[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

رؤية الحوثيين لـ«هوية الدولة» توجه سهامها نحو الإسلام!‏

في الصفحة الرابعة لرؤية ممثلي الحوثي المقدمة إلى مؤتمر الحوار الوطني في اليمن بفريق ‏بناء الدولة فيما يتعلق بهوية الدولة وجه الحوثيين سهامهم نحو الإسلام فقد جاء في رؤيتهم كما ‏في البند رقم ثالثة هذه العبارة :‏
‏"نرى أن الدولة هي شخص معنوي والشخص المعنوي ليس له دين، فالدين للأشخاص ‏الطبيعيين الذين يتكون منهم الشعب ومن ثم فإن الدين للشعب" .‏

وهذه العبارة لا تحتاج إلى تفسير، وبدت أنها تنتقد ما ورد في رؤى أغلب المكونات، من أن ‏‏"الإسلام دين الدولة" وتستنكر ايضاً وجودها في الدستور الحالي. وكانت هذه الرؤية من إعداد ‏‏/ الدكتور الحوثي / أحمد شرف الدين استاذ الدستور والقانون في في كلية الشريعة والقانون في ‏جامعة صنعاء لعقود.‏

وهذه الرؤية تتناقض تناقضاً واضحاً مع شعارهم المرفوع "النصر للإسلام" الذي لا يريدون ‏أن يكون دين الدولة!!!!.‏
ولكننا هنا سوف نفند هذه الشبهة حول دين الدولة لأسباب:‏

‏1. كونها جاءت من رجل له وزن علمي عند الناس في القانون الدستوري وهو الدكتور ‏الحوثي / أحمد شرف الدين استاذ الدستور والقانون في كلية الشريعة والقانون في جامعة ‏صنعاء .‏
‏2. وكون هذه الرؤية محاولة من الحوثيين استرضاء الغرب للسماح لهم ببناء دولتهم في ‏صعدة كونهم دعاة الدولة المدنية بالمفهوم العلماني كنوع من بيع الاسلام من اجل الدولة ‏والحكم.‏

وللرد على هذه الشبهة في ان الدولة لا دين لها كونها شخصية اعتبارية معنوية نقول:‏
أولاً: إذا رَأَيْتَ "دولة" تتوضأ، وتُصلِّي خمس مرَّات في اليوم، وتصوم رمضان، وتُخْرِج ‏زكاة أموالها وتَحُجُّ البيت، فعندئذٍ، وعندئذٍ فحسب، يُمْكِنكَ أن تقول "إنَّ لها ديناً، وإنَّ دينها ‏الإسلام". عند الحوثيين!!!!.‏

ان مفهوم "الدولة" عند الحوثيين يعتريه فساد (أو خلل) منطقي في مفهومهم للدولة فالدولة ‏تعني كما هو معروف:( سلطة وشعب وارض) مما يعني ان الشعب كشخص غير اعتباري ‏من مكونات الدولة والشعب له هوية دينية ولذلك تذكر هويته كهوية للدولة في الدستور.‏

ثانيا: يبدوا أن الحوثيين يتجاهلون أن كان هناك مصطلح في الفقه الاسلامي يسمى ب"دار ‏الاسلام " وهو في معناه الجوهري شخص معنوي ومع ذلك فهوية الدار في هذا المصطلح دين ‏وهو دين الاسلام.... لماذا ؟ لإن السلطة العليا والحاكمية العليا في تلك الدار لأحكام الاسلام ‏ولأنها تمثل هوية ساكني تلك الدار.‏

وعليه فان الدار التي تعتبر شخص اعتباري لها هوية في الفقه الاسلامي مذكورة في كتب ‏الفقه المختصة بذلك.‏
ويقاس على مثل ذلك الدولة كشخص اعتباري لها هوية دينية.‏

ثالثا: في الدول الغربية ما يزال الدين هو الذي يمثل الهوية للدولة في دساتيرها مع ‏علمانيتها!!!‏

لاحظ معي نصوص الدساتير للدول الغربية التالية:‏
‏1. ينص دستور دولة الدنمارك في القسم الرابع على: "أن الكنيسة الإنجيلية اللوثرية هي ‏الكنيسة المعترف بها من قبل دولة الدنمارك، وعليه ستتولى الدولة دعمها".‏
‏2. كما ينص دستور دولة النرويج في المادة الثانية على:‏
‏"أن الإنجيلية اللوثرية ستظل الدين الرسمي للدولة، ويلتزم السكان المعتنقون لها بتنشئة ‏أولادهم بموجبها".‏
‏3. وفي أيسلندا، تنص المادة 62 من الدستور على:‏
‏"أن الكنيسة الإنجيلية اللوثرية هي كنيسة الدولة، وبموجب هذا ستظل هذه الكنيسة مدعومة ‏ومحمية من قبل الدولة".‏
‏4. وفي المملكة المتحدة أقر البرلمان مختلف النظم الأساسية التي تعد القانون الأعلى ‏والمصدر النهائي للتشريع أي الدستور القانوني، ومما جاء حول كنيسة إنجلترا:‏

