أرشيف الرأي

الجميع يبتز هادي.. وهادي يبتز الجميع!؟

‏ بادئ ذي بدء لابد من التأكيد انني أجل هذا الرجل بل وأقدره حق قدره وهو الرئيس التوافقي ‏الحالي لليمن المشير عبدربه منصور هادي بل أنني أليت على نفسي إلا أن أهتم بشخصه ‏وسيرته واتابع باهتمام أخباره وأنشطتهُ كافة منذُ الحرب الأثمة والظالمة العام 1994م التي برز ‏فيها صيته ولمع نجمه حتى طغى على نجوم كثيرة من الأسماء اللامعة والمعروفة (حينها) للقادة ‏العسكريين البارزين في جنوب اليمن وشماله، نعم تابعت ورصدت مساره وأخباره منذ ذلك ‏الحين (وما قبله) فلم أجد إلا ما يشرف المرء ويسر الخاطر.‏

في الأيام السالفة وجدتُ عدد غير قليل من الزملاء الأفاضل من مختلف الأطياف السياسية ‏والاتجاهات للقوى الوطنية في الساحة اليمنية (سواءً تلك المتفقة مع توجهاتي السياسية أو ‏المختلفة معها) تنقدني بشدة ولمآرب مختلفة وتردد لي العبارة الأتية: ( أن اكثار المديح للحكام ‏هي ظاهرة غير صحية ومكروه شرعا، كما أن طغيان الزعماء العرب سببه بطانة السوء التي ‏تكثر من التبجيل والتمجيد لهم فتؤله الحاكم ) إلا أنني وجدت أنه من الواجب الديني والأخلاقي ‏والأمانة والمسؤولية الوطنية نحوا الأهل وولي الأمر أن أنقل للأخ الرئيس هادي حديث النقد ‏والعتاب والنواقص.‏
‏ وكما أكثرت (انا) من الاشادة والمديح للأخ الرئيس هادي خلال الفترة الماضية وجدت أنه ‏من واجبي ومن العدل والانصاف (أيضا) أن أنقل لهُ بتجرد ما يقال عنه وعن عهده الجديد من ‏حديث ناقد يأتي من أنصاره الشباب الثائر في الميادين والساحات وأنصار هذا العهد عموما ‏والمناوئين لهُ خاصة.. كما أنني أعلم أن كثير من الناس يعرفوا ويسمعوا بهذا الحديث الناقد ‏للأخ الرئيس، ولكن الأهم في الأمر هو كيف يصله هذا الحديث؟.. (من يجروا على الكلام ‏وايصال هذا الحديث الناقد للأخ الرئيس دون تجميل أو تشويه أو زيادة أو نقصان؟)، فأن صدق ‏هذا الحديث في بعض جزئياته ففي ذلك فائدة جمة للرئيس أن يصلح من شأنه ومحيطه، وأن ‏جافت جزئياته الأخرى الحقائق فليس في ذلك ما يضير الأخ الرئيس أن هو أحاط بها علما ‏وعمل على ايضاحها للعامة من المواطنين.‏
‏ انها تلك المقولة الحكمة التي يحلوا للدكتور القربي ترديدها دائما في مثل هذهِ المواقف.. من ‏يجروا على تعليق الجرس أو يتقدم ليقرع ناقوس الخطر..وفي الوقت المناسب؟، فهل من ‏مجيب؟ .. ولندخل في صلب الموضوع:‏
قارنت بين سيرتي الرئيسين (الحالي والسابق ) ولما أعلمه عنهم فقد وجدت أن الأول سوي ‏منذ البداية (من أيام عهد الرفاق ودربهم الشائك فلا مشاركة في المقارعة والمعاقرة وأبعد ما ‏يكون عن المكايدات الحزبية والاصطفاف الشللي والتعصب المذهبي والجهوي، وأما الثاني ‏فهوا تعيس من يومه في عيشه الضنك (من أيام الصباء والاتراب علي محسن واسماعيل ‏الشعيبي) إلى ولايته لتعز وشبهة المفرق إلا أنهُ حاول جاهدا أن يبني لنفسه ويحسن من خبرته ‏وأدائه ويصنع لنفسه شأنا مهما بعد توليه الرئاسة لليمن كما كان جيد الاستماع للأخر متقبل ‏للنصح ولهُ أفضال كثيرة وعديدة على بعض الأفراد والنخب (وربما أنا واحد منهم) إلا أنه ‏أهمل في بعض الاوقات مصالح الشعب والوطن عموما والأخطر أنه عمل وسعى للتوريث.‏
يبتز هادي الجميع: بأن يعين ذوي القربى والمقربين وأصحاب الولاءات الشخصية ومن ‏جماعة ومنطقة معينة ومحددة خاصة التعيينات في الجانب العسكري حيث وجدتُ بعض ‏الأصدقاء من ابين يسخروا من مقولة الأبينة بدلا من السنحنة ليقولوا لي هي اللودرة بل وأكثر ‏من ذلك هي في جزء بسيط منها يكاد يكون محصور في أسرته التي لم تغادرها ثقته بعد إلى ‏الفضاء الأوسع والأجمل !؟

