آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

هل أصبح نقد العلماء لمستجدات الحوار إرهابا وتكفيرا؟!‏

أثار تصويت فريق بناء الدولة في مؤتمر ‏الحوار حول مصدر التشريع بما نسبته ‏‏84% ‏مؤيدين لأن تكون الشريعة الإسلامية ‏المصدر الرئيسي للتشريع و16% مع أن ‏تكون الشريعة ‏الإسلامية المصدر الوحيد في ‏التشريع كما صوت لمقترح ( الإسلام دين ‏الدولة ) تسعة أعضاء ‏بما نسبته 20% ‏وصوت للمقترح الآخر الذي لا ينص على ‏إسلامية الدولة ووجود مقترح آخر ‏قيل أنه ‏تم سحبه وينص على أن "الإسلام دين ‏الشعب" وليس دين الدولة..‏

‏ أثار التصويت ‏على هذه المقترحات بتلك النتيجة التي ‏خرجت بها المخاوف لدى بعض العلماء ‏‏والدعاة فالتيار الإسلامي (إصلاح سلفيين) إضافة لكمال بامخرمة هم من أيدوا أن ‏تكون ‏الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد ‏للتشريع بينما الآخرون مع أن تكون هناك ‏مصادر فرعية ‏أخرى وغير إسلامية بجوار ‏الإسلام كمصدر رئيسي للتشريع إضافة إلى ‏تصويت الأغلبية ‏كذلك على أن الإسلام هو ‏دين الشعب وليس دين الدولة وقد تبلورت ‏هذه المخاوف على شكل ‏بيانات احتجاجية ‏وتصريحات ناقدة ولكنها قوبلت بحملة ‏إعلامية تتهم العلماء بالتحريض ‏والتكفير ‏والإرهاب.‏

الشيخ الزنداني في بيانه حول هذا الأمر ‏حذر من خطورة إلغاء هوية الدولة اليمنية ‏العربية ‏والإسلامية ومن إعادتنا إلى مربع ‏الصراع الأول حول هوية الدولة اليمنية ‏والكل يعلم ما حدث ‏في بداية التسعينات من ‏جدل وخلاف حول هذا الأمر وقد حسم ‏حينها بتصويت شعبي على أن ‏الإسلام ‏مصدر جميع التشريعات ودين الدولة وبيان ‏الشيخ الزنداني هو تحذير من جر البلد ‏‏لخلافات وشقاق ومشاكل بدليل أن الشيخ ‏دعا للاعتبار مما يحدث في مصر ودول ‏أخرى حيث ‏تتعرض المنطقة لمؤامرات ‏تستهدف تمزيقها وتقسيمها وإغراقها في ‏دوامة الفوضى الهلاكة ‏ونحن في اليمن لسنا ‏ناقصين مشاكل من هذا القبيل فلدينا من ‏المشاكل ما يكفينا لعقود قادمة ‏والله يلطف ‏بنا ويجنبنا كل شر ومكروه.‏

‏•‏ أين التكفير في بيانات العلماء؟!!‏
‏ الأصل أن هذه المادة محسومة ولا نقاش ‏حولها وعندما وجد بعض علماء اليمن أن ‏أعضاء ‏فريق بناء الدولة من التيار ‏الإسلامي (إصلاح سلفيين) وأربعة ‏أعضاء من المكونات الأخرى ‏هم من ‏صوت على نص آخر لا ينص صراحة ‏على أن الإسلام دين الدولة انزعجوا وقلقوا ‏مما ‏يحدث وتداعياته التي يمكن أن تجر البلد ‏للشقاق والخلاف خصوصا بعد إقصاء ‏العلماء وفئات ‏وطنية فاعلة من مؤتمر ‏الحوار وتكاثر الشبهات والغموض حوله ‏والمهاجمين له والمحذرين ‏منه فجاء بيان ‏الشيخ كمال بامخرمة وبيان الشيخ الزنداني ‏وتحذير الشيخ محمد بن موسى ‏العامري ‏والشيخ عبد الله بن غالب الحميري والشيخ ‏عبد العزيز الدبعي وغيرهم ليصب في ‏هذا ‏الإطار ومن وجهة نظري فهذا التخوف من ‏العلماء وحرصهم على أن تكون مخرجات ‏‏مؤتمر الحوار في إطار الشريعة الإسلامية ‏والمصلحة الوطنية هو محمود وينبغي أن ‏يحمل ‏على حسن الظن وعلى المحمل ‏الحسن وعدم محاكمة النوايا فالنوايا يعلمها ‏الله ونحن أمرنا بأن ‏نحكم على الظاهر ‏وينبغي قراءة هذه البيانات قراءة موضوعية ‏منهجية بعيدة عن التعصب ‏ونبش الماضي ‏واجترار الصراعات الفكرية وتقويل الناس ‏غير ما قالوا وتحميل حديثهم ما لا ‏يحتمل ‏ومحاولة ابتزازهم باتهامهم بتكفير أعضاء ‏مؤتمر الحوار والتحريض ضدهم بينما لم ‏‏يحدث شيئا من هذا.‏

