[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

حملات التشويه ضد رموز التغيير.. نصر طه مصطفى نموذجا

من الطبيعي في ظل الأنظمة والمجتمعات الديمقراطية أن تصبح السلطة وقياداتها و قراراتها عرضة للانتقاد و التقييم .. وتكون المحصلة النهائية تصحيح المسار وتقويم الاعوجاج لنهج السلطة وطرائقها وسياساتها .

لكن مايحدث في اليمن بعد 11 فبراير 2011 من ممارسات نقدية وتقييمية للأداء الرسمي والحكومي يغلب عليه الميل نحو التركيز على الشق الثوري في السلطة ومايتصل به من قرارات وتحركات وسياسات بل وتعداه إلى السلوكيات والحياة الشخصية لممثلي ثورة التغيير في الحكومة في مختلف مستوياتها ومجالاتها العسكرية والأمنية والمدنية .

لا أرى غضاضة في أن تتوجه سهام النقد لأي شخص أيا كان اتجاهه أو ميوله لكني أجد أن من الغريب أن يكال كل هذا النقد والهجوم على شخصية مثل اللواء علي محسن الأحمر الذي لو قمنا بعملية إحصاء تحليلية لكل كميات المضمون الإعلامي في جميع وسائل الإعلام اليمنية لوجدناها تفوق بكثير كلما وجه من نقد وهجوم على الرئيس السابق ولعائلته الحاكمة مجتمعة التي قامت الثورة الشعبية السلمية للتحرر من سيطرتهم وفسادهم .

الرئيس باسندوه وصل الهجوم عليه وعلى شخصه حد السخرية والاستهزاء بالرغم من أننا نستطيع القول أن ماتحقق في عهده و تحت قيادته إصلاح الكثير من الأوضاع التي تدهورت في عهد الحكومات السابقة في فترة زمنية قصيرة وفي ظروف استثنائية معقدة .

وزراء التغيير وزير المالية صخر الوجيه ووزير الكهرباء الدكتور صالح سميع ووزير الداخلية الدكتور عبدالقادر قحطان نالهم من النقد والهجوم حظ وافر ووصل الأمر إلى الاختلاق والتدليس عليهم كما قيل عن الدكتور واعد باذيب وزير النقل الدي قيل عنه أنه يختلق قصة الاعتداءات ومحاولات الاغتيال التي تعرض لها ويؤجر أناسا للقيام بذلك .

وفي حكومتنا التي يقوم على رأس خارجيتها طبيب وعلى ماليتها شخصية عسكرية و على كهربائها أستاذ في القانون وعلى أوقافها عضو كشافة سابق وسفراؤها ودبلوماسيوها ضباط وقادة في الحرس الجمهوري والأمن القومي ..تناسى المهتمون كل هذا التناقض وتحركت سهام النقد لترفض قرار اختيار الزميل الإعلامي معاذ بجاش على كوكيل للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ، ومع تفهمي واحترامي لمنتقدي هذا القرار ومنطلقاتهم في ذلك ، إلا أن ما لا أفهمه هو هذه الحملة الظالمة التي نالت من الأستاذ نصر طه مصطفى مدير مكتب رئاسة الجمهورية ووصلت إلى حد الولوغ إلى شخصه ونزاهته ومواقفه الداعمة للثورة .

ذكر البعض بمواقف الأستاذ نصر طه مصطفى وعلاقته بالرئيس السابق متناسين أن كثيرا من المنضمين للثورة من الأحزاب والشخصيات وقيادات الدولة المدنية والعسكرية كانوا جزء من النظام السابق ، ولم يكن هناك أي تفكير أو توجه لتغيير الاوضاع داخل اليمن إلا من خلال النظام نفسه ولم يرد في تفكير أحد أن يكون التغيير بقلع النظام حتى من أعتى المعارضين حتر هبت رياح التغيير عبر ثورات الربيع العربي في تونس ومصر ووصلت هذه النسمات إلى ساحة التغيير في اليمن ، وكنت كغيري ممن يعرف نصر طه مصطفى نتوقع أن ينضم لقافلة الثورة وقد كنت راسلته بذلك فرد علي يؤكد أنه يبذل مساع لمنع تدهور الاوضاع وأنه لن يسكت في حال سقط النظام في دماء الشباب ..وقد صدق حين قدم استقالته صبيحة اليوم التالي لجمعة الكرامة وأعلن انضمامه للثورة قبل أن يقدم اللواء علي محسن استقالته وتنهال الاستقالات من كل صوب .

