لايزال السباق لإراقة الدم اليمني مستمر إلا أنه في هذه الآونة يبدو في عنفوان كبريائه حيث لا بواكي للذين تراق دماؤهم الزكية دون ذنب ارتكبوه أو جرم اقترفوه سوى انهم ضحية حقبة مقيتة لم تكتف بحرمانهم من أدنى حقوقهم بل صارت تتاجر بقضاياهم ولا ثمن سوى تلك الأرواح البريئة.
ومن المفارقات العجيبة أن يختلف الحوثي وجماعته مع الأمريكان في الشعار ويتفقون على قتل المسلمين في واقع الحال، وفي الوقت الذي صُمَّت آذاننا من كثرة ترداد شعار (الموت لأمريكا الموت لإسرائيل) تقدم جماعة الحوثي على ارتكاب مجزرة جديدة سقط فيها 12 شخصاً ما بين قتيل وجريح بينهم نساء وأطفال، من أبناء مديرية "منبه"، شمال محافظة صعدة، على الحدود اليمنية السعودية، في قصف مدفعي عنيف شنه الحوثيون على المديرية لغرض السيطرة عليها،
ولاشك ان هذا العمل الذي تقدم عليه هذه الجماعة وفي هذا التوقيت المحدد يكشف لنا الكثير من الحقائق التي لازالت خافية على بعض المتعاطفين معها , ففي الحين الذي لازالت فيه دماء إخواننا السوريين تثعبُ من جراء قصف وتدمير نظام الأسد وحزب الله اللبناني وكذلك التحليق المستمر للطائرات بدون طيار في الأجواء اليمنية والتي حصدت ارواح الكثير من اليمنيين الذين يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم القاعدة كما يزعمون , وكذلك قصف الطائرات الإسرائيلية من دون طيار لأبناء سيناء في مصر , تستأنف جماعة الحوثي القصف بالمدفعية والأسلحة الثقيلة وقذائف آر بي جي على المواطنين مما أثار الهلع والخوف بقلوب السكان الآمنين, ولايزال الأهالي يتخوفون من ارتكاب الحوثيين لمجزرة أخرى بعد اقتحام عدة قرى بمدرعات وآليات عسكرية. . وكل هذا وذاك يجعل العقلاء يتساءلون إذا كان الأمريكان والإسرائيليون يقتلون في المسلمين ويشاركهم في القتل الشيعة فما جدوى ذلك الشعار؟ و إلى متى سيظل التظليل وتجاهل الحقائق؟ ومتى ستتخلى المليشيات المسلحة عن الأسلحة الثقيلة التي بحوزتها ويؤمنون بحق المواطنة والتعايش مع الأخرين؟
أمرٌ مقزز عندما يمهد الأمريكان لضرب المواطنين بإغلاق سفارته لتوقع هجوم إرهابي ويزيد الأمر غرابة عندما نسمع تصريحا بأنه تم إفشال مخطط إرهابي ينوي الاستيلاء على بعض المنشئات ومع أن القاعدة قد نفته عن نفسها، إلا اننا نقول أين هذه الجاهزية عن حماية المواطنين في صعدة من بطش الجماعات المسلحة التي تقتل وتشرد دون اكتراث بأحد؟ لكن ربما استطاع الحوثيون إقناع السلطة في تبرير جرائمهم كون هذه القبائل من حلف النصرة التي رفضت الخضوع لهيمنتهم، ورفضت أداء الزكاة لهم، فإذا كان الأمر كذلك فعلى الدنيا السلام، ما علينا إلا أن ندعو الله ونقول "اللهم اننا نعوذ بك من الخزي والعار وتسلط الأشرار ومن هجمات الطائرة بدون طيار انك أنت العزيز القهار".