تمارس الولايات المتحدة في اليمن دورا استعماريا خفيا محكم البقضبة لن نحس به إلا بعد أن يتطور ذلك الدور ليبدو كمرض سرطاني الأعراض والنتائج، بساعدها في ذلك تنافر القوى التي تتنازع الثروة والسلطة والعمالة للقوى الفاعلة في المنطقة وخارجها، مع ما تتمتع به من القدرة على تحريك الشارع المسكون بالخوف من الوجوه المتناقضة والقادم الملبد بالغيم.
لا يخفى على الجميع أن ما يسهم في استفحال ذلك الدور، الحال المتأرجح للكرسي الذي يجلس عليه رئيس سبعيني منهك الحاسة تدفعه عصبة- لا عصابة- من صناع الأزمات للتمسك بالكرسي بأي طريقة وثمن، وقد استشعرت الولايات المتحدة ذلك فأقسمت على نفسها أن تجعله يلبي لهم تلك الرغبة المكلفة مع عدم إدراكه بأن الثمن سيكون أكثر مما دفعه اليمن في عهد الرئيس السابق، الذي كان أكثر مراوغة مع الأمريكان ولم يعطهم إلا الفتات.
وهنا، هل علينا أن ننتظر لنجد اليمن آخر دولة في الجزيرة العربية يتم السيطرة عليها كليا وفعليا، عبر القواعد العسكرية وعبر الشركات والتسليح وعبر السيطرة الاقتصادية على عدن، وفي ظل الشكل الجديد للدولة المجزأة الذي يسمى فيدرالية، ولتكون اليمن بعدها أوصالا توجهها في الاتجاه الذي يريده الخصوم، وأن يقال: إن ذلك كان في عهد رئيس اسمه عبدربه منصور هادي؟