من الأرشيف

أمريكا وإيران من زواج المتعة إلى الزواج المدني (2)

اذا لم تتعلم لن تغنم

.....
5- الانهيار من الداخل : تشهد إيران اسوأ حالة تدهور اقتصادي ورفض جماهيري وهذه الحقيقة برزت عندما خاض احمدي نجاد الانتخابات للمرة الثانية ضد مرشحي من تطلق عليهم تسمية ( الاعتدال ) مثل رفسنجاني وخاتمي ومير حسين موسوي وغيرهم ، فقد حصلت انتفاضة شعبية ضخمة ضد النظام كانت قوتها الاساسية بعض انصار النظام وقادته والسبب هو توسع رقعة الفقر والفساد في إيران وتفاقمه لدرجة ان قاعدة النظام بدأت تتفسخ ذاتيا بالاضافة لفرض ديكتاتورية المرجع الاوحد المطلق الصلاحيات ، وباندماج تنامي قوة المعارضة بكافة تنظيماتها مع التدهور الاقتصادي المخيف برزت امكانية تراجع الدور الإيراني اقليميا وهو تطور يعني عدم اكتمال خطة تقسيم الاقطار العربية والتي تقوم بتنفيذها إيران بدعم أمريكي صهيوني ، فهل سقوط النظام يضر بالمصالح الأمريكية والاسرائيلية ؟

نعم فمن جهة اولى سيكون سقوط النظام الإيراني أو ضعفه الشديد ضربة موجعة للمصالح الستراتيجية الأمريكية والاسرائيلية التي اعتمدت على الدور الإيراني في نشر الفتن الطائفية لذلك ، فان خلق وتضخيم صورة (البعبع) الإيراني خطوة ضرورية جدا لمواصلة حلب اموال دول الخليج العربي ، ومن جهة ثانية العراق لم يقسم طائفيا أو عرقيا بعد اكثر من 10 سنوات على الاحتلال مع ان تقسيم العراق هو احد اهم الشروط المسبقة لضمان تقسيم بقية الاقطار العربية ، مما يجعل كل الفتن الطائفية والعرقية الحالية عرضة للزوال السريع ، على الاقل في العراق بمجرد انتصار المقاومة العراقية والانتفاضة المتواصلة منذ تسعة شهور . وهذا خطر حقيقي ليس على إيران فقط بل على المصالح الستراتيجية الأمريكية والاسرائيلية لذلك تحاول أمريكا التقليل من شأن الانتفاضة العراقية بضربها بقسوة والتعتيم عليها وصرف ملايين الدولارات على مرتزقة لاجل اجهاضها أو تقزيمها كي لا ينتبه رجال الانتفاضة إلى ما حققته وما يمكن ان تحققه اذا استمر تواصلها ، وهذا سياق يتناقض مع المصالح الستراتيجية الاسرائيلية الأمريكي القائمة على تواصل عمليات تشرذم العرب ونهب ثرواتهم . وهنا نرى بوضوح كامل الدورالخياني الذي يلعبه الحزب الاسلامي العراقي المتصهين علنا في خدمة المخطط الصهيوني -الأمريكي -الإيراني من خلال اصراره على المطالبة بالاقليم السني رغم انه المطلب الصهيوني الاول .

