"اذا لم تتعلم لن تغنم"
ثمة ضجة كبرى مفتعلة تريد زرع ايحاء واضح جدا بان إيران انتصرت على أمريكا وانها تحقق الان ما تريد رغم انف أمريكا ! هذا ما يروجه ليس انصار إيران العرب والفرس فقط بل ادوات أمريكا والموساد في الغرب والكيان الصهيوني والوطن العربي ايضا بعد زيارة روحاني إلى نيويورك وتحدثه هاتفيا مع اوباما وما نشر تعقيبا عليها ، اما ( العزيزة ) إيران التي لم تتوقف ابدا عن ترويج قصص مختلقة حول صراعها المسرحي مع أمريكا منذ 33عاما فانها طبعا اول الراقصين في ( عرس انتصار )ها ! ما هي خفايا هذه اللعبة ؟ هل انتصرت إيران حقا ؟ ام ان أمريكا تتعمد ترويج قصة انتصارها رغم انها لم تنتصر ؟ لنتأمل بعض الافكار التي قد تفسر بعض اسرار حفلة الرقص هذه احتفالا بتغيير نوع الزواج إيراني - الأمريكي من زواج متعة- اي مؤقت - إلى زواج مدني - اي طويل الزمن - كما سترون :
1 – العراق كان ومازال مركز الصراع الرئيس : علينا ان نتذكر ام حقائق الصراع الدولي والاقليمي المحتدم منذ عام 1980 وحتى الان وهي ان مركز الصراع ومحوره الاساس وموقع معركته الاساسية كان ومازال العراق وليس غيره ،فالعراق ومنذ تأميم النفط احتل مركز الصدارة في خطط الغرب الاستعماري والصهيونية وتوزعت الخطط تجاهه بين الاحتواء بالاغراء أو الاحتواء بالتدمير اذا فشل الاحتواء بالاغراء ، لان النفط هو المادة الاساسية الستراتيجية الاهم في جدول مصالح الغرب ، كما ان النفط هو المادة الاساسية في موازين القوى بين العرب والكيان الصهيوني فاذا امسك العرب بالنفط وسخروا موارده لخدمة التنمية الوطنية في اطار مصالحنا القومية يستطيع العرب تقرير مصير اسرائيل نتيجة تحقيق قفزات نوعية في قدراتهم وهو ما حققه العراق فاستحق الدمار والتشرذم . واخيرا وليس اخرا فان اي دور اقليمي لإيران ضد أو مع الغرب يتقرر في ضوء قوة أو ضعف العراق .
من وجهة نظر الصهيونية والغرب لا يجوز السماح لاي قطر عربي بتجاوز عتبة الضعف والاعتياش الطفولي على ما يصنعه الغرب وضرورة ابقاءه تابعا ومعتمدا وطفيليا . اما إيران التي رسمت لنفسها دورا اساسيا وحاسما في ترتيب أو اعادة ترتيب الوضع الاقليمي فان الغرب والصهيونية دعما هذا المشروع القومي الفارسي في عهدي الشاه وخميني لانه يمكن ان يكون احد اخطر ادوات الصهيونية والغرب في تقسيم أو شرذمة الاقطار العربية وابقاءها ضمن الدائرة المسموح بها .
ويقوم المشروع الامبراطوري الفارسي القومي على الغاء أو تدمير المشروع القومي العربي لانهما يتحركان في نفس الموقع الجغرافي ويعتمدان على موارده المادية والبشرية وموقعه الجغرافي الحاسم ، وبعد ذلك تبدأ لعبة اخضاع الاقطار العربية أو بعضها لإيران ، فإيران تريد تدشين التوسع الامبراطوري في ارض العرب بينما العرب يقوم مشروعهم القومي على توحيد بين اقطارهم وليس التوسع الخارجي ، وبناء على تلك الحقيقة الجيوبولتيكية فانه لا يمكن ان تبدأ إيران كفاحها من اجل الامبراطورية من دون حسم موضوع العقبة العراقية وضرورة ازالتها أو اخضاعها لها، لان العراق هو البوابة الجغرافية التي لا يمكن بدونها التوسع القومي الامبراطوري الفارسي .