من يتابع الحملة الإعلامية ضد العلماء ‏لانتقادهم تصويت أغلبية فريق بناء الدولة ‏على مقترح ‏أن الشريعة الإسلامية المصدر ‏الرئيسي للتشريع يصاب بالتعجب ويتساءل ‏‏: أين فتاوى التكفير ‏في أحاديث العلماء أو ‏المشايخ الذين ذكرتهم سابقا أو حتى ما نشره ‏الشيخ محمد الزنداني في ‏صفحته على ‏الفيسبوك الذي قام بنشر أسماء الذين ‏صوتوا ضد والذين صوتوا مع ما يدل على ‏‏التكفير أو التحريض أو يحتمله هذا إن كان ‏هناك إنصاف أو موضوعية أو حتى ‏خصومة ‏شريفة وعداوة بتعقل.!!‏

‏•‏ عن رد مؤتمر الحوار على بيانات ‏العلماء ‏
لقد أصدر مؤتمر الحوار بيانا أكد فيه على ‏‏"أن الإسلام والهوية العربية والإسلامية ‏للدولة ‏والمجتمع ليستا قضية خلافية ‏مطروحة للنقاش" وهذا أمر يحسب للمؤتمر ‏لكن البيان راح ‏يحرض على العلماء ‏ويتهمهم بالتكفير والإرهاب ويحرض ‏الإعلام وحملة الأقلام عليهم ويلوح ‏‏بمقاضاتهم وهو خطاب انفعالي وردة فعل ‏غاضبة وتفتقر للتعقل والموضوعية ‏والتوضيح ‏الموضوعي. ‏

‏•‏ هل يعاب الدستور أم السلطة التي لم ‏تطبقه؟!!‏
يقول البعض إن الدستور القائم الآن ينص ‏على أن الشريعة الإسلامية مصدر جميع ‏التشريعات ‏وفي الوقت نفسه لم يجد الشعب ‏غير الظلم والفساد والنهب والتجهيل ‏وغيرها ولم نجد شريعة ‏الله مطبقة في ‏مناحي الحياة وهذا الكلام صحيح ولكن ‏دعونا نتساءل : هل هذا يعيب الدستور أم ‏‏السلطة التي لم تطبقه وتعمل به؟!!‏

هل الدستور كائن أسطوري يمتلك قوة ‏أسطورية خارقة ترغم السلطة على تطبيقه ‏أم إنه ‏مجموعة نصوص ومواد قانونية ‏صيغت على أساس أن تطبقها السلطة ‏وتنظم بها شئون الدولة ‏والمجتمع؟!! ‏

