الرئيس الاميركي باراك أوباما يهنئ الرئيس هادي بنجاح مؤتمر الحوار! يبدو أنه هو الثالث, بعد الرئيس هادي المبعوث الدولي جمال بن عمر, يستعجل انجازا ما في اليمن لأسباب تعويضية على الأرجح.
مؤتمر الحوار لم يختتم أعماله بعد. ومن المؤكد, ولكن من الأسف أيضا, أن النجاح لن يحالفه لأنه مؤتمر حُرم من أية فرص نجاح منذ ديسمبر الماضي عندما قررت اللجنة الفنية تجاهل التحديات والمخاطر التي تعترض الحوار, ترضية للرئيس هادي وللمبعوث الدولي ولمراكز القوى في النظام السياسي اليمني.
تفيد آخر مسودة اتفاق في لجنة الـ16 التي صارت هي المؤتمر, بأن اليمن لن يخرج من العالم الافتراضي في موفنبيك إلى الحرية والأمن والسلام والمواطنة والشراكة بل إلى مرحلة انتقالية أخرى أختير لها اسم دلع هو "المرحلة التأسيسية", ما يعني إقرارا بالفشل من مهندسي ومصممي المؤتمر, واعترافا مضمرا منهم بتضليل اليمنيين الذين انتظروا حلولا سحرية من "الحاوي" الذي لا يريد أن يوقف عروضه في قاعات فندق الـ5 نجوم.
المرحلة التأسيسية ليست كذلك كما قد يقدر البعض. لأن الأطراف والمكونات لم ينجزوا, وما كان لهم أن ينجزوا, رؤية مشتركة للقضايا الرئيسية بما يجعل اليمنيين يصدقون بأنهم سيغادرون "الفندق" إلى "دولة" متفقين على أسسها وبنيانها ووظائفها.
لكن الكبرياء, بما هو أسوأ مستشار, يدفع تحالف السلطة (وربما أيضا بعض المنضمين إليه في موفنبيك) إلى الإمعان في "صناعة الأوهام" عبر سلق مخرجات غير ممكنة التحقق لغرض عقد جلسة ختامية تتيح لأبطال المبادرة الخليجية المحليين الزعم بأن أوباما كان محقا بتهنئته المبكرة.
بتعاقب الأسابيع في المنتجع الشرقي تزداد اللعبة خطرا, لأن الفاعلين الرئيسيين, بمن فيهم جمال بن عمر الذي يطنطن كثيرا بمفردات الحسم ملوحا بعصا مجلس الأمن, ينغمسون أكثر في المقامرة.
يعرف أي معلق سياسي, محدود الذكاء, أن "يمن" مؤتمر الحوار غير قابل للحياة في عالم الواقع (من حديقة 21 مارس إلى العصيمات إلى جنوب ملتهب لا يرى خلاصه في فضاء الـ5 نجوم وال500 نيزك). وإلا لماذ تلح وثيقة الـ16 الملغومة والمفتوحة على الاجتهادات, على نقاط التهيئة للحوار في مرحلة ما بعد الحوار؟
"صناعة الإجماع" التي ازدهرت منذ الخريف الماضي معرضة لهزات عنيفة, وربما انهيار كامل, في غير موقع داخل اليمن ما يرجح لجوء أبطالها إلى الإيغال في العنف والإرهاب لقسر الجمهور على القبول بمخرجاتهم الفاسدة.
الحوار لم يبدأ في اليمن ومقامرة أبطال ومماليك المبادرة الخليجية توشك على الانتهاء. ولأن "التكرار أم التعليم" يبقى من الواجب متابعة إرسال إشارات تنبيه إلى "عالم موفنبيك" أملا بأن يكون هناك يمنيون يلتقطونها, مفادها أن معشر البشر اليمنيين في عالم الواقع, في جنوب غرب الجزيرة العربية, مهددون بالجوع والأوبئة والحروب الأهلية, وربما الفناء جراء الاشعاعات الطالعة (أو النازلة) من "كوكب موفنبيك"!