[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

جماعة شرعية البيض .. مرة اخرى!!!‎

كنت في الأسابيع الماضية هدفا لسهام بعض المنظرين الذين ما زالوا عائشين بمتعة غريبة في عصور ما قبل تحرر العقل والروح الإنسانية, كنت هدفا لبعض ممن اعتادوا لمواجهة مشاكلهم الاعتماد على وسائل قديمة بقدم ثقافتهم التي تجعلهم متحفزين بمجرد أن يبلغ مسامعهم (نقدا)أو (تقييما) يصدر من هنا أو هناك لتصحيح أي اعوجاج أو لتوضيح أي (خفية) يراد بها الإضرار بالآخر فتراهم يهبوا جميعا وكأنهم موثوقون إلى سلسلة بمجرد ما يشدها من بيده طرفها يستشعر الجميع الخطر ويتهيأ الجميع للانقضاض على القول الذي لا يناسب هواهم حتى وان كان هذا القول سيخرجهم من ظلام ثقافتهم إلى نور ما تصبو إلية وتقوم من اجله كل النضالات الإنسانية وهي (الحرية)!!

ثارت الثائرة عند هؤلاء الوطنيين لدرجة (إقصاء الآخر) ليس لأنني هاجمت الأهداف الجنوبية العليا ولا لأنني دعوت للمضي إلى حيث الانتقاص من الأهداف الجنوبية ولا لأنني قررت التنازل عن جنوبيتي مقابل سفره سياحية إلى ضفاف (النيل) أو مرابع (الضاحية الجنوبية ) ولو أنني اجترحت كل ذلك لما ثاروا مطلقا فهذه الأسباب تافهة بالنسبة لثقافة هؤلاء وليست مؤثره على مسار قضية الجنوب ولا يرون فيها أي خطر على أي مسار من مسارات نضالنا الجنوبي حتى وان سار في طريقها كل أبناء الجنوب , وإنما ثارة ثائرة هؤلاء لأنني قد تجاوزت الخطوط الحمراء لعبادة وتمجيد الأفراد جاءت لأنني اقتربت دون المرور عبرهم إلى(( سواعهم , ويغوثهم , ونسرهم )) وتجرأت وخالفت (ثوابت) ثقا فتهم وتبعيتهم العمياء وكتبت موضوعان الأول بعنوان (جماعة شرعية البيض (Onliحذرت فيه من مخاطر ما تقوم به جماعة السيد علي سالم البيض الذين يتحدثون باسمه ويتعيشون على(أجور) رفع صوره التي باتت وظيفة من لا وظيفة له وبات شقاتها أكثر من الهم على القلب, وقلت أن الأجدر بأبناء الجنوب الإمعان في التفكير في إيجاد وسيلة نضالية لا تدعو للتبعية ولكن لخدمة القضية الجنوبية وأهدافها في التحرير والاستقلال وأن لا ينشغلوا بالتفكير والتخطيط لكيفية رسم ملامح صور السيد علي البيض ولا في كيفية فرضها (بالبلطجة) على منصات ساحات النضال الجنوبية ولا في الوسائل التي سيوظفونها لتحقيق اكبر مساحة تتواجد وتنتشر فيها هذه الرسومات والصور!!

أما الموضوع الثاني فقد كان بعنوان (توظيف الخطاب الثوري لخدمة شرعية الحكم عند جماعة البيض) وقد أوردت في سياقه وبالدليل ما ذهبت إليه تلك الجماعة في وثيقتها النقاط (16) التي تقدمت بها إلى لجنة الحوار الجنوبية وأظهرت مدى خطورة الاشتراطات والإملاء آت من طرف على طرف آخر على مستقبل الجنوب القادم الذي ينشده أبناء الجنوب والذي يأملون أن يكون جنوبا فيدراليا ديمقراطيا تعدديا يستوعب كل أبنائه ويتجاوز تجارب الحكم الفاشلة في الماضي , ويبدو أن سر جماعة البيض (باتع) على حد قول أخوتنا في مصر العروبة , فقد بدأت ظواهر الغضب تطفوا على شاطئ السلوكيات وأولى الثمار (العلقم) لذلك الغضب (محاربة) ما نكتبه وعدم التعاطي معه من قبل بعض (الصحف الورقية) المهتمة بالشأن الجنوبي والتي اكتفى ملاك بعضها بنشر مقالنا الأخير عبر المواقع الالكترونية التابعة لهم وأحجموا عن نشره في صحفهم الورقية التي تصل إلى الشارع و إلى أيدي الثوار من أبناء الجنوب , ورفضه البعض الآخر نهائيا دون إبداء الأسباب والتي لا أظن أن وراءها أي تلك ( الأسباب) أهدافا سامية كما يحاول البعض الادعاء والتسويق لذلك فالموضوع بما يحمله يظهر حقائق لا يريد البعض أن تصل إلى أبناء الجنوب في الساحات خوفا من أن تصلهم حقيقة ما يدور وأن الثورة الجنوبية قد انحدرت من مرحلة التحرير والمطالبة بالحق المسلوب إلى مرحلة ( التنصيب) والصراع على من سيمتلك الجنوب القادم؟؟

