[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

ربيع العرب وربيع العجم: تنوعت الأسباب والهم واحد!

ربيع اليمن غير ربيع سوريا وربيع العرب غير ربيع العجم ، سوا كان إيرانيا أو تركيا ربيع اليمن يرنو لدولة مدنية وسيادة القانون وضد التخلف ونظام العسكر والعشيرة وتمجيد القبيلة ، ضد نظام تغلغل ثلث قرن من الغوغاء والفساد المطلق ، وإزالة مخلفات أجواء سياسية موهومة بديمقراطية زائفة ، والرصد للتجربة اليمنية من خارج اليمن ومن منظور عربي ، والتأمل في مخرجات ثورتهم منذ نحو عامين فأنه يرى جانبان سلبي وأيجابي ، يكمن الايجابي بأن احفاد قحطان خرجوا بأقل الخسائر في مجتمع يعشق السلاح ويعتبره جزء من شخصيته بحيث قيل ان اليمني يولد وفي وسطه خنجر! بينما الجانب السلبي له وجوه كثيرة أولها استمرار رموز الفساد و البعض منهم لازال يعيث في الأرض فساداً ، بل ويشاركون في الحكم ويعارضونه في نفس الوقت! وينسبون كل صعوبات مفردات الحوار للطرف الآخر! وفي هذا مغالطة كبيرة فما نحن عليه هو نتاج طبيعي لفساد ثلث قرن من الفساد وسياسة المحاباة والمراضاة ، والعبث بثروات البلد ومسخ الوحدة الوطنية التي طالما حلم بها الشعب وتغنت بها الأنظمة المتعاقبة ، واللعب بكل الأوراق القذرة لتفريخ أحزاب ومجموعات سرعان ما ارتدت على فاعليها! ، لذا فأن واجهة مشاكل اليمن شئ وواقع الحال شئ آخر ، فأولويات مشاكل اليمن في المضمون ليست في الوحدة وكفر البعض بها وكأنها سبب مأسي اليمن ، غير مدركين بأن من شارك في صنعها هم نفسهم من يحالون وأدها ، وكذا ليست بسبب تمترس من عرفوا بالحوثيين في خنادقهم ، رغم مشاركتهم الحوار ، ولا في الفدرالية ، وشكل نظام الحكم برلماني أو رئاسي جمهوري أو ملكي ، انها باختصار تجميع رؤئ المتحاورون وتوافقهم على دستور يضمن اللامركزية بأي صيغة يتفق وكذا تأسيس دولة النظام والقانون وليس عيبا الاستعانة بخبراء عرب في القانون وكتابة الدستور رغم ان اليمن ليست عقيمة بعبقرية أبنائها ، ولكن مثلما مد الآخرين لنا العون في الجانب السياسي الذي أفضى لمبادرة لم تأتي ثمارها الحقيقة حتى ألان ولم يلمس المواطن فوائدها إلا بعد مخرجات الحوار ..

ربيع العراق جاء متأخرا متزامنا في أحلك فصوله بربيعها الطبيعي ولكنه تجاوز رقة النيروز الفارسي وإزاء كل ما يحدث من خلاف بين المركز والأقاليم يوحي لنا بأن فدراليتهم فاشلة لا محالة ، واختلاط الطائفية بالسياسية بتأمر دول الجوار ، جعل المحللين السياسيين في حيرة من أمرهم ، فلا يعلم مألات التدهور الأمني إلّا علّام الغيوب إما ربيع العراق وسوريا فقد امتزجت الطائفية المُقيته بلعبة الأمم السياسية سواء اللاعبين الإقليميين المفترضين عربا وعجما أو من الغربيين ، وتداخل فيها الملف الفلسطيني بقضايا لبنان وطموحات حزب الله.

بينما ربيع سوريا مستمر بضراوة في الكر وفر وسباق بين فرض القوة على الأرض والحل السلمي ، والجميع يفسر جنيف2 المرتقب وفق مفهومه وقد لا يفضي لحل قريب وسريع ، وفي أحسن الأحول ربما ينتهي على الطريقة اليمنية ولكن بنسخته الشامية بنكهة إيرانية وعربية وغربية.