‏•‏ تخبط وانفلات إعلامي مخيف ‏
للأسف لقد صرنا في اليمن نعيش أسوأ فترة ‏تردي إعلامي حيث صارت الأمور فوضى ‏‏إعلامية والبعض إن لم نقل الكثيرون ‏يؤلف ممن رأسه وينشر كما يحلو له ويوجه ‏أحاديث ‏الناس بما يصفي حساباته ويضر ‏بخصومه ويضيف من عنده ويعنون من ‏رأسه ويقول الناس ‏ما لم يقولوا والمهم يسدد ‏هدف إعلامي في مرمى الخصم ويرضي ‏مموله والجهة التي تقف ‏وراءه و"اللي ‏يحصل يحصل " دون مراعاة مشاعر ‏القارئ أو المشاهد والقارئ والمشاهد ‏‏اليمني ذكي يعرف الغث من السمين وهذا ‏يمثل لنا بعض العزاء . ‏

‏•‏ إعلام بلا مصداقية وإنصاف ‏
في تقديري فإن في بلادنا ثلاث جهات لديها ‏مشاريع الضيقة وتعمل عبر وسائلها ‏الإعلامية ‏على استهداف التيار الإسلامي ‏وتشويه كل الشخصيات والهيئات التي يمكن ‏أن تقف في طريق ‏تحقيق مشاريعها ولذا ‏فالوسائل الإعلامية التابعة لهذه الجهات من ‏قنوات وصحف ومواقع ‏إخبارية لا يصدقها ‏المتلقي الحصيف خصوصا فيما تنشره عن ‏التيار الإسلامي ورموزه ‏وأنصاره لأن هذه ‏الوسائل الإعلامية لا مصداقية ومهنية لها ‏في تناولاتها الإعلامية لأنشطة ‏وأحاديث ‏هؤلاء الأشخاص والهيئات حيث تتناول ‏أحاديثهم وأنشطتهم بطريقة ثأرية انتقامية ‏‏تشويهية وتتعامل بفجور في خصومتها مع ‏هؤلاء لأنها وجدت أساسا للنيل من هؤلاء ‏‏الأشخاص والهيئات بأي وسيلة وبأي شكل ‏من الأشكال ولم توجد لتقديم إعلام يخدم ‏الوطن ‏وأمنه واستقراره ويبث الحقيقة ‏ويحترم عقل المتلقي . ‏

‏•‏ الانفلات الإعلامي لا يبرر التشويه ‏والافتراءات ‏
ورغم الانفلات الذي يضرب المشهد ‏الإعلامي ككل ويدخله في دوامة من ‏الفوضى أعترف بها ‏رئيس الجمهورية ‏مؤخرا ولم يعمل لحلها شيئا إلا أن هذه ‏التناولات الإعلامية الموجهة والغير ‏مهنية ‏والتي تستهدف رموز التيار الإسلامي ‏بالتشويه والتحريف والافتراءات غير ‏مبررة ولا ‏تخدم الوطن وتسيء لهذه ‏الوسائل الإعلامية والجهات التي تقف خلفها ‏في المقام الأول وتعتبر ‏في نظر الكثيرون ‏شهادة بالوطنية والمصداقية لهؤلاء الذين ‏تستهدفهم وتحاول تشويههم.‏

‏•‏ مطلوب نقد للعلماء بموضوعية ‏وإنصاف ‏
إن العلماء ورموز وقادة التيار الإسلامي في ‏اليمن وغير اليمن ليسوا فوق النقد ولديهم ‏أخطاء ‏وقصور وتناول أحاديثهم ‏وتصريحاتهم وأنشطتهم في وسائل الإعلام ‏هو شيء طبيعي ولكن ‏ينبغي أن يكون ‏بإنصاف وعدل وبموضوعية وبمهنية .‏

‏•‏ تساؤل أخير ‏
في مقام كهذا أتساءل : لماذا يرى البعض ‏أن هؤلاء الذين صوتوا لإلغاء هوية الدولة ‏اليمنية ‏الإسلامية يعبرون عن رأيهم ‏وبأسلوب حضاري مدني بينما نقد العلماء ‏لهذا العمل هو تكفير ‏وتحريض وإرهاب ‏وكباب وكفتة حتى لو لم يكن في أحاديثهم ‏أي نص يدل على التكفير ‏والتحريض أو ‏يحتمله أو حتى يقترب منه، لماذا؟!!‏

زر الذهاب إلى الأعلى