من هنا فان ثلاثة اطراف لها مصالح سوبرستراتيجية مشتركة هي الغرب بقيادة أمريكا وإيران واسرائيل تقوم على مواجهة احتمالات النهوض القومي العربي خصوصا في العراق وتدميره مسبقا أو تدميره بعد حصوله مثلما حصل في تجربتي عراق البعث ومصر ناصر . كل الاحداث والتحولات في الوطن العربي وليس في العراق فقط منذ تأميم النفط العراقي يجب ان تربط بالصراع الستراتيجي الذي يدور على ارض العراق ، تلك ام الحقائق التي ينبغي الانتباه اليها عند تحليل أو فهم ما يجري .
ويترتب على هذا الامر حقيقة معروفة وهي ان من يحسم الحرب في العراق ينتصر في معركة ترتيب الاقليم المسمى ( الشرق الاوسط ) ومن ثم فان تسلسل القوى الدولية الجديدة يعتمد على اهم مناطق العالم من حيث الموارد الضرورية للنهضة الصناعية والتقدم ، ومن يسيطر على مفاتيح هذا الاقليم يستطيع السيطرة على العالم ، ولذلك ترون امرا قد يبدو عجيبا لكنه تحصيل حاصل طبيعة العراق ودوره ففي الوقت الذي قدحت فيه أمريكا شرارات ( الربيع العربي ) في الاقطار العربية الا انها اصرت وتصر على منع الربيع الطبيعي في العراق !
والسبب الجوهري هو ان الانتفاضة العراقية التي ابتدات في عام 2011 وتراجعت ثم انطلقت بقوة في هذا العام هي الربيع العربي الحقيقي الوحيد النقي وطنيا وتحرريا – اضافة لانتفاضة السودان - لوجود قوى وطنية منظمة ولها جماهير تضمن ابقاء الانتفاضة في خدمة الشعب وتمنع التشرذم والفوضى بينما في بقية الاقطار العربية من قاد الانتفاضة ، مثل وائل غنيم ، أو عد رمزا لها مثل البرادعي ، هي عناصر تابعة للمخابرات الأمريكية ، وهي التي دفعت مصر وغيرها للوقوع في جحيم الفوضى الهلاكة والتشرذم المميت .
لذلك فالربيع العراقي غير مسموح به لانه سيسمح بتفتح ورود حقيقية ويعيد للعراقيين حياتهم ويحررهم من الموت المجاني تفجيرا وتسميما واعداما وحرقا ، والاهم ان العراق المحرر سيؤدي إلى اغلاق الممر الوحيد الذي تستطيع إيران عبره مواصلة نشر الفوضى والفتن الطائفية وتمزيق الوحدة الوطنية في الاقطار العربية وتلك هي الاهداف الاساسية للغرب والصهيونية . من هنا فان التوافق الروسي الأمريكي والذي سوف يجر اليه إيران وتركيا شرط ضروري لاكمال المهمة في العراق وهي تكرار محاولات تقسيمه ولكن بطريقة ناعمة هذه المرة ، فاعلان التوافق بين روسيا وأمريكا حول سوريا وانضمام إيران وتركيا اليه يسمح بفرض صيغة فدرالية على العراق ، مثلا نظام الاقاليم ، لكنها مجرثمة بفايروس التقسيم الحتمي ، كما اراد دستور بريمير ، وتلك احدى اهم مؤشرات الاحتفالات الحالية بنقل الزواج الأمريكي - الإيراني من زواج متعة مؤقت وغير رسمي كما كان منذ وصل خميني للحكم ، إلى زواج مدني طويل الامد معلن ورسمي .
