طالعتنا المرأة اليمنية عبر الحوار الوطني بنفس التقاسيم المعروفة لبنت اليمن الغارقة بين تناقضات الحاضر ومخلفات الامس . بين توهج الحضور اللآفت والمصر على ان يكون لافتا وبين تقوقع الالتزام بميراث اجباري رغما عن الأنف . بين ملاحقة الكاميرا والابتسام الجاذب لها وبين الفرار من عيون كاميرا تحاول تعرية ما خلف النقاب .بين مشاركة فاعلة واخرى تقول انا هنا فقط . وبين قناعة ضمنية بتسيير الاخر لها والأكتفاء بالتصويت وقت اللزوم .
هي ما بين ناشطة تطير شعاعا ناريا يلسع احيانا بأندفاع لا يبرره الا عقدة النقص المتجذرة في نفس الأنثى وبين اخرى خاملة منزوية تعتقد ان النقاب هو الحد الفاصل بين اللائق وغير اللائق.
انه بأختصار شعور عام بالنقص أو الأستنقاص لدى المرأة اليمنية .حتى اصبحنا نحن اليمنيات نطير فرحا ونقيم الأحتفالات اذا فازت احدى اليمنيات بجائزة كجائزة نوبل للسلام اوحتى تأهلت طفلة صغيرة للدور النهائي لمسابقة طيور الجنة الأنشادية .
قد فجرت الثورة الشعبية بالأضافة لشخصية كرمان رغبة عارمة في اثبات الذات والوصول إلى الحق المشروع في التشارك في رسم خارطة الوطن وشكل المستقبل. ولكن بخطوات تتعثر بالعديد من الحواجز المبهمة احيانا والمصطنعة احيانا كثيرة.
هذا الاندفاع المتعطش للمشاركة السياسية ايّن كانت هو ناتج عن كبت لآزم المرأة اليمنية والعربية بعد تهميش وتجهيل عبر عصور طويلة تخللها ادراج نادر للمرأة العربية فقط.
ورغم ان المرأة اليمنية تميزت بملكتين منفردتين لدولة كانت قوية ذكر القرآن احداهما وايضا خلد التأريخ اخرى هي بنت الصليحي الا ان المرأة اليمنية في هذا العصر ظلت في مربع العيب والعار ومعرضة للسقوط من تتجاوزه بعرف وعادات قبلية قد اختلطت بفهم قاصر لنصوص قرآنية لا تلغي المرأة اوتحجمها وانما ترفع من شأن خصوصيتها وتحفظها كونها كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوصي بها (رفقا بالقوارير )..نعم فطبيعة المرأة رقيقة هشة يمكن ان تكسر بكلمة وإن تغنينا مطولا بأرادتها القوية وصبرها العجيب .
ومع أنه لا يوجد نصوص شرعية قطعية تحرم المرأة من المشاركة في العملية السياسة بحسب تكوينها وخصوصيتها الا ان الفكر الغالب لدى العامة ان هذا سبب شرعي وديني . يؤازره ابتعاد كامل من قبل المرأة ذات التوجه الاسلامي وانزواء عن الظهور في المحافل والنشاطات السياسية والاقتصار على النشاطات المجتمعية والدعوية .
حتى تصدرت لواجهة مجتمعنا اليمني فئة معينة ( اعتبرها شجاعة )من الناشطات تم تسليط الضوء عليهن وابرازهن للمجتمع داخليا وخارجيا كنموذج للمرأة اليمنية الناشطة سياسيا والمشاركة نوعا ما في هيكل نظام الحكم ومواقع اتخاذ القرار وهو نموذج له مواصفات معينة ابرزها كشف الوجه والانفتاح .
ورغم ان كهذا امر غير معلن ومصرح به والباب مفتوح على مصراعيه للمنقبة وغيرها الا انه توجه واضح لطبقة المثقفين وشبه متعارف عليه .
بل ان بعض مثقفينا المحسوبين على التيار الأسلامي يعدون النقاب أو الحجاب المتعارف عليه عندنا عائقا امام المشاركة الفاعلة في امور السياسة .ربما لصعوبة التعرف على الشخصية المعنية وهي مغطاة من رأسها حتى اخمص قدميها بالحجاب الشرعي.
وربما هذا التوجه القديم الجديد معروف من ايام هدى شعراوي وزمرتها ونحن شعوب مصابة بالعدوى نتوارث الفكرة السيئة ونعممها و كما هو معروف السيئة تعم والحسنة تخص .
ولأن كل النماذج النسائية التي قدمتها السياسة الخارجية لنا تعتبر مستغربة وتعتبر سيئة فالمرأة اليمنية الملتزمة تنأى بنفسها عن الظهور بهذا المظهر وفضلت الانكفاء وعدم الانخراط بعمل سياسي واضح .رغم وجود عقليات كفؤة ومميزة عزلها الأهتمام الأسري والمجتمعي عن الأنخراط بأي نشاط سياسي .الا انه ومع اندلاع الثورة الشبابية الشعبية اثبتت الفتاة والمرأة اليمنية ان النقاب والحجاب الساتر للبدن لا يتعارض ابدا مع اي نشاط يمكن لطبيعة المرأة ان تقوم به في بيئة قبلية متخلفة تشمئز من حضور المرأة الصارخ ابان الثورة .
واصبح للمرأة اليمنية حق المشاركة الفاعلة في بناء الدولة المدنية كلا في مجالها واصبح لها وجود في الحياة السياسية ومشاركة لا بأس بها في الحوار الوطني اي كان توجهها واي كان شكلها الخارجي فكل ما يهمنا في الحوار الوطني هو مشاركة حقيقية وفاعلة وليس مجرد تباهي بأنصاف المرأة وزيادة في الاعضاء المهمشين والمصوت