والطريف بأن النظام في سوريا مؤخراً يحذر رعاياه من السفر لتركيا بسبب تصاعد الإحداث! وتركيا المنتظرة لملايين السياح العرب في موسم الصيف سيستقبلهم ميدان (التقسيم) برائحة الباروت المنبثق من فوهة بنادق الجندرمة التركية الشهيرة بالمغامرات غير المحسوبة لشعب تطبع بالخشونة والفتوحات يبدو أن ربيع تركيا نسخة من ربيع تونس حيث يتركز الصراع بين العلمانيين ورثة الكمالية والبورقيبية التونسية ففي الأخيرة كان ينقصهم الحرية بعد نظام بوليسي ولكنها كانت أفضل البلدان العربية في النمو الاقتصادي العربية رغم فقر مواردها عن جارتها ليبيا الا ان الأخيرة بغنائها المفترض كانت تعيش شظف العيش مقارنة بجارتها الفقيرة فضلا عن ان مواطني ليبيا كانوا يعيشون في سجن كبير بينما تتطبع أهل تونس بعقود من الليبرالية منذ الاستقلال ومن الصعوبة فرض نظام إسلامي أو محافظ بعد ان اعتاد جيل بأكمله أن يرصد ويسجل من قبل البوليس السياسي من يصلي الفجر!

وقبل أيام خرجت تونسية تتعرى متحدية ترويكا الحكم في تونس الذي يسيطر عليه الإسلاميين والمعتدلين ، وفي تركيا لم يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب فهم ضد رجب اوردغان والذي جاء بصورة ديمقراطية قلما تتوفر في بلدان المنقطة ، وتركيا في عهد اوردغان وفقط خلال عشر سنوات في السلطة أشرف على نقل تركيا من دولة مأزومة اقتصاديا إلى أسرع الاقتصاديات نموا في أوروبا، وتضاعفت حصة الفرد من الدخل القومي ثلاث مرات منذ وصول حزبه إلى الحكم.وتحسنت عملتهم وتم حذف ثلاثة أصفار دفعة واحدة من الليرة التركية.! وهى في المجمل اقتصاديا أفضل من بعض بلدان الاتحاد الأوروبي اليونان وقبرص ورومانيا وغيرها! ولكن الاتحاد الأوروبي كما قال بابا الفاتيكان هو نادي مسيحي ، ومن هنا فقد حول اوردغان بوصلة تركيا من الغرب إلى الشرق والغرب و إلى القبلة ، وهو ما اغضب دعاة اللبرالية الكمالية !

فالديمقراطية في كل من فتركيا وإيران أفضل من أي بلد عربي ، وإجمالاً فأن ربيع تركيا وتونس يجمعهما الصراع بين العلمانية والأصولية فأرودغان يريد إحياء مشروع نجم الدين اربكان وسمى نهجة مجازاً العثمانيون الجدد ، إما تونس فليس لها ألان بعد رحيل زين العابدين مشكلة الحكم البوليسي ولكن مشكلتهم الصراع بين العلمانيين وبين اهل مدرسة القيروان الأصولية!

فالعراق بنفطه وثروته التي غدت نقمة عليه منذ أكثر من نصف قرن ، وتتلخص مشكلته في الإناء الطائفية دون مشاركة الآخر ، والعلاقة جدلية بين ثورتي سوريا والعراق ولبنان( حزب الله)، وكذا فأن أي تغيير جذري في الثلاثة الموالين لإيران يشكلون تهديد استراتيجي لها!

وتظل ثورة مصر قريبة بعض الشئ في بعض مسبباتها كثورة اليمن ورغم ذلك فلكل منهما ظروفها الذاتية والموضوعية ولكن غياب الجانب الطائفي بصورته الحادة كما في بلدان الهلال الخصيب أو الصراع بين التيار العلماني والديني كما في تونس وتركيا..

اما ربيع إيران فقد بدأ غداة انتخابات 2009 م أي قبل ربيع العرب بأكثر من عام وفي ذلك الوقت تبارت الفضائيات العربية والخليجية تحديداً للشماته بربيع إيران غير مدركين بأنه وبعد اقل من عامين وصل لعقر دارهم في البحرين ، والغريب بأن إعلام (العراق الجديد) يتغنى بالربيع العربي ويستثنى البحرين!

وألان انتخابات إيران تحت المجهر الدولي رصد وتحليلا سواء من منظور حقوق الإنسان أو للاعتبارات السياسية ولاشك بأن سخونة الثورة السورية ستلقى بضلالها على مصير الانتخابات ، وقد نشهد ثورة ارتدادية شبيهة لما أعقبته الانتخابات الماضية ولكنها هذه المرة قد تجابه بحزم اشد واعنف بالنظر للتحديات التي تواجهها إيران في المنطقة.

وأخيرا فكما لكل شيخ طريقته ، وفي الثورة من باب أولى لكل شعب أساليبه وهمومه ، ولكن مألات كل الثورات هي الوصول للاستقرار السياسي والاقتصادي والأمن والحرية وإقامة الدولة المدنية العادلة فالعدل أساس الحكم وكذا التساوي في المواطنة وتوزيع الثروة ..

زر الذهاب إلى الأعلى