أرشيف الرأي

ثورة سبتمبر .. لحظة الذكرى والمعنى

ها نحن نعيش ذكرى الثورة اليمنية سبتمبر في نسختها الحادية والخمسين .. الثورة التي أعلناها ضد ثلاثي المرض والجهل والتخلف ولا أفضل من تقييمها بقياس المسافة التي تفصلنا عمليا عن ثلاثتها بعد خمسة عقود من الحرب عليها.

اليوم نبحث في دروس تلك اللحظة التي قرر فيها اليمنيون ركوب الخطر من اجل مستقبل أفضل للأرض والإنسان ثنائي الحياة على مساحة هذا البلد الكريم منذ فجر التاريخ ..

ولم يكن من البواعث اشد إلحاحا إلا الرغبة في مستقبل أفضل عنوانه العدل والحرية والعيش الكريم ,, ذاك ما كان يطلبه المجتمع الواعي حينها وهو ما اقر بالحاجة الملحة إليه باقي المجتمع بعد ذلك حتى وقد رأى في الثورة على حكم الإمام خروجا عن المألوف أو الطبيعي ..

وكانت الحاجة بعد ذلك إلى إقامة بلد عصري يقوم على مبدأ الديمقراطية والاستقلال وبموازاة ذلك كان لا بد طموح أعلى وأعمق يذهب في تجسيد الواحدة اليمنية داخليا ومد جسور الوحدة مع باقي الجسد العربي خارجيا في إطار ما يفترض أن يخدم الوحدة العربية بعد ذلك ..

من هذا الأخير وذاك الذي سبقه بدت عظمة الثورة السبتمبرية كونها تحولت إلى ثورة إنسانية بالمعنى الحقيقي لم تنشد ملئ أعين الحرمان بل لحظة لكتابة تاريخ جديد أفضل للإنسان اليمني .. ومن هنا تأتي أهمية وجدوى تقييم ما حققناه لليوم في مشوار العقود الستة التي لم تكن مفروشة بالورد ولا حتى بالإسفلت , بل كانت في جلها أشواكا ومصاعب وتحديات أبرزها ذلك الذي كاد يقضي على الثورة نفسها في سني الثورة الأولى وعقدها الأول ..

في سبتمبر خرج كوكبة من الأحرار ليقولوا كلمة الأمة في وجه من رآهم عصاة وخارجين على الطاعة , وتفاعل معه من رأى في موقفهم الحق والأمل , لكن الكثير غيرهم كانوا يرون من " خرم " إبرة الحاكم وهو ما لم يكن ابعد من مرمى القدم وكان نتاج ذلك عراك الكر والفر بين ثورة سبتمبر والثائرين عليها أو ما يعرف بالثورة المضادة التي كلفت بلادنا الكثير قبل أن تصبح الثورة واقعا بفضل تضحيات الشرفاء من أهلنا والشرفاء من أسرتنا العربية الذين مزجوا الدم المصري والسوري والعراقي بالدم اليمني في معارك الثورة وتثبيتها في حصار السبعين يوما ..

اليوم نحتفل بالثورة اليمنية 26 سبتمبر 1962م التي دفع فاتورتها اليمنيون ومهدت لثورة "الشطر التوأم" في 14 أكتوبر من العام التالي 1963 م .. وكانت الثورتان أول معركة توحيد حقيقية بعد التجزيء حيث امتزج فيها دم الأحرار في عيبان وفي ردفان من الشمال والجنوب دونما تفريق ..

لماذا لا يكون يوم العيد لحظة محاكمة لأنفسنا إزاء ما حققناه من مبادئ الثورة .. أين نجحنا و إلى أي مدى .. أين فشلنا ولماذا .. ثم كيف سنلتئم مع باقي المبادئ كي تكتمل جملة الثورة بمعناها العميق الذي لا يفترض أن ينتهي بمجرد الثورة على الإمام وتحويل الحكم سياسيا من الملكية إلى الجمهورية .. بمعنى آخر : هل حققنا فعلا الثورة على الجهل والمرض والظلم والتخلف ؟!!

أخيرا :
.. رحم الله شهداء الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر .. وقاد الأمة لتمجيد الثورة وتخليد اليمن الكريم الذي خصه الله بسورة في كتابه , وبآيات حكت عن حضارة ورخاء وشورى شهد عليها القران وكانت رسائل السلام من بلد الحكمة والإيمان ..

زر الذهاب إلى الأعلى