أرشيف الرأي

الوحدة.. دعوة للتأمل

الوحدة قيمة إيجابية فعّالة، مصدر قوة ومنهل تقدم وركوة عزة وينبوع فخار .قِبلة للإنسانية ‏لتحقق التكامل والتعاضد في مواجهة التحديات ولتحقيق كبير التطلعات، مشاعر تلتقي وقلوب ‏تتحد وعقول تتكامل وسواعد تحتشد وبصائر ترتقي.‏

الوحدة إرادة البقاء والنماء، مقصد ومدخل لمزيد التقدم والرخاء، إنها كبرياء الوطن والمبدأ ‏ومصدر فخاره وشارة عزه وسؤدده. تعزيزها ضمانة لمستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً .‏

الوحدة حيوية مُضافة إلى الكيان الجمعي، بريق مُضاف للمبدأ والوجهة، تسريع لإدراك ‏الحاجات وتحقيق الغايات الجمعية، امتلاك فرصة أفضل لمصادقة المستقبل ومحالفة الظفر .‏

الوحدة توحيد للتطلع وللعزم وللإرادة وللتوجه وللعمل، إنها تمتين للجهد وتعزيز للقدرة، ‏اتساع في الممكن وتوسع في المُتاح.الوحدة جمع جدير بالانتصار الملحمي في مواجهة الطرح ‏والقسمة والضرب.‏

يؤيدها ويسعى من اجلها الراشد من الناس، ويحتفظ لها بالمشاعر الجيّاشة الإنسان السوي. ‏الوحدة عنوان للحب والسماحة والنقاء والصفاء، سيماء للأنفس الودودة والعقول الراجحة، دليل ‏للرشد والنضج .‏

وقد لا تسلم الوحدة رغم من أنها بهذه المثابة والمكانة والجلال ممن يشوّهها في قيمتها، يفعل ‏ذلك الأنانيون الذين لا يترددون في التضحية بمصالح المجموع من اجل مصلحتهم الأنانية متى ‏ما سنحت لهم الفرصة، بل ويسعون إلى خلق الجو الذي يمكنهم من هذا العمل الشائن، ويشوّه ‏الوحدة من يجد زعامته بأن يتفرق المتحدون فيصبح هو بطبيعة الحال الرأس الذي لم يكن أو ‏الذي كان .‏

يُعادي الوحدة صاحب الروح الأنانية، إنّه معول لهدم بنيانها، و لذا ينبغي الأخذ على يديه، ‏إنّه لا فرد أكبر من المجموع ولا أنانيته ونرجسيته مقدمة على مصلحة المجموع المتحد . ‏ويتآمر عليها الضائق ذرعاً بحيوية المتحدين وقوة المتوحدين ومُتاحهم الخصب لمزيد حضور ‏وتأثير وكبرياء.‏

الوحدة وجود والتفرّق عدم، وجود للمعدوم وحفاظ على الموجود في الإجتماع الإنساني على ‏وجه التحديد، و عدم للموجود وحفاظ على العدم غير الموجود. الوحدة وثبة عز ومنعة وتمكين، ‏الوحدة قاطرة سؤدد يتجدد .‏

ولا يستطيع اهل التفرّق البتة ان يثبتوا انهم اهل وحدة وتوحد وتوحيد ما خلا الزعم المستند ‏ إلى زُخرف القول وربما العمل الذي فارقت صاحبه ديمومة استمرار روحية الجوهر ‏الوحدوي.الوحدة قوة ومزيدها مزيد قوة، والتفرق ضعف ووهن وانتهاء .‏
الوحدة إضافة إلى قوة المجموع لا قوة الفرد، وحينما ينظر اليها الفرد الزعيم انها مهمة بقدر ‏ما بقي زعيماً للمجموع المتحد فانه فاقد لحقيقة الروح الوحدوية .‏

الوحدوية صفة لامعة لأصحابها المخلصين الذين صدقوها الحب والعزم والعمل، ‏والانفصالية صفة مُشينة لأصحابها المنغمسين في مصالحهم الأنانية الغائبين عن مصلحة ‏المجموع وشارة عزه وضمانة حضوره ومستقبله بالمجد والنماء والرفعة والفخار .‏

في غياب الوحدة يكون المهم تحقيقها، وفي حضورها تتوخى روحها في كل الأعمال ‏الحكومية والتدابير الوطنية، وفي حال تهديدها تكون حمايتها هي الأهم .‏

قد يكون باعث الوحدة عقيدة أو مبدأ أو عمل أو مصلحة، وقد يكون الاتحاد بين دول أو ‏مؤسسات أو جماعات أو احزاب .وقد تكون الوحدة مجالية : اقتصادية أو سياسية أو عسكرية ‏أو تعليمية أو ثقافية أو تجارية أو علمية .وقد يحتفظ كل بشخصيته ولكن يتم توحيد التوجه ‏والعمل والجهد والتطلع والمسعى وقد يذوبان في بعض ليشكلا شخصية اعتبارية واحدة .وقد ‏تحدث الوحدة بموافقة واختيار قيادة المتحدين كما توحد شطرا اليمن، وقد تُحقق القوة الوحدة ‏ليتمكن اصحاب المصلحة الحقة في الوحدة قادرين، أو اقدر، على مواجهة التحديات الماثلة ‏والمتوقعة مستقبلاً كما وحد صلاح الدين الايوبي الامارات العربية المتنازعة لمواجهة العدو ‏المتغلّب أو المتربص .‏

زر الذهاب إلى الأعلى