والجميع يبتز هادي: ونقصد بذلك الاطراف المؤتلفة في السلطة والقوى الأخرى خارجها ‏فبعض قيادات المؤتمر وحلفائه يبتزون هادي بالتحريض عليه ومحاولة عرقلة المرحلة ‏الانتقالية الجارية في البلد وتعطيل النقل السلس للسلطة من خلال تواجد عناصر كثيرة من ‏مؤيدي النظام السابق في معظم مفاصل الدولة ومؤسساتها الهامة وكذا بممارسة السلوك ‏الانتهازي في الحياة السياسية والدفع بالمظاهر الغوغائية في الشارع ومرافق العمل ونشر ‏مظاهر الفوضى والتسيب والاهمال في الجهات والمؤسسات كافة والتشجيع بل التحريض على ‏قطع الطرقات والتخريب لمصادر وموارد التمويل الحيوية للحكومة وللخدمات الأساسية ‏للمواطنين ليخلق حالة تذمر قصوى بين صفوفهم ويجعلهم يقارنوا بين العهد السابق والحالي ‏لصالح الأول لمآرب برجماتية تتعلق بالانتخابات القادمة كما يرفضوا قانون التدوير الوظيفي ‏وأبعاد عناصرهم الفاسدة في قيادة مؤسسات الدولة الحيوية المدنية والعسكرية كما ويضغطوا ‏مجددا وكثيرا لتعيين المزيد من العناصر المجربة والفاسدة لمزيد من لتخريب للخدمات وللعملية ‏الاقتصادية والتنموية بل وتخريب المرحلة الانتقالية برمتها، وفي الطرف الأخر تأتي القوى ‏والمكونات التي أشعلت الثورة أو ساندتها وقد أصابها الوهن إلا أنها صاحبة المصلحة الحقيقية ‏في انتصار الثورة وانجاز مهامها اللاحقة بما فيها استكمال عملية التغيير والانتقال السلمي ‏للسلطة..‏

ومن هذا المنطلق تريد أن تأخذ فرصتها الحقيقية في التصدي لتلك المهام الكبيرة والمعقدة ‏بفرض رؤيتها المنهاجية وأليتها البرامجية في عملية التغيير وكذا حصصها في قائمة القرارات ‏والتعيينات إلا أن اختلافها في هذا الجانب جعلها تعكس ذلك في ممارسة العديد من الضغوطات ‏على هادي، وهذه القوى التي اتفقت وتوحدت لإنجاز المهام والأهداف الأولية للثورة وكونها ‏متعددة التوجهات ومتنوعة المشارب فقد اختلفت في الروى والمواقف في عملية البناء للدولة ‏وبالتالي فهي (جميعها ) تضغط على هادي لفرض أولوياتها ورؤيتها المليئة بالنرجسية الحزبية ‏والتشيع الحزبي العقائدي..‏