هذا السيناريو يحتاج لإيران قوية وغير فاشلة تقوم مقام أمريكا وروسيا واسرائيل في ان واحد وتتعاون مع هذه الاطراف مباشرة أو سرا لاعادة ترتيب الوضع العراقي وفقا للخطة الاصلية للاحتلال والتي فشلت في تقسيمه وهو الهدف النهائي ، وباكمال ذلك تصبح المهمة الاوسع اسهل : فسوريا مثلا دورها في الصراع الدائرحصوصا منذ عام 1980 وحتى الان ليس سوى احد مكونات المحيط الستراتيجي للقلب الستراتيجي وهو العراق . ومن لا يريد ان يفهم هذه الحقيقة عليه ان يسأل مرة اخرى ويكرر السؤال : لم استهدف العراق مبكرا وتركت مصر ما بعد ناصر وسوريا الاسدين في خدمة أمريكا منذ السبعينيات ؟ ولم تدور معارك المنطقة الاشد خطورة وحسما في العراق منذ الثمانينيات عندما سلط الغرب والصهيونية خميني ونظامه على العراق ؟ لم تتحالف أمريكا مع إيران ضد العراق رغم ان الاولى تهاجم تطرف إيران الديني والثانية تندد بالشيطان الاكبر ؟ طرح هذه الاسئلة هو مفتاح فهم ما يجري الان .
2 – فشل أمريكا وتفويض إيران : احدى امهات الحقائق التي تحاول أمريكا وإيران واسرائيل اخفاءها حقيقة ان أمريكا عجزت عن اكمال المهمة في العراق وهي تقسيمه إلى 3 دويلات على الاقل ، هذا هدف مركزي لم ولن تتخلى عنه أمريكا واسرائيل الا اذا اجبرتا ، وعلى كل من ينتابه وهم امكانية تغيير أمريكا هدفها هذا ان يعيد النظر . ولكي تستطيع أمريكا مواصلة عملية تدمير العراق وتكرار المحاولات كلما فشلت قدمت العراق لإيران كي تكمل مهمة تقسيمه .
لكن وفي العام الثاني لتسليم أمريكا العراق إلى إيران ترى أمريكا ان إيران تتمزق وتتداعى داخليا وتفشل في العراق فهي تواجه تشرذما في اوساط ادواتها من المستحيل منعه وفشلا تلو الفشل لخططها اصلاح ومصالحة ادواتها السياسية والطائفية التي غرقت في فساد لم يسبق له مثيل في العراق والعالم ، بالاضافة لتخلفها الشامل المذهل والذي ادى إلى تبلور قناعة عامة حتى في الاوساط الموالية لإيران بان هذه الاحزاب والكتل لا يمكن لها ان تصلح أو تتغير ، مما ادى إلى احداث شرخ كبير بين إيران وبين الجماهير التي عولت على كسبها لفرض سيطرتها على العراق ، وتلك هي من اهم شروط التحرير الناجح للعراق من الغزو الإيراني .
ومقابل ذلك وعلى النقيض منه يشهد العراق تعاظما لقوة المقاومة والحركة الوطنية العراقية ولعل الانتفاضة المتواصلة وامتدادها إلى الجنوب العراقي خير دليل على ذلك ، فاصطدم هدف التقسيم بارادة عراقية شاملة اذهلت إيران وأمريكا تمتد من الجنوب إلى الشمال تجمع على رفضه والتمسك بالهوية الوطنية العراقية بصفتها الخيار الوحيد لانقاذ العراق مما يواجهه منذ الغزو رغم الكوارث الناتجة عن جرائم المفخخات الإيرانية ضد المدنيين والتي صممت لاجبار الناس على قبول التقسيم بصفته الحل الوحيد .