وهذه الحقيقة تضع من يسمون ب(المعتدلين الإيرانيين )، مثل خاتمي ورفسنجاني وبقية ابناء النظام الحالي الذين اخذوا يرفضون نهجه ، في خانة التيار الذي يساعد ضغطه على النظام ، سواء تم بالتنسيق مع اطراف أمريكية ام بدون ذلك ، في اجباره على التراجع والتقيد بحدود المصلحة الأمريكية والاسرائيلية وعدم تجاوزها . ويشمل ذلك منظمة (مجاهدوا خلق) التي لن تدعمها أمريكا لاجل الوصول إلى الحكم مادام تقسيم العراق لم ينجح وهي مهمة النظام الإيراني الجوهرية ، لان هذه المنظمة تدعم الان أمريكيا واوربيا لتمارس ضغطا على حكام إيران وليس لايصالها للحكم في مرحلة المهمة الاساسية فيها تقسيم الاقطار العربية ، والسبب واضح فمجاهدي خلق تنظيم قومي فارسي متشدد في موقفه القومي ويدافع عما يراه مصالح إيران وفهمه لهذه المصالح قريب من فهم الحكام الحاليين ، لكن الطابع القومي وغير الطائفي لايديولوجيا مجاهدي خلق يحجم تلقائيا النفوذ الإيراني في الوطن العربي اذا وصلت إلى الحكم ، كما حصل في عهد الشاه الذي كان قوميا فارسيا في سياساته تجاه العرب ، لذلك فوصول مجاهدي خلق للحكم مستبعد الان لانه سوف يوقف تتابع تنفيذ مخطط تقسيم الاقطار العربية القائم على اثارة الفتن الطائفية .

6- إيران القوية مصلحة ستراتيجية أمريكية - صهيونية : هذا ما ركزنا عليه كثيرا منذ عام 1980 ، لذلك كانت التهديدات الأمريكية والاسرائيلية بضرب إيران خلال اكثر من 30 عاما والتي بلغت عشرات المرات دون تنفيذ اي ضربة وسيلة من وسائل الدعم المعنوي والاعلامي لإيران وتشكيل شعبية لها ومحاصرة اعداءها، فالعداء الصوري لأمريكا هو التكتيك المفضل أمريكيا وصهيونيا لدعم إيران عربيا من خلال جعلها تبدو معادية للاستعمار والصهيونية مع انها اهم شركاءهما الستراتيجيين ، لهذا فان التقارب الحالي هو مرحلة متوقعة في سياق التلاقي الستراتيجي الأمريكي الإيراني .

7- ما الفرق بين حرب المواقع وحرب الحسم ؟ قلنا وكررنا القول بان حرب سوريا ورغم فداحة خسائرها في العمران والبشر هي حرب كسب مواقع وليست مثل حرب العراق التي هي بطبيعتها حرب حسم ستراتيجي وكسر عظم ، ففي سوريا تجري حرب تقليم اظافر إيران واعادتها للحجم والدور الذي تريده أمريكا ، وليس القضاء على التطلعات الامبراطورية الفارسية ، بعد ان تخطت إيران الدور المرسوم لها منذ عام 1979 ، وليس ثمة اهم من تقليم اظافر إيران في سوريا لان ذلك يحرمها من القدرات العالية على الضغط والمناورة والمساومة مستخدمة موقع سوريا ولبنان الذي فرض سيطرته عليه اداتها الاخطر حزب الله . وحرب سوريا تستبطن ايضا تطبيق خطة أمريكا تغيير نظم المنطقة بكافة الوانها ولكن بصورة متدرجة وبغض النظر عن هوياتها السياسية والفكرية ، واسقاط نظام بشار لا يختلف عن اسقاط حسني مبارك وبن علي وتاريخه الاسود يؤكد هذه الحقيقة .

8 - وحرب سوريا ايضا هي من متطلبات اكمال التوافق الدولي المطلوب وفقا لفكرة بريجنسكي ، فأمريكا التي جعلها تفردها الاولي في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانسحاب الصين تصاب بجنون العظمة ودفعها للوصول إلى حالة التماهي مع (الرب) فجاءنا بوش الغبي ليؤكد انه يتلقى اوامره من الرب بغزو العراق ويأمره باعادة تشكيل العالم وان أمريكا اصبحت سيدة العالم بلا منازع ! لذلك فأمريكا التي كان رئيسها غبيا ويتصور انه اصبح نيرون العالم وجدت انها خدعت نفسها وفشلت في خداع العالم لان ونظامها الرأسمالي شائخ ويشخ متبولا على نفسه في فراش الازمات المالية وغيرها ، ونتيجة لذلك فان اقتصادها مريض ويكاد يعجز عن السير بين فترة واخرى ولعل ازمة المديونية التي تتفاقم بلا اي تراجع وتهدد بانهيار الرأسمالية الأمريكية في اي لحظة احد اهم مظاهر تلك الشيخوخة .

