آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

لروحك عبدالعظيم العمري..‏

للنبلاء المتعافين الطيبين، المتصلة أرواحهم، الوجلة قلوبهم المتحلقين دائما إن غابوا وإن حضروا ‏على (اللهم إنك تعلم..)، رددوا معي في خلوتكم (اللهم اغفر لعبد العظيم العمري وارحمه "100مرة")‏

ثم أوصيكم ونفسي بتقوى الله، وابتغاء مرضاته فحسب فما كان لله دام واتصل وما كان لغيره ‏انقطع وانفصل، وايما أمرئ اختار ما لله على ما كان لهواه إلا رفعه الله ووفقه وأتم له .. سوّوا صفوفكم ‏وصلوا منها ما انقطع، ( فمن وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله).. وكونوا لله في الصلاة ‏والنسك والمحيا والممات، فما كانت الدنيا يوما لأحد، وما خرج منها الكيس الفطن الا بمثلما خرج به ‏صاحبكم.‏

رأيت الموت اليوم بغير العين التي كنت انظر اليه بها في الأمس، ويضطرب قلبي لذكره اليوم ‏على غير ما كان بالأمس، ويقشعر جلدي كزرع في أوله تنفضه الرياح، كأن العين ليست العين، وكأن ‏القلب غير القلب.. وكأني غيري ... ماذا جرى ؟

رغم أن الحواس هي الحواس، ومعين التذكرة ‏والتوجيه هو عندما يصل الإنسان مبلغه من العمر تتو إلى عليه من الله النذر ويصله من الله العذر، ‏فأمامه الدروس والعبر، فيستوي في الرؤية والتفكير وفي قراءاته للأحداث والسنن وتخفت حدته ‏ويتلاشى نزقه بعد أن تحتوشه الامراض وتكسر شوكته وقد غادره إلى الآخرة بعض أقرانه الحبيب ‏منهم ومن كان عنده في التصنيف بغيض والحزن عليهم في المحصلة واحد يتفاوت فقط بحسبهم .‏

‏(أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ) (فاطر:37‏
أوجعني الموت هذا العام وكسر قلبي في أحبة قريب منهم وصاحب وجار، منهم في أسبوع ومنهم ‏في مسافة لم تبلغ العام .‏

كان الموت قد غادر قريتنا لفترة حتى نسيناه، ثم فجأة كعاصفة هب على مجاميع بعينها من ذات ‏الجيل والعمر، كأنما هم زرع قد تم وقد وافى حصاده، وجدتني أبكيهم كثمانيني تعبث به الريح لا يكاد ‏يحمله جسده المتهالك ..‏

يرحمك الله شيخ فاضل العاتي، ويسكنك الجنة ابن عمي وجاري عبدالله المقدار، و إلى مغفرة الله ‏ابن الخالة صالح، و إلى عفوه وكرمه بن العم محمد صالح ...‏
في اسبوع واحد لا يبلغك خبر الأول حتى يعقبه في الحال خبر الثاني، كعينة بسيطة من ذات ‏الوشيجة والجلد، وفي الذاكرة رقم كبير لدفعات ومجاميع لجيل وجيل ومستوى عمري متقارب ..‏

أنَّت عليهم الروح، ودمعتهم العين، وأنكسر لرحيلهم القلب .‏
أتحسس رقبتي بعدهم وكأن جيلي يتهيأ لدوره هو الآخر كزرع على وشك أن يقال له تم وقد وافى ‏الحصاد ...‏

يا حسرتاه على ما فرطت، وأعُض بنانيَ الآن لأستفيق على نعمةٍ من الله ما زالت في المتاح قلقي ‏أن تغلق، لا أدري أعام هي أم شهرا أوقد تكون يوما أو ساعة أو ربما دقيقة الله بها أعلم همي أغتنمها ‏ وأدل عليها غيري أسجد لله فيها استغفره واتوب إليه ثم أستدرك ما كان مني فابذر بذرة، أو أضع ‏لبنة، أو أغرس شجرة، أو أترك شيئا أو أمراً أو خبراً كي يصلني بعد موتي خيرا فلا أغدو مقطوع ‏العمل ..‏

ما أصعب لحظة أن يُوارى عليك التراب ويقال لك رُفعت الاقلام وجفَّت الصحف وانقطع عملك ‏الا من غرسٍ كان لك، أو خيراً يتفيأ الناس ظلاله ..‏

يا رجاء القلب ولهفة الروح حينها في رب ارجعون على دقيقة أو جزء منها ل سبحان الله، أو ‏استغفر الله،أو غيرها، طعمها خير من الدنيا وما فيها،فقط يجده المستسيغ إن قُدر له .‏

اللهم ارحم عبدك عبد العظيم العمري، وكن له اليوم كما لم تكن له من قبل، وتوله برحمتك، ‏وأنسك، وعفوك، ومغفرتك.‏

قلما مثلك عبد العظيم، ولتهنك موتة الصالحين العاملين، وطب بخاتمة رُشد وفيها ابتلاء وتطهير، ‏ودعواتٍ من عباد الله تتبعك، وغِراسٌ صالحٌ ونماء يجر عليك من بعدك كأجورهم وأجور من تبع حتى ‏يأتي أمر الله، فنِعِمَّا هي صدقتك الجارية .‏

تعزية هادي..‏
أهم ما اشتهر به الرئيس هادي برقيات التعازي، من عند عاقل الحارة ومن في مستواه وصولا ‏ إلى أعلى السلم ...فلا أدري السر وراء عدم تعزية آل وذوي العمري، أمصلحة وطنية، أم التؤدة ‏والتريث ولعلها في الطريق؟ ...‏

زر الذهاب إلى الأعلى