‏"إن كنيسة إنجلترا هي الكنيسة المعترف بها، وإن ملك بريطانيا - بحكم منصبه - هو الحاكم ‏الأعلى لكنيسة إنجلترا" والملك يلزمه طبقاً لقانون التسوية بأن "ينّضم كنسياً لمجتمع كنيسة ‏إنجلترا".‏
وكجزء من مراسم التتويج، يُطالب الملك بأن يؤدي القسم "بالحفاظ على التسوية المبرمة مع ‏كنيسة إنجلترا، وأن يحفظها بدون خروقات، كما يحفظ العقيدة، والشعائر، والنظام الذي ‏يتضمن الحكومة، وذلك بموجب القانون الذي تم إقراره في إنجلترا"‏
وذلك قبل التتويج بواسطة الأسقف الأعلى للكنيسة رئيس أساقفة كانتربري.‏

‏5. وفي أسكتلندا حيث "الكنيسة المشيخية" المعترف بها رسمياً: "يؤدي العاهل الجديد القسم ‏في مجلس اعتلاء العرش ، ويقسم جميع رجال الدين في الكنيسة يمين الولاء للعاهل قبل توليه ‏منصبه".‏

‏6. وفي اليونان الأرثوذكسية، ينص الدستور في المادة الثالثة، من القسم الثاني على:‏
أ‌- أن الديانة السائدة في اليونان هي ديانة كنيسة المسيح الأرثوذكسية الشرقية.. والكنيسة ‏الأرثوذكسية اليونانية، والتي تقر بأنه على رأسها يسوع المسيح، تتحد في مذهبها مع كنيسة ‏المسيح العظمى في القسطنطينية، كما تتحد مع كل كنيسة تتبع نفس المذهب بقدر ما يلتزمون ‏بذلك، وكذلك الكرسي الرسولي والشرائع والتقاليد المجمعية المقدسة، وهي كنيسة مستقلة ‏يديرها المجمع المقدس لخدمة الأساقفة، والمجمع المقدس الدائم المنبثقون عنها، والذي يجتمع ‏على النحو المحدد في الميثاق القانوني للكنيسة، المتمثل للمرسوم البطريركي للبطريرك ‏‏«تومي» الصادر في 29 يونيو سنة 1850م، والقانون الخاص بالمجلس الكنسي الصادر في ‏سبتمبر سنة 1928م.‏
ب‌- ولن يعتبر النظام الكنسي الموجود في مناطق معينة من اليونان مناقضاً للأحكام الواردة ‏في الفقرة السابقة.‏
ج‌- ويجب الحفاظ على نص الكتاب المقدس دون تحريف، وتحظر الترجمة الرسمية للنص ‏لأي صيغة لغوية أخرى دون موافقة مسبقة من الكنيسة المستقلة لليونان، وكنيسة المسيح ‏العظمى في القسطنطينية".‏

‏7. وفي الأرجنتين الكاثوليكية ، ينص الدستور - في القسم الثاني – على:‏
‏"أن الحكومة الاتحادية تدعم الديانة الرومانية الكاثوليكية".‏

‏8. وفي السلفادور الكاثوليكية، ينص الدستور - الصادر سنة 1983م، والمعدل سنة 2003م ‏‏- في المادة 26 على:‏
‏"أن الشخصية القانونية للكنيسة الكاثوليكية موضع إعتراف، ويجوز للكنائس الأخرى ‏الحصول على إعتراف بشخصيتهم بما يتوافق مع القانون".‏

‏9. وفي كوستاريكا الكاثوليكية، تنص المادة 75 من الدستور على:‏
‏"أن الكاثوليكية الرومانية الرسولية هي دين الدولة، وهي تساهم في الحفاظ على الدولة، دون ‏أن يمنع هذا من حرية ممارسة شعائر أي أديان أخرى في الجمهورية، طالما أن هذه الديانات ‏لا تتعارض مع الأخلاق المتعارف عليها أو العادات الحميدة".‏

‏10. وفي المكسيك، تنص الفقرة الثالثة من المادة الأولى على:‏
‏"دين الأمة المكسيكية هو، وسوف يكون على الدوام: الكاثوليكية الرسولية، وستقوم الأمة ‏بحمايته بموجب قاونين حكيمة وعادلة، وتمنع ممارسة غيره من الأديان أياً كانت".‏
تلك عشرة نماذج - وهي مجرد نماذج - لدول مسيحية غربية، تمثل مذاهب المسيحية ‏البروتستانتية والأرثوذكسية والكاثوليكية، تنص دساتيرها على دين الدولة كهوية ، بل وعلى ‏مذهب هذا الدين، وعلى دعم الدولة للكنيسة والدين، رغم أن المسيحية تدع ما لقيصر لقيصر، ‏وتعلن أن مملكة المسيح ليست في هذا العالم، وإنما في ملكوت السماء!.‏

ومع كل ذلك، فإن رؤية الحوثي لهوية الدولة والدكتور الدستوري أحمد شرف الدين لم يروا ‏كل هذه "الأخشاب" التي تمتلئ بها عيون الدول الغربية، ولم ترَ سوى النص الدستوري اليمني ‏الذي يقول: إن الإسلام هو دين الدولة.‏

زر الذهاب إلى الأعلى