نحتفي هذه الأيام بذكرى الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر.. و لعل أهم ما رسخته تلك الثورة في وجداننا، هي حقيقة أننا شعب واحد، وبلد ومجتمع واحد.. والحقيقة، فنحن كذلك، على الرغم من كلما يحدث ويقال هذه الأيام..
مرت حوالي خمسة عقود ونحن نعبر ، عن اعتزازنا، قبل كل شيء وفوق كل شيء، كوننا يمنيين، وكان حلمنا واحد وغايتنا واحدة وهي بناء اليمن الكبير الواحد العزيز الناهض.. ومهما اختلفنا. فقد كنا متفقين على حب اليمن كلها بما فيها ومن فيها بلا تمييز أو تفرقة.. وننشد في المدارس كل صباح ، "ليس منا أبدا من فرقا..
لكن هناك اليوم، من، يحاول استغلال تداعيات المتغيرات والإضطرابات، وانتهاز كلما ما يمكن وصفه، بحالة عابرة من عدم اليقين، ويدفع بكل الجهد إلى الإحتشاد لترسيخ كلما يفرق ويشرذم ويضعف اليمن تحت شعارات وغايات وتبريرات مختلفة ... وصار المفرقون اليوم، هم الرموزوالأعلام والقادة المتبوعون.. وهم الذين لا بد من سماعهم بلا نقاش، والتسليم بكلما يقولون ويفعلون وإن كان ما يقولون ويفعلون يستحق المقت والإستهجان.
حتى حروبنا المشؤومة، التي خضناها مرارا، كانت وحدوية الشعارات والغايات والدوافع ولم يجرؤ أحد على إعلان حرب من أجل الإنفصال..!
علي سالم البيض ، أعلن قيام " جمهورية اليمن الديمقراطية" في عام 1994 بتطلعات وحدوية وقال وهو يعلن جمهوريته تلك: أذرعنا طويلة ولن نكتفي بالحدود السابقة. لكن البيض، نائب الرئس اليمني السابق وأمين عام الحزب الإستراكي اليمني السابق أيضاً ، يتحدث اليوم عن احتلال يمني للجنوب، ولا يهم أن يكون رئيس البلاد، والقائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع وقائد المنطقة الجنوبية وقادة آخرين كثيرين من الجنوب ذاته ..
كان الإمام يرفع شعار وحدة الأرض اليمنية، غير أن من يفترض فيهم تمثيل أهم ما يجمعنا بالإمام، يجنحون اليوم نحو الفئوية الطائفية، ويظهرون من وقت لاخر تأييدا لحق تقرير مصير الجنوب والبقية تأتي ...
لقد عرف اليمن في السنين الماضية فسادا منقطع النظير ولذلك كانت ثورة الشباب والشعب التي اندلعت في فبراير 2011 ، وهدفت إلى التصدي لذلك الفساد الكبير، وما ترتب عليه من فشل واختلالات. وهدفت أيضا، إلى استئناف العمل الوطني في سبيل تحقيق الأحلام المرحلة ، والتطلعات المؤجلة، والنهوض في كل ربوع اليمن والحياة الكريمة، لكل أهل اليمن..
ومثل كل الثورات هناك من يحاول إعاقة مسيرة ثورة فبراير ، أو حرف مسارها وتوجيه تيارها إلى غايات ذاتية ضيقة ، حتى أن أحد الشباب تساءل يوم أمس قائلا : كأن ثورة فبراير قامت من اجل تحقيق مآرب جهوية وطائفية على حساب اليمن كله!
لقد جاءت ثورة فبراير وكل الثورات التي سبقت، ونحتفي بها هذه الأيام، من أجل عزة اليمن ، كل اليمن ، ولا يشرفها ويجدر بها إلا أن تكون كذلك..
ومع أنه لا يصح إلا الصحيح في النهاية، غير أن استمرار العبث كلفنا و يكلفنا الكثير.. إننا في الحقيقة ندفع اليوم ، ثمن الأنانية والفئوية والجشع التي طالت واستطالت من قبل ، وتتكاثر هذه الأيام .. وحان الوقت لنقول : كفاية لكل ذلك .. كفاية وأكثر..!
- وزير الإعلام اليمني