لقد برزت مفارقة كبيرة وتنطوي عل تحد كبير لمستقبل أمريكا وهي انه في الوقت الذي تستطيع فيه أمريكا القيام بالابادة الجماعية لكل سكان الكرة الارضية ولعدة مرات متكررة بقوتها النووية ، وفي الوقت الذي تستطيع فيه تدمير كافة عواصم العالم بصواريخها وقنابلها العادية فانها عاجزة كليا عن استثمار نتائج تلك الضربات التقليدية والنووية بالامساك بالارض والسيطرة عليها بعد زمجرة الصواريخ لانها بلا اقتصاد متين قادر على تمويل الحروب والاهم انها بلا شعب مستعد للموت من (اجل القرن الأمريكي ) واصبح الأمريكي العادي بعد غزو العراق يختار اي رئيس يبعده عن شبح الحرب والتورط فيها كما حصل في العراق وتلقت أمريكا فيه ومن مقاومته اكبر دروس التربية والتعلم .

وطبقا لهذه الحقيقة يجب عقد اتفاقيات أمريكية روسية لن تتم الا بعد اختبارات قوة ولعبة عض اصابع بين الطرفين هدفها اعادة رسم حدود قوة الطرفين ، فروسيا تريد ابعاد خطر النيتو عن حدودها كما تريد ايقاف الدعم الغربي للتنظيمات المسلحة في الجمهوريات الاسلامية في الاتحاد الروسي والاعتراف الأمريكي بانها شريك مكافئ وليس طرفا ثانويا ، ولذلك تدعم إيران والنظام الصفوي في دمشق لانهما خير اداة مساومة وضغط بيدها ، اما أمريكا فقد كانت تريد جعل روسيا تابعة لكنها ترى الان ان بامكان روسيا استخدام نفس لعبة رونالد ريجن الرئيس الأمريكي السابق والذي تبنى ستراتيجيات خداع وتضليل مثل منظومة حرب النجوم والتي كانت عبارة عن خطة لاستنزاف الاتحاد السوفيتي واجباره على خوض سباق تسلح مرهق جدا ماديا ويحول دون مواصلته عملية تطوير الحالة المعاشية والتكنولوجية . واللعبة الروسية المستعارة من ملف أمريكا هي جر أمريكا إلى صراعات استنزاف تجعلها تواجه خطر انهيارها من الداخل تماما كما انهار الاتحاد السوفيتي بلا حرب .

ولذلك فان ما يجري بين روسيا وأمريكا خصوصا في سوريا وحول إيران هو لعبة عض اصابع هدفها اعادة بناء العلاقات بينهما وفقا لموازين قوى على الارض وسوريا هي الموقعة التي تجري فيها صراعات روسية مع أمريكا تمهيدا لبناء نظام اقليمي ونظام دولي يقوم عليه، من هنا فان فان هذا النمط من الصراعات هو حروب كسب مواقع ، ومهما كانت خسائرها كبيرة ، وهي حروب ثانوية ملحقة بالحرب الاساسية وهي حرب الحسم الستراتيجي النهائي والتي مازالت تدور في العراق منذ عام 1980.

اما إيران فانها تعرف ان حرب سوريا هي حرب كسب مواقع وتسويات وليست حرب حسم ، اولا بينها وبين أمريكا حول مشروعها النووي والذي تلوح بعسكرته كوسيلة ضغط للوصول إلى اتفاقات اقليمية لصالحها ، ومنها الاعتراف الأمريكي بمصالح إيران في المنطقة خصوصا في العراق والبحرين ، كما ان ابقاء دور لها في سوريا ولو محدود احد اهم اهداف إيران الان لان الاصل هو ان دورها في سوريا بعد وصول خميني إلى الحكم حظى بدعم أمريكي لان النفوذ الإيراني في سوريا يعني ويساوي شرذمة سوريا طائفيا . لذلك فالدور الإيراني في سوريا ولبنان والمنطقة كلها مصلحة ستراتيجية أمريكية - اسرائيلية ، لكن هذه المصلحة مقترنة بشرط أمريكي اسرائيلي صارم وهو ان لا تتجاوز إيران حدودا معينة في استثمار ما تحققه على الارض من نفوذ في سوريا ولبنان وغيرهما ضد المصالح الاساسية لكل من أمريكا واسرائيل ، وبما ان إيران تجاوزت الخط الاحمر في العراق والمنطقة ولذلك لابد من اعادتها إلى ماوراء ذلك الخط .