كما أن هناك قوى وأطراف أخرى من خارج هذه الدائرة المؤتلفة في الحكم مثل مكونات ‏المجتمع المدني عموما وخاصة مكونات النساء والشباب المستقل الذي يتهم الجميع بالتآمر عليه ‏وسرق ثورته وكذا تيار الحوثي في صعده وما جاورها وفصائل الحراك الجنوبي وخاصة ‏الفصيل العنيف الذي يطالب بفك الارتباط بالقوة.. وجميعهم لهم العديد من المطالب لدى هادي ‏إلا أن جميعهم يستخدم وسائل الضغط (الابتزاز) للإسراع بإنجازها اذ أن كل طرف فيهم يصر ‏أن الاولوية لمطالبه وحقوقه في ظل قدرات محدودة للدولة، نعم هناك أطراف تضغط على ‏هادي لدورها في الثورة التي أوصلته لكرسي الحكم وتفرض رؤيتها في المحاصصة وأطراف ‏أخرى بالضغط عليه بأعمال بتصعيد أعمال الفوضى والتخريب وأخرى ثالثة بالحشود ‏والاعتصامات ورابعة برفع شعارات حقوق الجرحى والوفاء لدماء الشهداء الزكية وأرواحهم ‏الطاهرة وأخرى لدورها في الحماية والمناصرة، كما أن هناك قوى الثورة المضادة المختلفة من ‏الفاسدين ورموز العهد السابق وغيرها تضغط عليه تارة بالمناورة وأخرى بالتمسيك بمواقعها ‏القديمة ورفض الشرعية الجديدة إلا أن تفرض شروطها بقبولها للإزاحة ويتم ترضيتها بأموال ‏طائلة من الخزينة العامة والشعب يعاني من ضنك العيش وسوء الخدمات وتضخم الاسعار وهذه ‏تحديدا هي أبرز أخطاء هادي التي تؤخذ عليه !؟.‏

إذا كان ولا بد من صرف تلك الأموال الطائلة لمواجهة قرارات الإزاحة للقيادات العسكرية ‏والمدنية بناءً على بنود المبادرة الأممية ولإنجاز عملية التغيير الجارية في البلد فلماذا لا يتم ‏مواجهتها من مصادر خارجية تغطيها الدول العشر الراعية للانتقال السلمي للسلطة؟. ‏
وهادي يبتز الجميع.. : فهوا يبتز جميع الفرقاء في الساحة الوطنية مستغلا الصراع وعدم ‏الثقة بين فرقاء الأمس وكذا الخلاف والتناقض بين شركاء الأمس في الثورة والتغيير اللذين ‏أصبحوا هم أيضا فرقاء اليوم لكلا منهم وتوجهاته وأولوياته المختلفة وهي القوى صاحبة ‏المصلحة الحقيقية في التغيير إلا أن هادي هو صاحب الشرعية التوافقية وهو من يصدر ‏القرارات ويوقع عليها !؟ ‏

بينما كان يفترض انها شرعية الواقع الثوري الجديد الذي لا وجود فيه للرؤى القديمة للنظام ‏السابق التي أفسدت الحياة السياسية والاقتصادية لثلاثين عام مضت، وهو يضغط على الشعب ‏اجمالا بعدم مغادرته نهائيا المربع القديم للنظام السابق باتجاه الانحياز الكامل للكادحين ومراعاة ‏مصالح أهله وأسرته الكبيرة (اليمن) ليتقوقع على نفسه وينغلق في أسرته الصغيرة في الستين ‏وقريته (ذكين الوضيع ) ويختزل الشعب اليمني بأكمله بأعداد قليلة من المجموعات والتكتلات ‏والأفراد، وأولئك النفر مهما بلغت أهميتهم وقوتهم وتأثيرهم فلا يعني ذلك تمثيلهم للشعب بأكمله ‏ومصالحه كافة، بل انه يكاد لا يغادر اسرته الصغيرة (بيت المارمي ) في هذا الجانب، نعم هو ‏يصادر وطن بحجم وكبر اليمن ويختزله بقرية صغيرة فيه تدعى ذكين !؟ ‏

