هل نصر طه مصطفى هو المسؤول الأوحد على تعيين معاذ بجاش في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة؟..قد يكون من المنطقي البحث عن أكثر من مشارك في اتخاذ القرار، فالقرار جمهوري وليس من السهل أن ينطلي على رئيس الجمهورية وطاقمه الرفيع.
الحملة الشرسة التي قادها الكثير من زملاء المهنة من الصحفيين وبعض الناشطين ورموز كبيرة لها ثقلها وحجمها في الإعلام ضد نصر طه مصطفى كان لها مبرر أن تعيين معاذ بجاش وكيلا لقطاع الرقابة والمحاسبة، كون بجاش كان مديرا لمكتب نصر في وكالة الأنباء اليمنية سبأ.
حسنا سنقول أن الحملة كانت ضد القرار باعتبار أن بجاش غير مؤهل لتحمل مسؤولية ذلك القرار، لكن ما لم أفهمه هو الاستهداف الشخصي الزائد لنصر طه وإرجاع الكثير من القرارات والأخطاء التي حدثت في السابق وكأنه المسؤول الأول عنها.
كلنا كنا ضد القرار لكن غير المنطقي أن نُستدرج إلى شن تلك الحملات الشرسة التي خرجت عن منطق أدب التوجيه والترشيد والنقد، لدرجة أن بعض الزملاء أوغل في الخصومة وبدأ يطلق المصطلحات والألقاب شديدة الوطأة على الرجل، ما يجعلني أشك أن تلك الحملة كانت موجهة ضد نصر طه وليس ضد القرار الذي قيل إنه أتخذه.
لا أدري من أين جاءت هذه الشجاعة الثورية والتفاني في نقد قرار واحد من بين عشرات القرارات التي تم اتخاذها منذ تشكيل حكومة الوفاق والتي لم تكن موفقة وكان مسطري فصولها من فلول النظام السابق والمستفيدين من الثورة، وبمجرد إصدار القرار الأخير طارت حمى الثوريين الخائفين على مصالح البلاد وبدأت السكاكين تقطع في جلد نصر حتى أصبحنا على رجل محفوف بالشبهات.
ليس عيبا أن يُخطئ المسؤول وليس عيبا أن يُنتقد ويقال له أخطأت، ونحن نقول أن نصر أخطأ فيما إذا كان هو الذي أصدر القرار، لكن العيب كل العيب أن نستخدم كل طاقاتنا من أجل استهداف الشخص لأغراض شخصية وعداوات سابقة لمجرد حصولنا على ثغرة نكيل بواسطتها التهم، ونسطر بها كلمات التوبيخ والفضح والإيغال في التهكم على ذلك المسؤول.
استمرار استهداف نصر طه غير مبرر، وليس له سبب سوى أن يكون استهداف شخصي لأسباب شخصية كيدية للنيل من شخص نصر طه مصطفى.
لست هنا من ضمن حملة الدفاع عن نصر ولست مقربا منه، وعلاقتي به لم تتعد التقاط صورة تذكارية أيام ما بعد الثورة الشبابية في هامش مؤتمر مركز أبعاد للدراسات قبل أن يتم تعيينه بالرئاسة لأشهر.
شخصيا بعد إلغاء قرار تعيين معاذ بجاش زاد احترامي للرئيس هادي ومكتب الرئاسة، وكما هاجمنا قرار تعيين بجاش فعلينا أن نشيد بقرار معالجة الخطأ، وأن ندعوا إلى عدم تكراره.
إن من العدل والإنصاف أن ننتقد الأفعال والتصرفات لا الأشخاص، فليس من النقد أن نكيل كل تلك التهم بدون أي أدلة، لدرجة الوصول إلى استهداف شخص نصر وعائلته وأصوله العرقية وكيل ألقاب توصيفيه غير دقيقة على الرجل.
أعرف الكثير من الذين شنوا حملة التشوية ضد نصر كانوا من أوائل من امتدح قرار تعيينه في مكتب رئاسة الجمهورية، بل إن بعضهم حصلوا على مكاسب كثيرة بسبب وجود نصر طه في ذلك المكان، حتى أن صديقي محمد المقبلي الذي وصف القرار بالشللية، صعد إلى مؤتمر الحوار الوطني عبر الشللية نفسها.
الذي أقصده هنا أن ننتقد كل الأخطاء التي تحصل، لا أن نركز فقط على من نفترض أنهم أعداءنا التاريخيين من أجل الإمعان في القسوة عليهم ومحاكمتهم نيابة عن محاكمة فساد الآخرين الذين عجزنا عن نقدهم أو لا نريد ذلك.
الآن وبعد أن تم اتخاذ القرار في الإلغاء على الرئيس هادي ومدير مكتبه أن يتنبهوا إلى أن أي قرار آخر لا بد أن يأتي بعد الدراسة والتمحيص لا أن يدخل فيه عامل المحاباة والمجاملة، لأن إعادة إلغاء أي قرار جمهوري مرة أخرى يقضي على هيبة الدولة ويضر بقوتها.