ما يراه الان ابناء العراق والكثير من غير العراقيين حقيقة لا يمكن انكارها ابدا وهي ان إيران ورغم كل ارثها التاريخي المتراكم والذي منحها القدرة على اختراقنا باسم الطائفة عجزت هي الاخرى عن اكمال المهمة ولحقت بقطار الفشل الأمريكي ، بدليل ان العراق وبعد عشر سنوات كارثيات لم يقسم بل انه في العام العاشر للغزو ينتفض شعبيا ويتحرك عسكريا لانهاء الغزو الإيراني ويقف ابناء الجنوب ابطالا عظاما كما كانوا اثناء القادسية الثانية بوجه الغزو الإيراني، فتأكدت أمريكا وإيران بان العراق بحاجة للمزيد من الوصفات المخابراتية وفي مقدمتها كوارث الابادة الجماعية للعراقيين والتي قد تؤدي إلى تقسيمه واجبار شعبه على الرضوح كما تتصور أمريكا وإيران . فكيف تستطيع إيران المهزومة نفسيا والمعزولة سياسيا وشعبيا في العراق والتي تفقد ادواتها في العراق نتيجة فسادها وتشرذمها المتعاظم تحقيق الهدف المركزي الصهيوأمريكي - إيراني ؟
3 – من ( مناهضة ) أمريكا إلى اعلان الشراكة معها : بين عامي 1979 وعام 2008 كانت إيران تكسب الانصار بقوة تضليل شعار انها ( دولة مقاومة وممانعة) ، معتمدة جوهريا على النداء الطائفي العلني من جهة ، وعلى عمليات حزب الله التي صممت لكسب دعم العرب وتسخيرها لخدمة المشروع الاستعماري الفارسي من جهة ثانية ، ولكن في عام 2008 سقطت اخر اوراق الدعاية الإيرانية باحتلال حزب الله لبيروت وتحويله لسلاح المقاومة لقهر الشعب العربي اللبناني رغم اغلظ الايمان التي رددها حسن نصرالله بان هذا السلاح لن يستخدم الا لمواجهة اسرائيل ! واطلقت رصاصة الرحمة على صورة إيران ك( قائدة المقاومة والممانعة ) بانخراط حزب الله وإيران مباشرة في الحرب في سوريا ووقوفهما مع النظام الصفوي في دمشق وسفكها لدماء الاف السوريين كما تفعل في العراق ، فسقط الغطاء المقاوم والرافض للغرب الذي تسترت به إيران وبدت كدولة معادية للعرب وامبريالية ولا يصلح لها اسم غير اسرائيل الشرقية . هنا يطرح سؤال مهم : كيف تستطيع إيران مواصلة عملية تدمير العراق ونشر الفتن الطائفية في الوطن العربي بعد ان فقدت اغلب مقومات القوة الدعائية والطائفية التي اعتمدت عليها واصبحت بنظر الاغلبية الساحقة من العرب عبارة عن دولة استعمارية وصار حزب الله مجرد اداة لاستعمار اقليمي اكثر عداوة وشراسة من الاستعمار الصهيوني ؟
الحل هو تقديم صورة مفزعة لإيران تخيف اعدائها عبر الانتقال من منطق التبعية الطائفية والعقائدية لإيران إلى منطق ابتزاز القوة . ليس ثمة وصفة افضل من تصوير إيران على انها انتصرت على أمريكا المسكينة العاجزة حتى عن اطلاق صاروخ كروز ! وبالتبعية فان إيران القوية التي انتصرت على أمريكا تستطيع الانتصار على شعب العراق ، وهذه الفكرة صممت لاقناع انصار إيران بمواصلة دعم خططها حتى بعد سقوط الغطاء العقائدي والمقاوم لها ، فاذا كانت إيران قد انتصرت على أمريكا فان من خارت قواه وتهدمت معنوياته من عملاءها العرب سيعيد بناء معنوياته ويواصل دعم إيران المنتصرة والقوية ، وهكذا نجد من يستمر في العمل تحت امرة قاسم سليماني بلا تردد من اجل تحقيق انتصار إيران الكامل في العراق والوطن العربي كله ، وبدأت بوادر هذا التوجه بانتقال البعض من نقد خجول لإيران إلى جانب دعمها إلى تبرير اعلان زواجها المدني مع أمريكا وتسويقه على انه انتصار رغم ان هذا التسويق عار يكلل رأس كل جاسوس .
اذن احد اهم اسباب تصوير ان إيران انتصرت على أمريكا هو ان إيران في حاجة قاتلة لدفعة معنوية تستطيع بقوتها مواصلة تنفيذ المخطط الصهيوأمريكي وهو تقسيم العراق وبقية الاقطار العربية ، وتلك مصلحة ستراتيجية أمريكية صهيونية تستحق ايهام الناس بان أمريكا هزمت مع انها لم تهزم امام إيران ابدا كما سنرى .
