[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

صالح والحوثية واوهام العودة

حين اتجه نظام الرئيس السابق علي صالح إلى دعم ميلشيات الشباب المؤمن في صعدة كانت الأغراض المعلنة من ذلك الدعم هو تحجيم نفوذ التيارات الإسلامية تحديدا حزب الاصلاح والتيار السلفي الذين كانا يسعيان إلى التمدد الطبيعي في تلك المنطقة كبقية مناطق اليمن وخاصة المناطق القبلية حيث تعد بيئة خصبة للعمل الإسلامي وهو ما فطنه رواد هذه التيارات منذ وقت مبكر وهو ما كان يستشعره الرئيس السابق ويحسب له حسابة .

حيث كانت صعدة ولأهميتها التاريخية والسياسية والجغرافية تمثل أرضية خصبة ( إلى جانب تربتها الخصبة التي تنتج كل انواع المزروعات)لأي نشاط فيها والدليل على ذلك هو ان الامام الهادي حين دخل إلى اليمن اتخذ من صعدة منطلقا لدعوته في الفكر الهادوي ، وكذلك جماعة السلفيين وشيخهم الراحل مقبل الوادعي نجحا في جذب الكثير من الانصار من قبائل تلك المناطق كدماج وكتاف وغيرها إلى صفوفهم وهو ما كان ينبئ عن توسع نفوذ التيار السلفي والتيار الاصلاحي إلى حد ماهناك على حساب التيارات الاخرى وهو ما جعل رموز النظام السابق يستوعبوه ويتجهون إلى تقديم الدعم للأضداد للنفوذ السلفي والإصلاحي المتشكل من جهة ، ومن جهة أخرى صنع فزاعة مخيفة للجارة الشقيقة حيث موقع صعدة على الحدود واختلاق بؤرة صراع عقائدي عميق يغذي التوجه نحو توريث الحكم ويقضي على العقبات امام هذا الطموح الغير المشروع وكسب الدعم الاقليمي باللعب على المتناقضات وضرب عصافير متعددة بحجر واحد .

واندلعت بعد ذلك حروب صعدة الذي بدأتفي جزء من مديرية ، ثم في عدة مديريات ومناطق ثم توسعت إلى محافظات مجاورة لتصل في الحرب السادسة إلى المناطق المتاخمة لامانة العاصمة في بني حشيش وغيرها من مديريات صنعاء .

حيث قدم النظاملهذه الجماعة بالتواطؤ والدعم الخفي مختلف الاسلحة المتوسطة والثقيلة وسلم لها الوية بكامل عتادها أدى إلى تقوية نفوذ هذه الجماعة ليتزامن مع تراخي قبضة السلطات نتيجة الفساد والاستبداد وظهور مؤشرات انهيار البلد حيث بدأت التحذيرات الدولية وبدأت المنظمات التحذير من انهيار وشيك وصل إلى القول على لسان مسئولة في منظمة اجنبية تعمل في اليمن : ( لم يعد امام اليمنيين الا ثلاثة خيارات هي : الثورة أو الهجرة أو الموت .

تواصل الدعم المادي والمعنوي من داخل اجهزة الدولة ومن الخارج وبدأت إيران الدخول إلى خط اللعبة التي أصبحت اقليمية بدخول السعودية حرب مع هذه الجماعة واكتسابها صيت الشهرة بهزيمة جيشين نظاميين بوقت واحد أشبه بأسطورة حزب الله في سوريا وهو ما حدث بفتح النظام السابق القنوات الرسمية الدبلوماسية حين ذاك لتسهيل التواصل معها وهو ما كان حيث لا تستطيع الجماعة التحرك بغير القنوات الرسمية للدولة لابتزاز الجوار .

ومع انطلاق الثورة الشبابية السلمية التي اجهزت على ما تبقى من منسأة النظام البالي المتآكل كنتيجة طبيعية لامتلاكه جذور السقوط والانهيار التي كان يحملها في جيناته وخرج صالح من السلطة ومثل خروجه نهاية للنظام الذي كان يعتبر نظام فردي استبدادي لا يرتكز على مؤسسات وإنما على قرارات الرأس الحاكم وانفرطت من أيديه خيوط اللعبة السياسية هذا بدوره فتح الباب واسعا أمام كل التيارات والجماعات بلا استثناء للظهور كنتيجة طبيعية لأفق الحرية الرحب الذي خلقه مناخ الثورة .