ويظل يحكم (تحت تأثير مخاوف كامنة فيه دون مبرر يذكر) بمضمون وأسلوب العهد القديم ‏الذي تأثر بهِ أيما تأثير (كما يقول انصار العهد السابق نكاية بالثوار الشباب) أو كما قال لي ‏شاب ثائر من الساحات في عهد قريب (هل هي ديمه خلفنا بابها؟)، وفي ذلك يقول الشباب ‏الثائر ايضا (نريد الرئيس هادي أن يكون هو الأصل الذي يقود التوجه والعهد الجديد ويهدي ‏المسير إلى الأفاق الرحبة للثورة ولا يكون نسخة مقلدة من النظام السابق لأن العادة جرت أن ‏يكون الأصل دائما هو الأفضل من التقليد وفي كل الظروف والمناسبات ولا عزاء أو مستقبل ‏للمقلدين في اليمن الحر الجديد ).‏

والجميع يبتزهُ: مثل بعض الأطراف بفعاليات الحراك الجنوبي التي تصعد أو تخفف من ‏نشاطها حسب شروط وأليات العرض والطلب وتمويل فعالياتها، هي العوامل المؤججة التي ‏تحكم سوق الارتزاق والمقايضة التي تبتز رغبة هادي في حرصه الشديد على حضور شعب ‏الجنوب وتمثيله له في تواجده في حضرة ومقام اليمن الكبير وتناسى هادي انه الوطن الذي قال ‏فيه المولى عز وجل أنها بلدة طيبة ورب غفور قال الله تعالى: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية ‏جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور (15) فأعرضوا ‏فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ‏‏(16) وليس في ذلك أدنى دلالة للغة ترهيب أو وعيد بل هو العتاب والاشارة إلى الجحود ‏والنفاق من البعض، والأهم هنا هو التوجه الصادق والنية في العمل أما عن أطماع الثروة فهي ‏متوفرة في الشمال أكثر من الجنوب في جوف الجوف ومارب الذي يحتوي على ثلث مخزون ‏العالم الاستراتيجي من النفط والغاز وثروات الذهب والمعادن في حجة والمحويت ومحافظة ‏صنعاء وكل شيء متوفر من الثروة في الباطن إلى المزايا في الظاهر، موقع متميز وممر مائي ‏متحكم وطبيعة آسرة وخلابة وجاذبة لموارد السياحة والزراعة في اب وذمار والحديدة الخ، أم ‏أن المطلوب هو مندوب سامي يضرب على ايدي الجميع ورؤوسهم؟.‏

عن أسرة عفاش: العميد أحمد علي ليس بمتمرد على الشرعية القائمة ولا يرفض القرار ‏الأخير بتعيينه سفير (وكذلك والده )للأسباب المسربة عن عمد والمعلنة عن قصد، هو لا يخشى ‏النفي أو أنه يريد البقاء في الداخل حتى يتمكن من الاعداد لانتخابات 2014م الرئاسية..الخ، ‏فذلك أبعد ما يكون عن تفكيره وكل ذلك وهم وسراب وأسرة صالح هي أول من يعلمه ولكن ‏السبب الحقيقي والخفي للتردد في السفر والتنفيذ هو الخوف الذي يكمن في نوع أخر من ‏المظاهر وهو ( الخوف من أن ينفض الجمع من حوله..ويغادرهم الحلفاء المصلحيين والمؤيدين ‏القدامى والجدد عن الآمال الموؤدة باتجاه العهد الجديد المنتصر كما فعلوا في يوم ‏‏(21مارش2011م ) ذلك اليوم الذي بتداعياته المتسارعة والمخيفة ترك أثرا بالغا في النفوس ‏ومازال يشكل كابوس مرعب يخيم على احلام اليقظة والمنام لأسرة عفاش.‏

