[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

هل يكون صالح أو ابنه أحمد رئيساً؟

المتابع لأحوال الدول العربية التي شملتها رياح الربيع العربي أو «السخام العربي» بحسب النتائج الماثلة على الأرض، إبتداءً من دول شمال افريقيا العربيات من تونس إلى ليبيا إلى مصر فاليمن، ومن قبل ما جرى وما زال يجري في بوابة الوطن العربي الشمالية في العراق وما يجري في سوريا قلب العروبة النابض، وصولاً أخيراً إلى البوابة الجنوبية للوطن العربي الممثلة بالسودان، والقنبلة الموقوتة التي انفجرت فيها ليل السبت - الأحد 4 أيار/ مايو الجاري في منطقة أبيي، بمقتل زعيم قبيلة دينكا نقوك الافريقية في منطقة كوال دينغ ماجوك على أيدي قبيلة المسيرية العربية صاحبة هذا الاقليم بعد تعدي دينغ ماجوك للمرة الثالثة بمرافقة قوات الأمم المتحدة من الكتيبة الأثيوبية لانتهاك حدود أراضي قبيلة المسيرية. بالطبع الأمر خطير وقد يجر إلى مواجهات أصعب من المواجهات في جنوب كردفان مع الجبهة الشعبية/ شمال، رغم المحادثات التي تجري بين هذه الجبهة والحكومة السودانية في أديس أبابا، العاصمة الأثيوبية.

في هذه الدول ونتيجة الاتصالات الدولية، والدردشة الشعبية على مدى هذا الزمن من عمر الثورات وسقوط الحكام، نرى أن لشعوب هذه الدول رأيين، أو أن أراء الناس انقسمت إلى رأيين:

- الرأي الأول: إعلان الثورات من قبل الشعوب واسقاط الأنظمة والتخبط بعد ذلك في جحيم الانفلاتات الأمنية الراديكالية والمليشيوية والقبلية والطائفية، وهذه الفئة مصرّة على متابعة الثورة من أجل تغيير ما أفرزته الثورات.

- الرأي الثاني: الندم على المشاركة في هذه الثورات بعد الاحباطات الكبيرة التي حدثت والتمني ولو لم تقم هذه الثورات، لأن إستبداد الحكام والتضييق على الشعوب عبر آليات القمع كانت أرحم مما يجرى حاليا في كل بلدٍ ذكرناه من انفلات أمني وعدم وجود رؤية لهيكلية دولة مدنية بعينها يمكن أن تولد وتحقق الديمقراطية والمساواة.

الكلام كبير وخطير، لكننا هنا ننقل رأي شريحتين من الشعوب كانوا وقود الثورات، ودفعوا أثمانها غالياً بجحافل الشهداء والمعاقين جراء الثورات، وهذا ما يأخذنا إلى القول صراحة أن كل دولة من اللاتي ذكرناها تحتاج يومياً إلى أكثر من تحليل حول أوضاعها المتقلبة كتقلب الرياح.

ولأننا نتحدث عن تقلب الرياح فإننا اليوم، سنأخذ اليمن للحديث عنها، لأن رياح عاصمتها صنعاء يومياً تمر بتقلب على مستوى الفصول الأربعة في السنة يومياً، ولأن الإطلالة عليها ضرورية، لما نُميَ إلينا من أخبار أن بعد المرحلة الانتقالية التي تنتهي في عام 2014 وتحدد فيها إنتخابات رئاسة الجمهورية، فإن أول المرشحين للرئاسة سيكون الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي أسقطه الشعب وأوجدت له المبادرة الخليجية من الدول العشر الراعية والمشرفة على التسوية السياسية للرئيس اليمني علي عبد الله صالح مخرجاً مشرفاً أو أن يكون الترشيح لولده العميد أحمد علي عبد الله صالح قائد الحرس الجمهوري السابق الذي أقيل من منصبه مع أولاد عمومته وعيّن سفيراً ومفوضاً فوق العادة لليمن لدى دولة الإمارات العربية، رغم أن العميد صالح الابن لم يؤدِّ اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي، كما انه لم يتسلم منصبه حتى كتابة هذه السطور.