وكان لقلمه في دعم الثورة السلمية دور لاينكر أثره إلا مكابر ، إلى المستوى الذي استفز رأس النظام السابق وأرسل إليه رسالة تهديد على شكل رصاصة وضعت على جرس باب بيته .. التي كان أول من التقطها الدكتور الكباب الوزير الأسبق الذي دخل علينا وكنت حاضرا يومها ونحن في مجلس الاستاذ نصر وناوله إياها ؛ تلاها بعد ذلك اتصال طارق محمد صالح الذي انتشر خبره بعد ذلك .

لعب نصر طه مصطفى في الثورة الشعبية السلمية دورا لا يقل أهمية عن مقالاته المؤثرة ؛ وذلك من خلال نقل الثورة السلمية وأفكارها ومواقف شبابها الخالدة إلى النخبة السياسية والثقافية التي كان من الصعب عليها في ظل سطوة النظام الاقتراب من ساحة التغيير وفعالياتها ، من خلال سعيه لجمع تلك النخب المبعدة قسرا مع مجاميع مختلفة من شباب الساحات وإتاحة الفرصة لهؤلاء الشباب الرائع نشر افكار وطموحات شباب الثورة في خلق يمن جديد ، وبالفعل كسبت الثورة وشبابها تعاطفا كبيرا من قبل الكثير من النخب التي عبرت عن قناعاتها كل بطريقته الخاصة .

ظلت علاقته الوثيقة بشباب الثورة جزء من قناعته الراسخة التي كان يصرح بها كثيرا وعبر عنها من خلال رفضه للعديد من المناصب التي عرضت عليه لأنه يعتقد أنه صار لزاما عليه وعلى جيله أن يتراجعوا مفسحين للأجيال الواعدة الشابة ان تتقدم لقيادة الحياة .

فكرة تعيينه مديرا لمكتب رئاسة الجمهورية قد يعتبرها البعض مكسبا خارقا في حياته ، لكنه يراها نهاية لمسيرة حياته العامة إذ أنه في ظل دولة تتجه نحو ترسيخ النظام الديمقراطي و التداول السلمي للسلطة لايمكن أن يظل في منصبه إلا لفترة محددة قد تنتهي بقدوم الرئيس المنتخب القادم .

ومع ذلك بقيت قناعته الراسخة في أهمية تعزيز حضور شباب الثورة في جميع مراكز صنع القرار ..وقد كان ..حيث قام بتوظيف مجموعة من هؤلاء الشباب الحاملين للشهادات من مختلف التخصصات وعلى اختلاف مشاربهم وأطيافهم السياسية في محاولة منه لرفد أهم جهاز في الدولة بالمياة الجديدة الراغبة في التغيير ..وقد جلبت عليه هذه الخطوة الجريئة الكثير من الاتهامات والنقد والتجريح و التسطيح بالرغم من نبالة ومثالية القرار .

أصاب نصر طه مصطفى ما أصاب أمثاله من قبله من حملات للتجريح والنقد غير المسئول والتهويل لبعض القرارات والتوجهات التي تحتمل الأخذ والرد والرأي والرأي الآخر وتبقى في إطار الاجتهادات المشروعة .

ونسينا أن هناك فسادا ونهبا منظما للمال العام وتعيينات خارج نطاق العقل والبداهة فكيف بالنظام والقانون في كثير من مؤسسات الدولة ..ولكن نصر طه مصطفى ولا أحدا من رموز التغيير على رأسها ..!!

زر الذهاب إلى الأعلى