هذه الثورة يا سيادة الرئيس.. أعمق، وأجمل، وأعظم من أن تختزل بمجرد تغيير حاكم.‏
أخي الرئيس: هذه الثورة وعملية التغيير هي التي جاءت بكم إلى سدة الحكم وكرسي الرئاسة ‏ولا بد لكم أن تعوا ذلك جيدا حتى تتمكنوا من تحديد توجهاتكم بدقة ومن الالتزام والايفاء بالأمانة ‏التي قبلتم ان تتحملوا أعباها بكل شرف وشجاعة، لذلك يأُخذ عليكم من شباب الساحات ‏وأحرارها استجراركم لأسلوب صالح في الحكم وفي الخطاب والاداء مع أنكم رئيس توافقي ‏انتقالي إلا أن من يرصد أدائكم للفترة الماضية يلاحظ أن العمل من اجل التمديد يأخذ الكثير من ‏جهدكم ووقتكم الذي يفترض ان يكرس لصالح الشعب في التخفيف من معاناته في ظل عدم ‏توفر الخدمات الأساسية التي بغيابها ينتفي العيش الكريم فما بالكم ببقية الحقوق 1؟ - فنهج ‏التمديد هنا يعادل أخطاء التوريث في عهد صالح – كما يلاحظ تدخل أبنائكم ناصر وجلال في ‏اعمال الحكومة وشؤون الحكم وتسيير شؤون الدولة وربما يكون ذلك أحيانا بتفويض منكم ‏خارج القانون وذلك يتنافى مع مواد الدستور وصلاحياتكم المخولة بموجب المبادرة الأممية ‏واليتها المزمنة لانتقال السلطة كما أنه يشكل مساس بالحقوق الإنسانية والوظيفية للأخرين؟ ‏وهي ايضا ذات الأخطاء الجسيمة للعهد السابق!؟

‏ يستنتج من ذلك وغيرها من الاجراءات المتخذة من قبلكم دون اصدار مراسيم قانونية معلنة ‏بها مثل تعيين أحد أبنائكم في قيادة الحرس الخاص وتكليف نجلكم جلال بالتواصل مع الوزراء ‏والمسؤولين في الدولة ليأمر وينهي دون أن يكون ذي صفة ! فذلك أمر جلل ينبى بالسوء مبكرا ‏على غير نهج سلفكم الذي لم يقدم على عمل كهذا إلا متأخرا بعد أن تم إفساده في هذا ‏الخصوص من بطانة السوء.. فهل بكًرة بطانتكم في فعل ذلك؟ وكان الأجدر بكم تعيين نائب لكم ‏أو أكثر ويفضل أن يكون من المحافظات الشمالية حتى تتوازن طرفي المعادلة وفي ذلك تتجسد ‏كثير من المصالح العامة ويتعزز أمن الوطن وأمنكم الشخصي حيث أن تحقيق ذلك يمنع ‏المغامرين من استهدافكم لغرض افشال الانتقال السلمي للسلطة من خلال ايجاد فراغ دستوري ‏في البلد بغياب الرئيس.‏

