يوما بعد الآخر، تزداد اوجه التشابه بين صنعاء اليمن ، وهوليوود الغرب وبوليوود الشرق كأشهر مدينتين للإنتاج السينمائي في العالم،
قد يبدو هذا غريبا ودافعا للدهشة، غير أن ما تعيشة صنعاء من احداث في يومياتها الفنتازية الاخيرة، يتشابه مع الصناعة المشوقة التي تقدمها تلك المدينتين على اقراص مدمجة، يعكف الكثير على تفريغ محتواها خلف الشاشة!
في صنعاء.. الاجواء متوترة، وصدى اصوات الطائرات النفاثة اصبح موسيقى الصباح عوضا عن صوت فيروز، فمنها ما يرسم خطّا اسودا من الدخان في سماء العاصمة، ومنها ما يرسم لوحة من الوجع على ارضها عقب خلل في محركها وصندوقها الاسود!
القتل صار في طريقه إلى الاستهلاك المألوف، فدم صديق صديقي الذي اريق ببرودة في احد شوارعها إثر اشتباكات مزعومة بين افراد الامن وجماعة من المخربين لا زال امام ناظري، والأم الذي انتظرت ابنها ليعود اليها من بائع الخضار بقليل من البطاط والفلفل الاخضر انتهى به الامر تحت عجلة سيارة يقودها مراهق بسرعة جنونية.
تصوروا انني ومع كل حادث من تلك الحوادث اتطلع يمنة ويسرة بحثا عن الكيمراء والمخرج، فكأنني اعيش كواليس احد الافلام وأشهد تصويره قبل المونتاج، وبهوس الشاب المتخم بأفلام الاكشن يصل بي الحد إلى مطالعة اعالي المباني المجاورة لموقع الحادث ترقبا لإطلالة (توم كروز) أو (شاروخ خان) اشهر ممثلي الادوار البطولية في فنتازيا الفن السابع.
بعض المشاهد تنقصها وثبة (جاكي شان) مصحوبة بصرخته الشهيرة لينقذ احد الاطفال أو امرأة على حافة الخطر،و هو ما لم يحدث للأسف، فيبدو ان مخرج تلك المشاهد لمتجاوزي الثامنة عشر لا يتمتع بالحس الانساني الذي كان لدى المخرج العالمي (هيتشكوك)، ولم يتأثر بسينما بوليوود الهندية المعروفة بالنهايات السعيدة، حيث انتصار البطل على افراد العصابة والإطاحة بمن يقف خلف الجريمة واحدا تلو الآخر.
المؤلم في تراجيديا صنعاء أن من يموت في احد مشاهدها يموت حقيقتا، فالدماء ليست عصيرا احمرا أو طلاء بلون الدم ومن يلقى حتفه هناك فهو واقع الواقع وليس خدعة سينمائية لمخرج شاطر.
آه يا صنعاء.. متى ترجعين مرتعا للضباء، وعليل هواك الآسر هل تراه عائد ليغري غرائز الشعراء ويذكي ذائقة ناسجي الشجن بألحان يتردد صداها في دواوينك المحلّاة بقمريات السِحر، حيث ودندنة الوتر يحلو السمر،
صنعاء.. إني منتظر!
أيمن..