عند الرجوع إلى بداية انفجار الأزمة عسكرياً نجد أن الحوثيين في اليمن من أول وهلة وحتى قبل عام 2004م كانوا قد أصبحوا تنظيماً يمارس أنشطة أمنية وعسكرية مخلة بسيادة الدولة وقوانينها الوطنية النافذة، وخارجة عن الشرعية الجامعة للدولة والمجتمع،
ومن تلك النشاطات والاعمال القيام بشكل منظم وبتوجيهات تنظيمية بحفر خنادق وبناء استحاكامات عسكرية حول مناطق وجبال مران - مديرية حيدان، وإغلاق تلك المناطق أمنيّاً وعزلها عن سيادة ونفوذ الدولة، وجَبيُ وتحصيلُ عائدات الزكوات والواجبات وعائدات أخرى، وشراء وتوزيع أسلحة وذخائر بشكل جَماعيٍّ ومُنظّم وِفقَ توجيهات وأوامر تنظيميّة وقياديّةٍ نافذة ، والقيام بتحركات مسلحة تَدخّلتْ في شئون المجتمع والدولة بصوٍرة مباشرة وأصبحت تُمثّل خطراً وتهديداً للسلم والأمن الاجتماعي وسلامة السكان،..
وخصوصاً أن المُحرّك الأساس لتلك الجماعة التي بدأت تنتظم على شكل مليشيّات كان هو عامل الشَّحنِ والتحريض والتعبئة الطائفية ولعنصرية التي تَمثّلت المجتمعَ على أنّه جهةمعادية، ومن هنا كانت الجماعة - من خلال كل ما سبق - قد خرجت عن الشرعية بل إن كيانها من الأساس غير مشروع ولا قانوني لعدة اعتبارات ليس المظهر المسلح إلا التجلّي الأخير منها .
على كل حال فان الدولة لم تقم بواجبها في حسم هذه القضية، وفضلاً عن سلسلة من التواطئات التي أفضت في النهاية إلى الحفاظ على هذه الجماعة المسلحة فإن الدولة لم تكن على مستوى واجبها ولا حتى على مستوى حقوقها في حماية المواطنين والمدنيين الذين تعرضوا ولا يزالون يتعرضون لعدوان الحوثيين، كما أن الدولة فرّطت في تحقيق وفرض سيادتها وهيبتها التي تعتبر ضرورةً من ضرورات تحقيق الأمن وحماية الحقوق وردع الخارجين والمارقين على النظام والقانون، وهنا فقد حدث بالفعل تطبيقٌ عملي للقاعدة القانونية التي يؤكد عليها كل فقهاء القانون الدستوري والتي تؤكد أن سيادة الدولة ركن من أركان وجودها، وأن السيادة لا تتجزأ وأن الدولة إذا فقدت سيادتها فقدت ذاتها.
• ان الذي يهمنا هنا هو تناول الجماعة الحوثية ووضعها في الإطار الشرعي والقانوني وتأسيساً على ما سبق ذكرهه فإن الجماعة الحوثية هي في طبيعتها جماعةٌ غير صالحة للمجتمع بل هي جماعة مضرة بالمجتمع تُهدّد الكيان الاجتماعي واستمراره ومصالحه بل وتهدد سلامة شخوصه باستمرار.
• الجماعة الحوثية تنظيم مسلح غير شرعي وغير قانوني وأيُّ تعامل معه يفترض أن يكون على هذا الأساس .
• إن حديث الحوثي باسم صعدة هو تجاوزٌ مُخِلٌّ باعتبار العقل والحقّ ، فأبناء صعدة من جميع الطوائف هم المدنيون المواطنون وهم أكثر من 85% غير حوثيين ويمثلون صعدة غير أنهم مُغيَّبُون خلف حروب وإرهاب الحوثي التي فرضت عليهم طوقاً من الإرهاب والترويع ثم يأتي ويتحدث باسمهم ومن الخطأ قبول حديثه على هذا الأساس، فأبناء صعدة يمثلون صعدة، أمّا الحوثي فيمثل الجماعة الحوثية في صعدة وغيرها.
• أفراد الحوثي وعناصره الناشطة والعاملة في التنظيم هم غير مدنيين ونشاطهم المسلّح المنظم والغير قانوني نزع عنهم الحقوق المدنية كونهم أصبحوا عناصر منظمة وناشطة في تنظيم مليشيات مسلحة غير شرعية فلم يعودوا مدنيين عاديين كما يتحدث الحوثي عند إصابتهم في الحروب ، وحتى كثير من النساء والأطفال تمّ تجنيدهم في التنظيم والزجّ بهم في المواجهات المسلحة، وأقلُّهم أُستخدِم في عمليات الإمداد والرصد والتجسس وبثِّ الشائعات وغيرها من الأدوار الوظيفية التي أسندها إليهم التنظيم .