لابد لنا ان نشاهد ونلمس بناء نظام جديد شفاف في تعامله مع الشعب وعادل في حكمه لليمن ‏يبني الوطن ويرفع من شأنه عاليا ويعزز اللحمة الوطنية بين ابنائه وإلا فليقل لنا هادي لماذا ‏قامت الثورة ولم يتم التغيير المطلوب، الثورة اليمنية التي انطلقت الإرهاصات الأولى لها في ‏مطلع فبراير 2011م والتي خرج الشعب اليمني في جميع ساحات اليمن للمطالبة بإسقاط النظام ‏السابق والسعي إلى تحقيق طموحات الشعب وأهدافهم في بناء اليمن الجديد لم تنجز لاستبدال ‏شخص بأخر (وليس من أجل تغيير الرئيس صالح أو هيكلة الجيش فحسب وانما لكسر حاجز ‏الخوف و الصمت.. الخوف من الخروج للشارع و الخوف من الكلام ومن الرفض والخوف من ‏مواجهة الطاغوت والظلم وإشاعة ممارسة الحرية والديمقراطية الحقة، الحرية في أن يقول ‏الشعب كلمته أن يقول لا للحاكم المستبد دون تردد أوجل وهي فكرة الرفض، التي كانت ‏مرفوضه في السائد من الثقافة سواءً في البيت أو في أعلى السلطة السياسية، أن الأهم هو ‏رفض ثقافة القمع و التجاهل والثورة عليها، أن الثورة هي الحدث الأبرز والغير مألوف من ‏سابق.)‏

هناك قضية المحاصصة في التعيينات بشكلها الحالي المبتذل الذي لا يراعي الاقدمية والكفاءة ‏إلا أنني مع قانون التدوير الوظيفي كما أنني مع القوى الثورية الجديدة التي قامت بالثورة ‏وحملت أعبائها والقوى التي ساندتها وانتصرت لها والتي يجب أن تعمل على الدفع بأفضل ‏كفاءاتها الفنية والادارية (وليست السياسية فقط) وكوادرها المؤهلة والقادرة على الانتاج ‏والأبداع المهني إلى مستويات الادارة العليا لتتم المواجهة الفعلية مع الواقع القديم المعقد والعمل ‏على تغييره وتتمكن من إرساء دعائم ومداميك العهد الجديد وتقديم نموذج افضل وصورة اجمل ‏له عن العهد القديم كونها صاحبة المصلحة الحقيقية في صناعة ذلك التغيير وهي الأجدر لتحقيق ‏الاهداف السامية للثورة وبناء المجتمع المدني والحديث، نعم أولئك هم من سيسعى لبناء مجد ‏الوطن ورفاهية لأن المعطيات والحقائق في الواقع المعاش تقول بهذه النتائج، بينما توجهات ‏هادي التوافقية (التي تساوي في الوقت الحالي بين الضحية والجلاد) لم تقدم حتى الأن جديدا في ‏هذا الجانب تؤهله لقيادة التغيير القادم وقيادة الوطن نحوا الغد الأفضل (وكما هي المقدمات ‏تكون النتائج).‏

أنني أقر واعترف بكل الفخر والاعتزاز بأنني من المدمنين للاستماع لاحاديث الثائر حميد حد ‏التكرار والاعادة ومن المعجبين بشجاعته واقدامه على مواجهة الطاغية (وهو ذلك الملياردير ‏الغني عن المواجهة والصدام) منذُ أن أعلن ثورته العلنية والصريحة في وقت مبكر من الزمن ‏سبق فيه الجميع (من نخب وأفراد ومنظمات واحزاب وهيئات وقادة سياسيين وعسكريين ‏ومدنيين ونشطاء مجتمع مدني عامة) وعبر شاشات القنوات الفضائية العالمية والمقابلات ‏الصحفية ولم يكتفي بالمواجهة والنقد في الكواليس وحديث المقايل كما يحلوا لبعضنا أن يفعل.‏

ولمن لا يعلم فان اللواء الجائفي هو أكثر الضباط في الجيش اليمني مهنية وانضباط وهو أحد ‏أهم الأبطال الحقيقين لمجريات حرب 1994م وهو ايضا صمام أمان القرارات الأخيرة والفترة ‏القادمة بأذن الله وتعلق عليه الآمال مع رفاقه العظام للانتصار لأحلام الكادحين في الوطن.‏