طبعاً مشاكل اليمن وملفاتها من النوع المتضخم والعويص تاريخياً من أمنية إلى اقتصادية إلى إجتماعية إلى انفصالية في الجنوب والشمال في صعدة، لكن في المرحلة الانتقالية التي حددتها المبادرة الخليجية، حالياً وفي المشهد السياسي هناك أمران بالغا الأهمية يجري العمل عليهما وهما:

- الأمر الأول: قرارات رئيس الجمهورية الخاصة بإعادة هيكلة الجيش والقوات المسلحة التي أصدرها رئيس الجمهورية للمرحلة الانتقالية عبد ربه منصور هادي يوم 10 نيسان/ أبريل الماضي، والتي مثلت إستجابة لمطالب شباب الثورة والتغيير يوم 11 شباط/ فبراير 2011، كما مثلت إستجابة لأهداف ثورتي 26 أيلول/ سبتمبر 1962 (في اليمن الشمالي ضد حكم الإمامة) وثورة 14 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1963 (في اليمن الجنوبي ضد الاستعمار الإنكليزي وحكم السلاطين)، وتحويل المؤسسة العسكرية، إلى مؤسسة وطنية واحترافية حيادية عن الاستقطابات ومراكز النفوذ القبلية أو العائلية أو الحزبية، كما قال مستشار الرئيس اليمني للشؤون الإعلامية محبوب علي.

وأكد محبوب علي أيضاَ بشأن قرارات هيكلة الجيش والقوات المسلحة، بأن «تلك القرارات التاريخية (تعتبر) محوراً لنجاح العملية الانتقالية، وما زال حتى اللحظة صدى هذه القرارات يثير الارتياح والتفاؤل لضمان نجاح التسوية السياسية في اليمن ونزع فتيل الاحتقان السياسي الذي كان يسود كل الأطراف ويتوجس منه الشعب. وتجري الآن، بعد صدور تلك القرارات، عملية التسلم والتسليم وتوزيع الألوية والوحدات على المناطق العسكرية السبع التي حددتها القرارات، والعملية ليست سهلة كما يتوقع البعض، وستأخذ مدى زمنياً لا يقل عن 3 أشهر أو يزيد قليلاً».

- الأمر الثاني: إستمرار أعمال مؤتمر الحوار الوطني الذي بدأ في 18 آذار/ مارس الماضي والذي يقاطعه قادة التيار الأكثر تشدداً في الحراك الجنوبي الداعين إلى عودة إنفصال الجنوب عن الشمال. ويهدف مؤتمر الحوار الوطني في اليمن والذي يتوقع أن يستمر ستة أشهر أو أكثر قليلاً إلى اعداد دستور جديد والتحضير لإنتخابات تجري في شباط/ فبراير 2014 في ختام المرحلة الانتقالية التي بدأت مع تنحي الرئيس السابق علي عبد الله صالح والتي تستمر عامين.

الطاولة المستديرة أو مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، كانت بدايته سهلة في الإجتماع لأن أهل اليمن أهل توادد، ولكن من حضر من أتباع الحراك الجنوبي حمل بعضهم معه المقترح الانفصالي بينما حمل البعض الآخر المقترح الكونفدرالي. ولكن بعد مرور أقل من شهر بيومين أو ثلاثة تقريباً على بدء مؤتمر الحوار الوطني، إنسحب القيادي الجنوبي الشيخ أحمد الصريمي من مؤتمر الحوار الوطني في منتصف نيسان/ أبريل الماضي، رغم انه يشغل منصب نائب رئيس المؤتمر، واشترط في رسالة بعثها إلى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، تنفيذ 12 نقطة، لعودته للحوار، من بينها اطلاق جميع السجناء السياسيين من الحراك الجنوبي.

وفي أول الإستجابات للشيخ أحمد الصريمي أطلقت السلطات اليمنية أربعة معتقلين ينتمون إلى الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال. وعلق جمال العولقي مدير مكتب الصريمي كما ذكرت وسائل الإعلام وال «فايسبوك»: «أن الإفراج جاء بناء على توجيهات رئاسية، حيث تم إطلاق كل من بجاش الأغبري، حسن بنان، عبد الرب محرق العولقي وخالد مانع».

