[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

مصر .. انتخابات رئاسية مبكرة...!

ما يجري في مصر عبث وفوضى، وما لم يتوقف فسيسفر عنه أضرار ومخاطر في حق مصر وشعب مصر وفي عموم المنطقة ..

ومخطئٌ من يرى إن الاستهداف ينحصر على الرئيس مرسي كونه من الإخوان المسلمين فقط ، فالمرجح أن لو فاز غيره من تيار آخر في الإنتخابات الرئاسية، فسيواجه بنفس القوى الفوضوية والديماغوجيين والإنتهازيين وغيرهم ، الذين تعايشوا مع الاستبداد والفساد والفشل دهورا طويلة، وستتكرر التجربة مع غير مرسي مستقبلا ان نجح العابثون في تحقيق ما يصبون إليه ، ولن تعرف مصر الإستقرار ، وبالتالي لا يستطيع أي حاكم قادم لمصر، أن يضع طوبة فوق أخرى مهما حسنت نواياه ..

المعارضة المصرية التي يفترض فيها الرشد والمسؤولية تقترف خطأ فادحا في حق تجربة ديمقراطية وليدة طالما كانت مطلبا وحاجة ملحة ، لمصر والمنطقة ... وكيفما كانت مقاصد معارضي الرئيس مرسي فإن مؤدى رسالتهم ومقتضاها ، هو أن لا فائده من من صناديق الانتخابات، وهي التي أتت بالرئيس مرسي ويفترض أن تأتي بغيره في المستقبل..

ومهما امتدحنا الجيوش، ومنها جيش مصر،. وهو الأكثر احترافية وجدارة بالإحترام في المنطقة، فالجنرالات يغريهم عادة أن يكونوا منقذين وأبطال ، وقد يتدخلون في الوقت المناسب ، وبتأييد شعبي كاسح، عند ما تخيب الآمال في الساسة المدنيين والأحزاب ، وقد حدث هذا في مصر وغير مصر في عالمنا العربي من قبل، ووئدت تجارب ديمقراطية في مهدها في أكثر من بلد عربي، في منتصف العقد الماضي ، وجاء العسكر الذين كان أوائلهم ، في المجمل ، كارزيميين ونزيهين ، لكن خلفاءهم جنحوا نحو الفساد والإستبداد والتوريث حتى صارت جمهوريات العرب محل تندر وسخرية، استلزم لتصحيحها، وازالة الحكام المستبدين الفاسدين فيها، ثورات شعبية ودماء زكية ...

يسمع الناس عن انتخابات برلمانية مبكرة ، أما انتخابات رئاسية مبكرة، فهي بدعة من البدع، وستكون سنة سيئة، لن تعرف بعدها مصر استقرارا، ومع ذلك فإن معارضي مرسي يطالبون بانتخابات رئاسية مبكرة..!

طوال أكثر من مأتين واربعون عام لم تحدث انتخابات رئاسية مبكرة ولو مرة واحدة في تاريخ أمريكا ، ولم يطالب أحد بها هناك، على الرغم من أن الأمريكيين ينقسمون إزاء كل انتخابات رئاسية نصفين تقريبا، مع هامش زيادة ضئيل لصالح الفائز، الذي يستمر في الحكم حتى نهاية مدته الدستورية، وغالبا ما يجدد الناخبون له أربع سنوات أخرى ، فأربع سنوات لا تكفي لتطبيق برامج وسياسات الحاكم الجديد وتوجهاته التي انتخبه الناس لأجلها.. وإذا خلى منصب الرئيس لأي سبب يكمل المدة ، نائبه، إلى النهاية..

من مزايا النظام الرئاسي، الاستقرار في رأس السلطة، مما يتيح فرصة للعمل والإنجاز بعيدا عن الفوضى والإضطراب والمماحاكات وتلاعبات الساسة والأحزاب وفكرة الانتخابات المبكرة التي قد تليها انتخابات مبكرة أخرى وفشل آخر... ومن أبرز عيوب النظام البرلماني، فكرة الإنتخابات المبكرة، التي تغري المعارضون في وضع العراقيل منذ اليوم الأول لعمل الحكومة، والعمل على إفشالها، وهو نظام فاشل في معظم الدول النامية إلا حين يقوده (مستبد عادل) يحكم طويلا مثل، لي كوان يو ، الذي حكم سنغافورة ، أكثر من ثلاثين عاما ، أو مهاتهير محمد ، الذي حكم ماليزيا أكثر من عشرين عاما...

بالتأكيد، المنطقة ليست بحاجة إلى مستبد عادل، وهو لا يتوفر ، عادة ، بسهولة، لكنها أغنى ما تكون عن الفوضى والعبث والإضطراب، وهي أحوج ما تكون إلى نظام سياسي مستقر منتخب ، بحرية ونزاهة كاملة..وهي أحوج ما تكون إلى حكم مؤسسي قبل كل شيء..

والخلاصة : فإن هناك من يعبث بمصر واستقرارها ومستقبلها،وهي البلد الكبير التي يرجى أن تشكل النموذج الإقليمي للنجاح والإقتداء .. ويبدو أن العابثين ، هم أصحاب الوطن البديل الذين يحملون جنسيات بلدان أخرى إضافة إلى الجنسية المصرية ، كما ذكر رئيس تحرير الأهرام السيد عبد الناصر سلامة، في مقال له يوم الأحد ، ولا بد أن منهم أيضا ، أصحاب المال الوفير الحرام، الذين يستطيعون أيضا العيش في أي مكان آخر مستقر ، إذا تخرب الوطن الأم.. وبالتأكيد، يضاف إلى أولئك، آخرون كثر، ومنهم الغوغاء وحسني النوايا...

*وزير الإعلام اليمني

زر الذهاب إلى الأعلى