أرشيف الرأي

الأسطوري جمال بن عمر.. ولعنات أنكى تلوح في الأفق

ما ناقص إلا يطبعوا أوراق نقدية جديدة عليها صور بنعمر وبس، أو يحطوا وجهه على كل ‏صيغ الإجراءات الرسمية بدلاً عن الطير الجمهوري مثلاً ، أو بالمرة يعملوه كتمثال ضخم ‏بنسختين واحد فوق رأس جبل نقم -على الاقل- والثاني فوق رأس جبل شمسان ، ويكون اسمه-‏في مناهج التعليم بالضرورة - أبو اليمن الحديث، أو منقذ اليمنيين من الضلال، أو محقق ‏الخلاص لشعب وأمة واق الواق . ‏

عقبذاك طبعاً ما ناقص إلا استصدار مرسوم خاص لفرض تكريم بنعمر يوجب بشدة أن ‏نباهي به الأمم من الآن وصاعداً لكأن أثره النهضوي في حياتنا العامة مذ حط على المشهد ‏بمثابة بسمارك أو أتاتورك أو محمد علي أو بوليفار ..‏

غير انه من المؤسف رضوخ نخب البجاحة والخواء لكل هذا الاستلاب المريع، وها قد ‏أصبحت مساهمة رئيسية في خدائع الحلول السحرية الواهمة لكوارث تتراكم في هذا البلد ‏الموبوء ليس إلا ، ثم من العار ان نتجرد من السيادة والكرامة كل يوم أكثر، وأن تتجاوز ‏وصاية بنعمر على الحاضر والمستقبل كل حدود المعقول واللامعقول كذلك ، وتحديداً بما ‏يدمر فتات ماتبقى من ملكات الحس الوطني السوي " وماتزال اليمن تكابد نفوذ السعودية ‏وأمريكا وفرنسا وبريطانيا وتركيا وقطر وإيران ..الخ". لكن بمقابل ذلك فإن كل هذا الانتشاء ‏بوصفات بنعمر الاصطفائية جداً يزداد يوماً إثر آخر دون انجاز حقيقي لأي معالجات ناجعة ‏لمشاكل البلاد كما يقول الواقع .‏

والحاصل ان التلذذ بالدونية واللامسئولية هو ماجعل الجميع حتى من عولنا عليهم يقعون ‏بإفراط تحت التأثير المغناطيسي لبنعمر بعد ان رفعوه إلى مرتبة أسمى من اليمن واحلام ‏اليمنيين ، حتى صار هو المفوض السامي لتقرير المآلات اليمنية كلها. كان بنعمر مشرفاً ‏وصنعوا منه آلهة ، كان مراقباً وأصبح الواهب والراعي للصفقات والتفاهمات اللاوطنية ، في ‏حين أن مآسي اليمن واليمنيين أصبحت تتكثف الآن بين مراكز قوى الهيمنة والمصالح ‏التاريخية الاجرامية الوقحة ومراكز قوى التهافت والاسفاف الجديدة من اجل الهيمنة ‏والمصالح أيضاً، وما بينهما-لاشك- ما يراه ويريده الموفق الاسطوري جمال بنعمر !‏

باختصار : يالها من لعنة مثقلة بلعنات أنكى تلوح في الأفق ، تبعاتها اخطر مما قد يتصوره ‏بعض البلهاء والشطار .. ياله من واقع خراب يبشر بمزيد من الخراب ، لايمكن جبر ضرره ‏بسهولة أبداً، كما قد يعتقد صنف الإمعات والسذج على وجه الخصوص ..‏

زر الذهاب إلى الأعلى