وذكر العولقي «إن قيادات الحراك الجنوبي التي حضرت عملية الافراج عن المعتقلين عبّروا عن ارتياحهم لهذه الخطوة مطالبين بإطلاق بقية المعتقلين (مشيراً) إلى أن هناك أكثر من 40 شخصاً من الحراك الجنوبي لا يزالون معتقلين في السجون ويتم حالياً متابعة إطلاقهم في القريب العاجل».

ولكن حتى تاريخه، تبدو أن عودة الشيخ أحمد الصريمي إلى مؤتمر الحوار ليست قريبة، وأن الشيخ ينتظر تنفيذ بقية النقاط التي حددها في رسالته للرئيس هادي ولن يعود إلى مؤتمر الحوار إلا بعد تنفيذها.

وإزاء هذا الموقف يتخوّف أكثر من مسؤول قريب من الرئيس هادي أن ينفذ الرئيس ما طلبه الصريمي ولا يعود الأخير إلى الحوار، وإنما كان الغرض من حضوره في بداية المؤتمر تنفيذ عموم مطالب الحراك الجنوبي، واخراج العناصر من المعتقلات، ومن بعد ذلك تكون العودة لنقاش إنفصال الجنوب عن الشمال.

عند كتابة هذه السطور، المؤتمر الوطني ما زال منشغلاً بقضية صعدة والحوثيين وتمردهم وحروبهم على الدولة، وقد قدمت حتى تاريخه 8 مكونات سياسية ومجتمعية رؤاها حول قضية صعدة وعلاقة الحوثيين بإيران. وكما هو معروف وللتذكير فقد شهدت محافظة صعدة الواقعة شمال اليمن والمحاذية للحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية منذ عام 2004، ستة حروب بين جماعة الحوثيين (الشيعة) والدولة أسفرت عن مقتل وإصابة الآلاف فضلاً عن تدمير مناطق واسعة من المحافظة، وتهجير المئات من سكانها طوال السنوات الماضية.

المؤتمر الوطني اليمني، يتحاور حول كل قضية بقضيتها طبعاً القضايا كثيرة ولكن هل من إيجابيات وسلبيات في هذا المؤتمر؟ يقولون الإيجابيات يوافق عليها، لكن السلبيات هي التي تأخذ وقتاً طويلاً من الحوار، لكن بارقة الأمل حول الحوار الوطني اليمني وبأنه مؤتمر حوار بالفعل وليس «حوار طرشان» قالها المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر الذي زار اليمن في نهاية شهر نيسان/ أبريل الماضي لاستئناف اشرافه على التسوية السياسية، وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عن لسانه، «انه متفائل بتعاون جميع الأطراف السياسية اليمنية في أنجاح مؤتمر الحوار الوطني وخروجه بمخرجات تصب في مصلحة إنجاح المرحلة الإنتقالية في اليمن».

مؤتمر الحوار الوطني اليمني مستمر حتى اعداد دستور اليمن الجديد للتحضير للإنتخابات البرلمانية ومن بعدها الرئاسية. لكن السؤال: هل سيسمح الدستور اليمني المنتظر للرئيس اليمني علي عبد الله صالح بالترشح لإنتخابات الرئاسة أم سيرشح إبنه العميد أحمد؟

هناك من أسرَّ بهذه المعلومة ل «اللواء»، وما من مرة إلا أسرّ بشيء وحصل، فهل يقبل الشعب بعد المرحلة الانتقالية بهذه الترشيحات؟ سؤال موضوع برسم اليمنيين، خاصة وأن نصف شعوب دول ثورات الربيع العربي تتمنى لو بقيت الأوضاع على ما كانت عليه، ولم تقم الثورات التي انتشرت معها حركات الفلتان الأمني، وصعود تيارات دينية من أخوانية وسلفية، لا تتوافق وتطلعات معظم سكان بلدان ثورات الربيع العربي!

زر الذهاب إلى الأعلى