مرة أخرى اذكر بأن مقالاتي حول سلوكيات السيد علي سالم البيض وجماعته لم يعد طريقها سالكا إلى الصحف التي تدعي الجنوبية لأسباب في اغلبها ذاتية فليعذرني القراء الأعزاء , وهذا هو المقال الثاني الذي أتوقع أن لا يصل إلى ثوار الجنوب في الساحات ولا تتاح لهم الفرصة للاطلاع عليه لأسباب في حقيقتها شبيهه بتلك الأسباب والمبررات التي كانت بمثابة (بوابة الزنزانة) الذي قبعنا خلفها ما يقارب ربع قرن من الزمان والتي طالما رددها وكررها ( قادة الجنوب الاشتراكيين) في خطابهم ليمارسوا على شعب الجنوب اكبر عملية استغفال وغسيل للمخ لم يواجهها أي شعب آخر!!

من اشد المرارات التي يواجهها الإنسان أن يكتشف بعد مضي عمره انه كان مستغفلا ممن منحهم الثقة وأسلمهم مصيره ومصير أبناءه , والأشد من ذلك مرارة هو إصرار من استغفلوه على غيهم وظلمهم واستمرارهم في ممارسة عاداتهم القبيحة والسيئة في التعاطي مع القضايا المتعلقة بحياة هذا الإنسان , وهذا ما يواجهه أبناء الجنوب اليوم جراء تصرفات من يصرون على أنهم قادة الجنوب الشرعيون , وأنني وأبناء الجنوب لنتذكر جيدا بعض تلك المبررات السمجة التي لا لون لها ولا منطق تستند عليه والتي كانت دائما ما تظهر في وجه من يحاول أن يقيم الأوضاع أو ينتقد أي سلوكيات سياسية خاطئة ك ( الحفاظ على التجربة الوليدة) والتي اكتشفنا كجنوبيين في عام 1990م هشاشة تلك المقولة بل وأدركنا حقيقة أن لا تجربة وليدة لدينا ولا دولة ولا غيرها وهو ما أكده الانهيار السريع ل ج . ي . د . ش في أول مواجهه مع ج. ع. ي كما أن سقوط قيادة ج. ي. د . ش أمام المغريات التي انهالت عليها من الداخل ( دولة العقيد علي عبد الله صالح) ومن الإقليم (بلاد الرافدين والحجاز) وغيرها أكدت أن لا قيادة أيضا كانت لدينا!!

اليوم باب الزنزانة تغير لون طلاءه ولم تتغير بشاعة قضبانه ولا رسالته الأبدية التي يحملها والتي تريد المضي بنا كجنوبيين إلى حالة من غياب الإدراك والوعي بما يدور حولنا ومبررات اليوم التي يتم على ضوءها إعدام وجهات النظر ومصادرة حق أصحابها في وصولها إلى عامة الناس هي صنو مبررات الأمس ف ( الحفاظ على وحدة الصف الجنوبي!!!) هي الأخت الشقيقة ل ( الحفاظ على التجربة الوليدة) وهي مكاسب شبيهه يبعضها تقودنا كجنوبيين للتسليم لسيد فشل في أن يكون سيدا على آل بيته , وهي جميعا تضاف إليهما أخواتهما من المبررات عبارة عن مكتسبات حلمنا بتحقيقها ولكنها لم تتحقق على الواقع فلا تجربة لدينا ولدت في زمن جمهوريتنا ج. ي. د. ش. ولا وحدة للصف الجنوبي تحققت اليوم وهذا ما يؤكده خطاب وسلوكيات المتصارعين وأدواتهم !!!
ختاما أتمنى أن يدرك الأخوة في جماعة السيد البيض أن العودة للقبول بالآخر والتعاطي مع مبدأ التوافق هو طوق النجاة لأبناء الجنوب جميعا وهو سفينة الإبحار التي ستوصل الجنوب إلى بر التطور والرقي وقبلهما الاستقرار والأمن وان كل ذلك هو الأقرب والأفضل من التمترس خلف الشطحات الغير عقلانية ومحاربة الحق
كما أتمنى أن نرى صحافة جنوبية حقيقية تحترم وجهات النظر وتبتعد عن التقييمات الشخصية التي تصادر حق أصحاب تلك الآراء في التعبير عن أنفسهم, ولا احلم أبدا أن أرى صحافة مطوقة بالقيود ومشروطة يحدد شروطها تيارا أو اتجاها أو شخص بعينه , أو صحافة خاضعة ( للبلطجة) السياسية وسياسة تكميم الأفواه !!

بعد الختام أتمنى أن يتم الإفراج عن مقالنا السابق (توظيف الخطاب الثوري لخدمة شرعية الحكم عند جماعة البيض) وان يجد طريقه إلى النشر ويلقى حقه في الوصول إلى متناول مناضلي الثورة الجنوبية لنثبت للعالم وقبله لأنفسنا أننا امة قادرة على إقامة دولة تحترم الاختلاف وتمارس الديمقراطية ولا تصادر حق الآخر في التعبير , كما أتمنى أن لا يكون مصير مقالنا هذا كمصير ما قبله !!!

زر الذهاب إلى الأعلى