فالتيارات السلفية أنشأت لها احزاب سياسية ، والأحزاب القومية فك عنها الحصار الذي كان مفروضا عليها وضخت فيها دماء شبابية جديدة وظهرت احزاب سياسية جديدة برؤى مختلفة ، وتوسعت احزاب سياسية وظهر ثقلها الكبير كما هو حال حزب الاصلاح وتوسعت جماعة الحوثي التي استفادت بأكبر قدر مع احتفاظهما بأدواتها التقليدية الغير سلمية في التوسع والسعي لفرض النفوذ واستخدام العنف ضد المخالف لها في الرأي في اكثر من منطقة وحدها من استمرت هذه الجماعة بعلاقتها وخطوط تواصلها وامداداتها مع رموز النظام السابق وتارة تخفي هذا التحالف وتارة تظهره حيث التقت الاهداف للوصول للسلطة بأي ثمن كان وبين امنيات رموز النظام السابق للعودة للسلطة بالتحالف وظهرت لقاءات الرئيس السابق مع الدكتور عبد الملك المتوكل ومع الاستاذ حسن زيد زعيمي حزبين رئيسيين ضمن اجنحة المشترك اتضح للجميع مدى التحالف الوثيق والاستراتيجي بينهم وبين رموز النظام السابق بغرض ضرب اللقاء المشترك ومن هنا يمكن الذهاب إلى تفسير الدكتور ياسين سعيد نعمان الاخير بقوله أن القوى المعيقة للتغيير نجحت في اختراق المشترك وتمارس العبث من الداخل وهو ما فهمه الحوثيون وترجموه بالإساءة للدكتور ياسين في قاعة مؤتمر الحوار .

وما يمكن فهمه هو التقاء اهداف الطرفين المتصارعين ظاهريا في صعده مسبقا بعد غض الطرف من قبل الحوثيين عن مقتل زعيمهم حسين الحوثي بأمر مباشر من رئيس النظام السابق ولكن الادوات التي نفذت ممثلة بالجيش الذي تلقى اوامره من القيادة العليا وهو ما يكشف بجلاء الاعيب السياسة وتقلباتها اذ لا ثابت في عالم السياسة وانما المصالح والمكاسب هي من تحكم .

اليوم وبعد كل تلك الأحداث تتكامل الظروف والعوامل للتحالف بين القوى المتربصة بالتغيير والعملية السياسية وبين القوى المسلحة المتربصة بالسلطة التي تسعى للوصول والانقضاض على السلطة بأي ثمن بعد دخول عوامل اقليمية مساعدة من دعم مادي ولوجستي من إيران وهو ما يسعى اليه الطرفان للوصول إلى السلطة بأي وسيلة .

الورقة الأقوى في يد الرئيس السابق حاليا هي الورقة الحوثية المتبقية في يده للعودة منها إلى السلطة باعتقاده بعد فقدان اوراق الجيش والقبيلة وورقة الارهاب التي تبخرت ، وورقة المؤتمر الشعبي العام التي بات على مفترق طرق وينادي بعض اعضائه بإنقاذه من الداخل وابعاد صالح من رئاسته فهل ستظل دول والسعودية تحديدا تنظر إلى التحالف المشبوه والعلني بين صالح وجماعة الحوثي وتتعامل معه كورقة ضغط ضد النظام السياسي الجديد بعد ان لاحظ المراقبون تغيير موقف السعودية من الرئيس السابق والاستقبال الرسمي الذي حظي به على متن طائرة رئاسية اماراتية خاصة ومؤخرا تسريب خبر تقديم دعم مادي له عبر قناة العربية باسم شراء مذكرات الزعيم بمبلغ ما بين المليون إلى ثلاثة ملايين دولار لبثها حصريا ولا يزال المجتمع الدولي ينظر للحوثيين من زاوية انهم ورقة في يد النظام السابق وهو ما يبدو من خلال تسمية علي صالح وعلي سالم البيض بقرار مجلس الأمن كمعرقلي التسوية باعتبارهما متزعما كل احداث العنف وضرب الاستقرار ومن ضمنها أفعال الحراك المسلح وجماعة الحوثي .

ما هي الخطوات القادمة للمجتمع الدولي ومجلس الامن ورعاة المبادرة التي رأوا بالمبادرة الخليجية الحل الأنسب للوضع اليمني برفع يد طهران عنها وهم يشاهدون العبث واستهداف السيطرة على السلطة بالقوة كما بدأت مؤشراته باستهداف تدمير سلاح الجو واخيرا بالهجوم على مقرات اجهزة امنية كما حصل مؤخرا في الهجوم على مبنى الأمن القومي في صنعاء وهل سيقفون مكتوفي الايدي وهم يرون ممارسات اجهاض العملية السياسية والحوار الوطني القائم كل يوم تتخذ أساليب جديدة وملتوية من داخل العملية السياسية .

زر الذهاب إلى الأعلى