الان وبعد ان تيقنت إيران بان سوريا لن تعود مجددا ساحة لها فقط بل ان التسوية مهما تبدلت تفاصيلها ستضمن لها نفوذا مقيدا فيها، فانها تعمل على اعادة بناء وجودها في العراق ليكون الركيزة ا لاساسية لمشروعها القومي التوسعي في اعادة تتويج لحقيقة ان الصراع في العراق هو صراع الحسم ووضع الترتيبات النهائية للمنطقة ، وتلك هي احدى اهم نتائج المساومات الأمريكية الروسية الإيرانية حول سوريا ولبنان الان .

9– ماذا يفعل الضحية حينما يعرف انه سيذبح ؟ ثمة حقيقة لابد من لفت النظر اليها لخطورتها خصوصا لانها تلعب دورا كبيرا في التكتيكات الأمريكية وهي ان السعودية وبعض دول الخليج العربي قد اقتنعت بعد غزو العراق بان الغزو ومساهمتها فيه كان خطا كبيرا ادى إلى انكشافها امام إيران بعد ان كان العراق سدا يمنع تسلل إيران اليها لذلك اعترف الامير تركي مسؤول المخابرات السعودية السابق في عام 2010 في خطاب علني له بذلك الخطأ وقال بكل صراحة ان علينا تصحيح ذلك الخطأ بدعم القوى الوطنية العراقية من اجل تحرير العراق . ان هذه الحادثة التي يتم تجاهلها كثيرا لها قيمة خاصة جدا في فهم احد اهم الاسباب الجوهرية في انتقال زواج المتعة الإيراني الأمريكي إلى زواج مدني رسمي ، فدعم السعودية وبعض دول الخليج للقوى الوطنية العراقية يؤدي ان حصل إلى حسم سريع نسبيا للصراع الدائر في العراق لصالح القوى الوطنية العراقية بطرد إيران وعزلها وتعريضها لتأكل داخلي خطير ، فهل هذه النتيجة تخدم المصالح الأمريكية والصهيونية أو تشكل تهديدا لها ؟

دون ادنى شك فهذه ظاهرة تهدد بنسف كافة الانجازات الأمريكية منذ انهاء تجربة عبالناصر والعودة إلى صراع تكون القوى الوطنية التقدمية هي القائدة للصراع الفعلي ومن ثم وضع أمريكا امام تحديات غير مسبوقة خصوصا وانها في مرحلة تراجع قوتها العامة وليس في مرحلة صعودها كما كانت ايام ناصر . والسعودية حينما تعلن ذلك الموقف فانها تؤكد بانها لم تعد تثق بأمريكا وانها ستعمل على ضمان مستقبلها بنفسها بالاعتماد على بدائل اخرى من بينها العراق المتحرر القوي .

ونكرر ما سبق ان اعلنا عنه في مقال سابق فالملك عبدالله ملك السعودية طار في عام 2010 إلى دمشق واجتمع ببشار اسد وابلغه بان كافة الاقطار العربية سوف تقع اما في قبضة إيران أو اسرائيل اذا بقيت التطورات تسير كما كانت تسير في الاعوام السابقة ، ولذلك فاننا لانثق بحماية أمريكا لنا وهي مستعدة للغدر بنا ، وعلينا ان نعتمد على انفسنا في حماية كياناتنا ودولنا وليس هناك من حل ناجح سوى دعم حزب البعث في العراق ليقوم بتحرير العراق من الاحتلالين الأمريكي والإيراني فيعود السد الذي يمنع إيران من التوسع مرة اخرى . تقول مصادر عارفة بان بشار رحب بالفكرة بحرارة ولكنه بعد ذلك انقلب عليها ، وربما هذا احد اسباب الموقف السعودي من نظام بشار بعد ان تفجرت الانتفاضة السورية .