4– حدود القوة الأمريكية : قال عنتر بن شداد ( اصرع الضعيف بضربة قاضية ترتعد فرائص الشجعان الذين يرون المشهد ) ، المحافظون الجدد كانوا اغبياء باختيارهم العراق لتوجيه الضربة القاضية اليه لتركيع العالم كله خوفا وبلا حرب ، اعتقادا منهم انه انهك وضعف بعد 23 عاما من حروب وازمات فرضت عليه فرضا ، متناسين ان خلفية شعب العراق الممتدة إلى اكثر من ثمانية الاف عام هي مزيج عضوي متين من خبر وتجارب وانجازات عظيمة وتربية عائلية واجتماعية متطورة توفر له قدرات غير مادية لكنها تصنع القدرات المادية وهي الروح العراقية الصلبة والواعية بنفس الوقت والتي تتحمل كافة التحديات وترفض موازين القوى التي تعمل ضدها فتغيرها بعمل فريد لا يخطر على بال من لا يعرف ابناء العراق |.
لم يغادر بوش الغبي الادارة الأمريكية ومعه عصابة ( المحافظون الجدد ) الذين ورطوا أمريكا في ( اكبر كوارثها الستراتيجية ) وهي غزو العراق كما اعترفت مادلين اولبرايت ، ويأتي بدلا عنه اوباما لتصعيد الحروب بل لايقاف مسلسل انهيار أمريكا من الداخل نتيجة ضخامة الاستنزاف في العراق ، وهذه الحاجة تفرض اطفاء الحروب العسكرية والتدخل المباشر والاستعاضة عنها بابتزاز القوة اي تحقيق النصر بدون تدخل عسكري مباشر واستخدام التدمير الشديد للضحية لاخضاع من لم يخضع بعد ، كما حصل في العراق ولكنه ادى إلى جر أمريكا إلى تلهكة فجرت كوامن ازمتها البنوية . ولهذا ففلسفة (المحافظون الجدد ) القائمة على جعل القرن الجديد قرنا أمريكيا فشلت وحلت محلها فكرة بشر بها بريجنسكي مبكرا وهي استحالة قيام نظام عالمي تسيطر عليه أمريكا بمفردها نظرا لمحدودية امكانياتها ولابد من عالم متعدد الاقطاب ، وبناء عليه فان تتويج اوباما كان تمهيدا لتطبيق فكرة بريجنسكي .
وفي اطار الاقرار بعجز أمريكا عن اقامة نظام عالمي تقوده بمفردها فان البديل هو شراكة مع قوى دولية واقليمية اخرى فرضت نفسها ، وبناء انظمة اقليمية متعددة تمثل ادوات السيطرة على العالم من قبل القوى العظمى المتعددة والمتقاسمة للنفوذ ، وفي منطقتنا وهي المنطقة الاهم في العالم بالنسبة للكبار فان اقامة نظام اقليمي جديد كبير يضم القوى الاقليمية الفاعلة هو الهدف . هنا تتبدى ضرورات تحقيق هذا الهدف : فإيران وتركيا وليس العرب هما بعد اسرائيل ابرز اعمدة النظام الاقليمي الجديد برعاية روسية أمريكية اوربية ، اما العرب فطبقا للمخطط هم ليسوا سوى توابع لاتأثير لها . هكذا نرى خيوط التشابك والشراكة المتعددة الالوان . وطبقا لهذا المشروع فان إيران القوية غير المتشاجرة مع أمريكا حتى دعائيا شرط مسبق لقيام الشرق الاوسط الكبير الضامن لامن اسرائيل ولمصالح أمريكا ، ولذلك فان الفيلم الهوليوودي العتيق عن ( صراع الجبابرة ) بين أمريكا وإيران والذي لم تطلق فيه رصاصة واحدة طوال اكثر من 30 عاما يجب ان ينتهي للتقدم خطوة اخرى نحو الشرق الاوسط الكبير والجديد .
انتبهوا إلى حقيقة تناساها كثيرون وهي ان الشرق الاوسط الجديد يقترب من الولادة بعد تدمير العراق وسوريا وليبيا وبدأ عمليات تدمير مصر وتونس واليمن والبحرين ، وتهيئة الخليج العربي لاعلانه خليجا اسيويا ! استيقظوا نحن على ابواب تحولات كارثية اكبر واخطر كلها تدور حول محو الهوية القومية العربية ، وبما ان إيران احدى اهم القوى الاقليمية المرشحة للعب دور في التحولات المتوقعة فيجب ان تتغير علاقتها الرسمية مع أمريكا لتصبح شراكة رسمية وليس فعلية فقط .