عندما اجتمع مجلس الشورى والنواب لمناقشة إتفاقية الحدود بين اليمن و الممملكة العربية السعودية الموقعة عام 2000، كان التصويت للمصادقة على اتفاقية الحدود بالإجماع .. وكانت كل الإتجاهات السياسية متواجدة في ذلك الإجتماع.. ولا أذكر وجود اعتراض من أي تيار سياسي..
كان الإجماع يأخذ في الإعتبار ما يلي :
- إنهاء التربص المتبادل بين البلدين الذي استمر أكثر من ستين عاما، وبناء الثقة بين بلدين جارين وشقيقين يجمعهما دين وآحد وأرومة واحدة ، ويبدو ان مجمل الوقائع والأحداث تبرهن على انتهاء ذلك التربص المتبادل، ولعل موقف السعودية من أحداث 2011 في اليمن يؤيد ذلك ، وكذلك دور السعودية في مبادرة الخليج وآليتها التفيذية التي تؤكد على أهمية استقرار ووحدة اليمن ويستند إليها الوضع الجديد في اليمن ، وقدمت السعودية إسنادا سياسيا ودعما ماليا واقتصاديا للحكومة اليمنية معتبرا يؤكد على جديتها في دعم استقرار اليمن .
- أكدت إتفاقية جدة التي حظيت بالإجماع في الإجتماع المشترك المشار إليه أعلاه، على مشروعية اتفاقية الطايف الموقعة في عام 1934 التي تعطي مواطني البلدين حقوق أفضلية لا يحظى بها مواطنو أي دولة أخرى لدى أي منهما، وكان التقدير أن وضع اليمنيين العاملين في السعودية سيعود إلى ما كان عليه قبل عام 1990, وتلغى الكفالة، وبالنظر إلى اعتبارت كثيرة ، فإن طبيعة الروابط وحقيقة الأواصر تحتم وجود علاقة متميزة وخاصة وحقوق متبادلة بين البلدين ، حتى لو لم تكن هناك اتفاقيات..
- بعد المصادقة على تلك الاتفاقية أتاحت السعودية الفرصة لأعداد كبيرة من الموطنين اليمنيين للدخول إليها والعمل فيها لكن مع بقاء الكفالة..
- وصلت أسعار تأشيرات العمل إلى مبالغ خيالية ذهبت إلى جيوب سماسرة سعوديين دون توفر أعمال لديهم لمكفوليهم ،واستفاد من ذلك أيضا وسطاء يمنيون ، وتعاطى معها المظطرون من العمال الذين عليهم شراء الفيزة وتدبير أنفسهم والبحث عن عمل، مقابل أتاوة تدفع للكفيل تقل أو تصغر حسب الكفيل..
- هاهي الان تنشأ مشكلة وجوب العمل عند الكفيل، وتواصل معي كثير من الأخوة العمال اليمنيين الذين يشتغلون هناك فإذا بالمشكلة كبيرة جداً ووسعة جداً وإنسانية جداً ..
أقرت الحكومة تشكيل وفد للتوجه إلى المملكة للنقاش مع الأشقاء، وألححت أن يرأسه السيد رئيس الوزراء الأستاذ باسندوه، غير أن الوفد لم يسافر بعد..
- ومع كل التقدير والإحترام لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي منح مهلة لتصحيح الأوضاع، وهو جدير بالتقدير والاحترام على الدوام ، فإن مهلة ثلاثة أشهر غير كافية للمعالجة بالنظر إلى حجم المشكلة ووسعها ..
- نحن على يقين بأن حكومة المملكة لا ترغب بالإضرار باليمن تحت أي ظرف، خصوصا في ظل الظروف الإستثنائة الراهنة التي تعيشها اليمن اليوم ، كما أن اليمن حكومة وشعبا لا يرغبون في الإضرار بمصالح الممملكة، أو الإساءة إليها على الإطلاق ..وننظر إلى أن استقرار السعودية استقرار لليمن..، لكننا نشعر بأن من شأن تطبيق الإجراءات الجديدة بشأن العمال التسبب بأضرار بالغة على اليمن ..
- بالنسبة للأصوات الغاضبة التي تسمع هذه الأيام في اليمن فإنها تعبر عن حالين :
- تعاطف مع معاناة المغتربين الذي يتعرضون للتضييق، بسبب أنظمة العمل الجديدة.. وهناك من يصطاد في الماء العكر ويمعن في الإساءة نظرا لتعقيدات وظروف الحالة اليمنية التي لا تخفى على أحد..
- سأضل متمسكا بحقيقة أن مجتمع الجزيرة مجتمع واحد ويجدر أن يكون التعامل داخل هذا المجتمع أفضل مما كان وما هو حاصل الآن، ولعلنا بدأنا السير في هذا الطريق ومع ذلك علينا توقع العثرات والتعثرات، ولا يجدر بنا سوى التغلب عليها..
- وأرى أن الحوار الهادىء والتواصل المستمر بين الدولتين والحكومتين، وطرح القضايا بمصداقية ووضوح واحترام، هو الأنسب دائما..