لهذا كان يجب اسقاط هذا الخيار السعودي ودفنه لتجنب عودة العراق القوي بدعم سعودي خليجي مباشر أو غير مباشر ، وافضل طريقة هي الانتقال من زواج المتعة إلى الزواج المدني والذي يجعل إيران شريكة رسمية لأمريكا فتصبح اكثر قدرة على تهديد السعودية ودول الخليج العربي والهدف هو ابقاء دول الخليج تحت ضغط قاتل لشعور بانها يمكن في اي لحظة ان تحتلها إيران، لذلك ومهما كانت قناعات حكامها بغدر أمريكا فانها يجب ان تبقى تحت المظلة الأمريكية وان لا تحاول العثور على حبل انقاذ لها مثل دعم المقاومة العراقية بتأثير اليأس من أمريكا والخوف من بوادر تخليها عنها ، أو اتخاذ خطوات خارج اطار التبعية لأمريكا لاجل تجنب الابادة ، وهكذا تستطيع أمريكا ابقاء دول الخليج العربي ساكنة ومضطرة للبقاء تحت المظلة الأمريكية حتى تصل الامور لذبحها بسكاكين إيرانية وهي ساكنة بلا ارادة .

10- العودة لنفس اللعبة : ان أمريكا وإيران وغيرهما تمارسان معنا دائما تكتيك اجبار الناس على النسيان بطرق فنية ، فما ان نشهد لعبة مساومات جديدة بين أمريكا وإيران واسرائيل حتى نرى البعض يصور الحدث على انه امر جديد لم يكن قائما ولذلك فهو تطور مهم يستحق التعويل عليه وابقاء الامل قائما رغم عدم وجود الامل ! ايها السادة هذه اللعبة قديمة ومكرورة ، وهي تلعب بين فترة واخرى ، والان هناك من يتسائل ما هذا الغزل العلني الأمريكي – الإيراني خصوصا بعد وصول روحاني للرئاسة ؟! هل هو تطور جديد يحدث لاول مرة في العلاقات ؟ ام انه تكرار للعبة قديمة أمريكية – إيرانية ؟

ونذكّر بان هذا الامر مكرر وشرب عليه الدهر وشرب بالنسبة من يتعلم ويعلم ، فقد طرح حينما اصبح هاشمي رفسنجاني رئيسا لإيران في عهد خميني وكتبت مئات المقالات في تحليل ذلك التطور المهم وصور رفسنجاني على انه معتدل ويمكن التفاهم معه من قبل الغرب ، وذهب رفسنجاني ولم يحصل تطور جوهري رسمي ! وعادت هذه النغمة مع وصول محمد خاتمي للرئاسة وطرب الغرب وغيره اعلاميا وليس مخابراتيا لوصوله وزرعت الامال بتغيير طبيعة السياسات الإيرانية ، لكن خاتمي بقي ثمانية اعوام ثم ذهب بدون تغيير ونؤكد رسمي ايضا ! والان تتكرر اللعبة بوصول حسن روحاني للرئاسة با نطلاق تحليلات حول اعتداله وبروز فرصة للاعتدال ! فهل الذاكرة ضعيفة ام اضعفت عمدا كي لا نلاحظ ان هذه لعبة سرقة وقت منا ؟