لماذا إعطاء كل هذه الأهمية للحوار في وثائق وأدبيات المبادرة الاممية الخليجية وربط مصير ‏ومستقبل اليمن بمقرراته فقط؟ دون وضع البدائل الأخرى للعلاج؟ولمخاطر ذلك المسار الوحيد ‏دعونا نطالب أن يكون الحوار بمن حضر حتى لا تمارس بعض القوى الانتهازية مزيد من ‏الابتزاز لليمن وأهله..الحوار بمن يحضر حبا ووفاءً لليمن وشعبها الحوار لمن يرغب في ‏التأسيس لليمن القادم الحديث المزدهر، ودعونا نقول ان الحضور طوعي و تطوعي وبدون ‏مقابل مادي أو معنوي وسنرى حينها كيف ينصرف عن الحوار المدعين بالشعارات الزائفة ‏والمتهافتين على موائد المؤتمر العامرة ودولاراته الجاذبة ويبحثون عن أعذار واهية لتبرير ‏الانسحاب المفاجئ كما يفعل حاليا الصريمة ومن تبعه ووالاه..‏

كما نرى أن الأفضل للرئيس هادي ولنا أن يركن لغالبية قوى المجتمع المدني (الفئة الصامتة ‏‏) التي يمكن لها ان تكون فاعلة أن هو أحسن التعامل معها وعمل على نهضتها سعياً لتحقيق ‏مطالبها في الغد الأفضل وبناء الدولة اليمنية الحديثة دولة المؤسسات والقانون..عوضا عن ‏التقرب للأفراد والنخب الأنانية والخضوع لابتزازها.‏

لست من أنصار باسندوة ولا تربطني به أي علاقة من أي نوع لاعن قريب أو بعيد ولكن هل ‏المطالبة بإزاحته وحكومته هو رغبة وتوجه رئاسي أم هي ضغوطات عفاشية من قوى الماضي ‏والفساد المتربصة بهِ ثم اليس هو من عانى ويعاني (أكثر من غيره) من أعباء التركة الثقيلة ‏وكذا المواجهات الحتمية مع الغوغائية المدفوعة من قوى الثورة المضادة والمعروفة لدينا جميعا ‏والتي تراهن على افشال عهد هادي في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة، نعتقد أن الأجدر بهادي ‏تعزيز الحكومة القائمة بنائبين لرئيس الوزراء يِعينوه على أعباء أعمال ومهام الحكومة في ‏الجوانب الداخلية والخارجية.‏

‏ معظم المراقبين الداخليين والخارجيين لاحظوا ذلك الأسلوب الرفيع لهادي الذي تميز به ‏وأبدع فيه وهو أسلوب التسريبات الاعلامية كوسيلة فاعلة وناجعة لتوصيل رسائل خاصة ‏للداخل والخارج بعضها محذرة وأخرى للتطمين إلا أنني أكثر إعجابا بما يلي تلك الرسائل من ‏سلوك مهذب و نبيل وراقي لهادي في نفيه لصحة تلك التسريبات فهوا لا يهدف من تلك ‏الرسائل (خاصة المحذرة منها ) توجيه أي اهانات شخصية للأفراد بل التنبيه والتحذير من ‏تصرفات متشنجة ومغامرة يراد لها أن تلحق أكبر الأضرار بالوطن وأهله كما أن لها تبعات ‏خطيرة لذلك تجدهُ بعد أن تحقق تلك الرسائل مبتغاها يحرص على نفيها بتسريبات اخرى لجبر ‏الأضرار المحتملة وتطييب الخاطر، فلا كيد ولا ضغائن ولا مؤامرات ولا إقصاء أو تغييب ‏مادي أو معنوي للأخر كما كانوا يفعلون بخصومهم في العهود الماضية المليئة بالمؤامرات ‏والدسائس، أنه جهاد النفس في عدم التشفي والانتقام، وحسنا فعل.‏

‏• هذه الثورة يا فخامة الرئيس.. أعمق، وأجمل، وأعظم من ان تختزل بمجرد تغيير حاكم.‏

زر الذهاب إلى الأعلى