكثير من أولئك طلاب إلى ما يشبه التندر، وأصبح الشعار هكذا: الله، الوطن، الفرزة..!! في تكنية عن أن خريجي الكليات العسكرية وبمجرد إتمام دراستهم في كلياتهم تجبرهم ظروف الحياة الصعبة وتدني الرواتب إلى شراء سيارات أجرة يرابطون بها في الفرزات(المواقف) أو يتلوون بها في كل الشوارع بحثا عن رزق حلال يسدون به متطلبات أعباء الحياة القاسية.
في كل يوم يمر على هذا البلد المكلوم من صفوة أبنائه الحاكمين، نسمع عن رجل شرطة أو رجل أمن يتعرض لاعتداء سافر من قبل نافذين أو محسوبين على إحدى سلطات الدولة الثلاث، وقد يكون المعتدي -أيضا- شخصية قبلية أو نحو ذلك؛ فيجري حل المشكلة -إن وجد من يتابع عن حق المعتدى عليه من العسكر- بطريقة تقليدية قبلية خارجة عن سلطات الدولة التي يتشدق بها هؤلاء العنتريون، ويكون ذلك بعقر ثور ومراضاة سخيفة لا يرضى بها الله في سماه، وقد قال جل في علاه -وهم يعرفون ذلك تمام المعرفة- "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" وتتحول البلاد معها إلى زريبة حيوانات تجمع بين ناطح ومنطوح، وذابح ومذبوح!!
اليوم، سمعنا عن فرد من أفراد القوات المسلحة أو الأمن الذين يسهرون على حماية المؤتمرين في الفندق أبو النجوم الخمس الذي يضمهم في صنعاء؛ يتعرض للضرب المهين في الوجه من قبل شخص مشارك في مؤتمر الحوار الوطني، الذي يفترض في هذا الشخص أن يكون على قدر رفيع من المسئولية والانضباط، وهو يعمل مع رفقائه لبناء يمن حرٍ عزيز لا يذل أهله فيه أو خارج حدوده، وقد سقط من أجل تلك الأماني والطموحات مئات الشهداء ولحقت الإعاقة والأسقام المزمنة بالكثير من الشباب الذين كانوا ينشدون ذلك.
إنه من الخطر والمهانة لأفراد الجيش والأمن، أن تمر هذه الحادثة دون إحقاق للحق، وأن يكون الحل وفق قواعد الشريعة ونصوص القانون؛ ذلك أن مثل هذه الحادثة وفي هذا المكان تحديدا، ومن واحد من أولئك المؤتمرين ستكون وصمة عار في وجه كل من يحاول تمييعها والتستر عليها؛ ما لم فسيكون الشعار الذي يردده كل ضابط وفرد في الجيش والأمن اليمني، ليس ما كان يتندر به أولئك وهم طلاب في كلياتهم العسكرية؛ بل سيكون على الصفة: الله الوطن اللطمة!!