آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الحوار في اليمن.. نسخة من (بيج بروذر).!!

الولايات المتحدة تداركت أمر "الكروت المحروقة" أو بالأصح "الوجوه" وذلك بعد حادثة النهدين؛ فشاركت وبكل ثقلها في صياغة "المبادرة الخليجية"؛ لكي يكون لها موضع قدم جديد في الساحة اليمنية، فبحثت عن "آلية للمبادرة الخليجية" وكانت عبر مكتب الأمم المتحدة، وعن طريق تعيين شخصية ذات أصول عربية، ليكون ممثلاً "الأمم المتحدة" حتى وإن لم يكن دبلوماسيا معتمدا، فأتت بجمال بنعمر.

بدأت الولايات المتحدة بخلق منظومة تسمى مؤتمر الحوار بتحالف أممي معروف الأطراف، هذا المؤتمر الذي صدر قرار رئاسي بتعيين "أحمد عوض بن مبارك" أميناً عام له، وعدة وجوه "ناعمة" معروفة لدى الشعب اليمني؛ فأصبحت مثل برامج الواقع الأمريكي، ك "أمريكان أيدول (American Idol)، وذا أكس- فاكتور (The-X-Factor)" والبرنامج الشهير "بيج بروذرBig brother))"، وكالبرنامج الأخير يجري الحوار.

ففكرة البرنامج تبدأ بمجموعة من المشاركين يتم عزلهم عن العالم الواقعي ولكنهم يعيشون في منزل واحد، ويكون الخروج عن طريق التصويت، ولكن هذا البرنامج تم إلغاء النسخة العربية، فيما تم تطبيق فكرة "بيج بروذر" في اليمن بنفس الشكل واختلاف بعض المعايير، وتم إدخال مكونات سياسية وشخصيات إلى هذا "الحوار" كطريقة فرض المشتركين للبرنامج على المشاهد، وبطريقة مشابهة وإن كان المشاركون ليسوا سوى وجوه إعلامية لا يهتمون بالمحتوى الفكري، وإذا أدركنا جميعاً أن هناك عقولٌ غيبت عمداً عن البرنامج - أقصد مؤتمر الحوار، وذلك حتى يكون تحكم "السبنسور" وهو -الداعم المالي للبرنامج- فيما يريد أن يوصله للمشاهدين.

هذا ما نراه فعلياً من هذا المؤتمر؛ حيث بدأت بفرض الداعمين لاختيارات (565) محاوراً ومحاورة، لم يدرك المواطن العادي ما هي معايير الاختيار التي تم تصنيف المشاركين بموجبها، وتم تحديد القضايا دون أن نعلم من الذي حدد، ومن الذي وضع هذه الأولويات على أنها مشاكل اليمن الفعلية؟ واستمر الوضع بشكل أقوى؛ فتم تمثيل الحوثيين ب(35) عضوا، ليتجاوز ذلك نسبة الحزب الاشتراكي الممثل ب(30) عضوا، ، وبطريقة مقاربة لما يحدث في برنامج "بيج بروذر" تم تمثيل منظمات المجتمع المدني ب(40) عضوا، مع أننا لم نر هذا المجتمع المدني سوى أنه معروف لدى السفارات؛ وليتم تمثيل الحراك الجنوبي ب(85) عضوا.

بالطبع كانت هناك شروط للمسابقة، هي أن كل قوة من القوى تقوم بتقديم قائمتها بشرط (50% من الشمال ، 50 % من الجنوب) وبطريقة مقاربة لما يحدث في برنامج "بيج بروذر" يكون التصويت بنسبة (90%) لكل لجنة، ولذلك رأينا المشتركين يبحثون عن أكبر عدد من الكاميرات للتصوير وللحديث عن التجارب وغير ذلك، وبالطبع فأن اللعبة لم تنته هنا إلا بتلميع شخصيات تقود المراكب التي سيفضي لها برنامج مؤتمر الحوار.

إن عملية التدريب والتأهيل لشخصيات مؤتمر الحوار، هي طريقة أمريكية هوليودية بامتياز؛ فتلميع الشخصيات المشاركة في هذا المؤتمر، وإعطاء أصحاب "الوجوه الجميلة" مكانة رفيعة، هي ذاتها أساليب السينما الأمريكية في فرض "رامبو"، و"هولك هوجن"، وإظهار سفينة ال"تيتانك" بصورة أجمل من تلك التي كانت مرسومة في أذهاننا.

أمريكا لعبت-فعلا- دوراً مهما في إبراز هذا المؤتمر وكأنه أشبه ببرامج واقعها؛ لتدريب واختيار أفضل الوجوه لتسليمها السلطة بعد أن يتوصل- بالطبع- هذا المؤتمر لإقصاء الشعب اليمني، وفرض دستور جديد، وتشكيل دولة من عدة دويلات مقسمة، وإلا لما كانت فرضت على هذا الشعب قوى تحاول تمزيق بلاده، وتنفذ أجندة خارجية بامتياز؟!.

زر الذهاب إلى الأعلى