• هناك فرق بين السلاح المتوفر لدى المواطن العادي أو بعض القبائل وبين قيام تنظيم مسلح يسعى لفرض مشروع سياسي بآليةٍ ووسائل عسكرية، فالقبائل أو المواطنون العاديّون لا ينتظمون في تنظيم عابر لحدود المنطقة، وليس لديهم قيادة محليّة أو هيكليّة تنظيمية أو ارتباط خارج المنطقة أو خارج الوطن أو تعبئات معاديةٌ للمجتمع، ولا يستطيعون فرض سيطرة خارج القرية أو المنطقة، بعكس التنظيم المسلح القائم في نموذج الحوثييّن، فالجماعة الحوثية شبكة مسلحة تمثل منظومة طائفية تمارس النشاط المسلح ومازالت إلى الآن تفتح معسكرات التدريب وتخرّج كتائب المليشيات الدفعة تلو الأخرى، وما زالت الورش ومصانع الألغام والمتفجرات والقذائف والقنابل محلية الصنع دائرة الإنتاج، ومازالت مظاهر الهيمنة والسيطرة المسلحة قائمة ومتمثلة في نقاط التفتيش ضد المواطنين المدنيين ومازالت المُداهمات الليلية والاختطافات والاغتيالات تُعطى للمدنيين كالجُرع الطبية عند اللزوم، ومازالت عملية تحصيل الأموال والفروضات المالية والزكوات والواجبات تفرض على المواطنين بالقوة والقسر ، أمّا فرض الثقافة القسرية على السكان في صعدة وما جاورها فلا زالت كهوف وأقبية "آل البيت" وميليشياتهم تواصل عملية إنتاج مجتمع قسري في مجال الثقافة والسلوك والشعائر ومظاهر الحياة اليومية، لقد عرفنا أن حق الحياة مكفول للإنسان وكذلك حرية التعبير حق من حقوقه الأساسية المعلنة دولياً وفي صعدة - عند الحوثي - كل من يمارس حقّه في التعبير يفقد حقّه في الحياة.
إن هذه الأعمال كلها قائمة بشكل اعتيادي في قرى وأرياف ومناطق من مديريات صعدة وما جاورها وهذا ما نعنيه من خطورة وعدم قانونية وعدم قابلية التنظيم الإجرامي الحوثي إن قول الحوثي في معرض دفاعه عن حمل السلاح بأن اليمنيين جميعهم مسلحون هي حجة واهية وضرب من التضليل ، فحتى عندما نسلم بنقاش هذه المغالطة نجد أن التنظيم الحوثي يحصر حمل السلاح في مناطق سيطرته على عناصره ، وكم من الحوادث مسجلة تم فيها مباغتة كل من يحمل السلاح بالقتل دون سابق إنذار حتى أصبح حمل السلاح في تلك المناطق محرّماً على غير الحوثيين ومن موجبات ومسلمات القتل الجاهز والمرخص به .
هنا عرفنا أن الجماعة الحوثية جماعة غير شرعية من أساس وجودها وطبيعة تكوينها وكيانها وهنا أيضا ً نسجل ملفاً آخرا وليس الأخير وهو ملف ( الحقوق والحريات ) للمدنيين والمواطنين الذين يمثلون الأغلبية في مجتمع - صعدة– هذه الأغلبية التي تعرضت لأبشع صور التنكيل والترويع على يد مليشيات الحوثي، فمن اغتيال المخالفين واختطاف المواطنين إلى أخذ المساجد والمدارس إلى تفجير المنازل ودَكِّ القرى بالمدفعيه الثقيلة إلى فرض وضع أمني واجتماعي وحتى ثقافي قسري في كثير من المديريات والمناطق ، نجد دائماً هذه الانتهاكات لحقوق وحريات وحتى سلامة الأرواح نجدها هي الوضع الإنساني السائد في عموم مديريات وأرياف صعدة وما جاورها في سفيان ومناطق من الجوف وحجة .
إن الحوثيين وهم يبحثون عن الشرعية ويوظّفون امتداداتهم الإعلامية والسياسية والسلالية في صنعاء والخارج ويتوغلون داخل القوى الفاعلة في الحياة السياسية اليمنية إنهم إنما يعملون على تحقيق هدف بدا لهم أنه قد أصبح قريب المنال ألا وهو: (إخراج سياسي لسيناريو عسكري).
- شاعر وناشط من أبناء صعدة