دعونا نتذكر بان الصفقات ذات الطبيعة الستراتيجية بين أمريكا وإيران لم تتوقف من إيرانجيت في زمن امامة خميني ورئاسة رفسنجاني إلى عراقجيت في زمن علي خامنئي عندما تعاونت إيران مباشرة ورسميا مع أمريكا في غزو العراق وترسيخ اركان الغزو ثم توجت الصلة الستراتيجية بتسليم أمريكا العراق إلى إيران في تأكيد قاطع ولا يقبل اي شك أو تشكيك بان هناك صلات سوبرستراتيجية بين الطرفين رغم ان العلاقات الرسمية مقظوعة ! اذن لم هذا التكرار الممل في طرح فكرة ان هناك تطورات ايجابية بين الطرفين مع ان ايجابية العلاقات لم تنقطع منذ وصل خميني للحكم ؟

على المستوى غير الرسمي ولكن الفعلي فان العلاقات البريطانية والأمريكية مع الملالي في إيران قديمة منذ الاربعينيات من القرن الماضي فقد كانت المخابرات البريطانية ترعاهم مباشرة ، وعندما ورثت أمريكا تركة بريطانيا الامبراطورية زادت من رعايتها للملالي لدرجة انها فضلتهم على الشاه محمد رضا بهلوي فاسقطته المخابرات الأمريكية لان المهمة كانت اكبر من الشاه وهي اسقاط الاتحاد السوفيتي وتدمير الحركات التحررية خصوصا في الوطن العربي ، فكان ايصال خميني للحكم بدعم أمريكي اوربي معروفين هو الحل تماما كما كان ايصال من سمي ب( المجاهدين الافغان ) لقمة التأثير في العالم الاسلامي اثناء وبعد حرب افغانستان ضد الاحتلال السوفيتي .

في ضوء ما تقدم فان اعلان الشراكة الستراتيجية الأمريكية – الإيرانية رسميا وليس عمليا فقط وهو ما كنا نؤكد عليه خلال السنوات السابقة ، يؤكد على الضرورة القصوى لاعادة بناء صورة إيران لتبدو قوية مقتدرة وليس افضل لتحقيق ذلك من ترويج اكذوبة ان أمريكا اضطرت للتراجع امامها واعترفت بدورها ! والسبب هو ، ونكرر ما قلناه مرارا ، ان إيران القوية مصلحة ستراتيجية أمريكية – صهيونية لان إيران هي وحدها من تملك ادوات التقسيم والشرذمة وهي الطائفية ونغولها ، وبناء عليه فان تلك الضرورة تقتضي اخفاء مظاهر تداعي قوتها وتفككها وتراجعها الفعلي بعد عجزها في العراق رغم مرور سنتين من الاحتلال المباشر للعراق وتدخلها العسكري المباشر في سوريا ، وليس ثمة وسيلة لتحقيق ذلك غير تصوير ان إيران قوية وتنتصر حتى على أمريكا ! فهي اذن اجبرت أمريكا على الاعتراف بدورها ومصالحها وليس لانها عقدت صفقة مع أمريكا وتنازلت لها وتخلت عن دورها المقاوم والممانع ، والذي كان منذ بدايته مشروع مساومة كبرى ، وإيران القوية هذه قادرة على الحاق الهزيمة بالمقاومة العراقية وبدول الخليج العربي وغيرها . هذا هو سيناريو الخراب الجديد الذي تنفذه أمريكا الان .

ربما كان احد اسباب هزائمنا هو اننا كعرب لم نكن نتعلم من التجارب ولم نبذل الجهد الضروري لاستخلاص دروسها وعبرها . اذن اليس من الحكمة والتحسب الدقيق ان نتعلم كي نغنم ؟ نحن العراقيون تعلمنا وغنمنا ، وغنيمتنا الاعظم هي الحاق الهزيمة بالمشروع الأمريكي في العراق ، والان ستكون غنيمتنا الكبرى القادمة هي الحاق هزيمة اشد مذلة واهانة للغزو الإيراني في العراق ، والسبب هو اننا دائما تلاميذ نتعلم ونستوعب الدورس من اخطاءنا واخطاء غيرنا ونستطيع اكتشاف (عورات) اعداءنا فنصوب بنادقنا اليها بلا تردد . استعدوا ياشباب لعرس الانتصار في القادسية الثالثة .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى