إذا كان حل القضية الجنوبية هو المدخل إلى الإصلاح السياسي والوطني الشامل، كما كان يقول قادة المشترك، فيتوجب تعليق أعمال مؤتمر الحوار الوطني مؤقتا، والذهاب أولا إلى الجنوب، تهيئة وبناء للثقة (انصياعا للبديهيات التي لا يملك سادة اللحظة الراهنة في موفنبيك إزاءها إلا العناد والتعامي).
إن لم تكن كذلك، كما يشي السلوك السائد في صنعاء المتسم بالغطرسة والخفة، فليكن "فك الارتباط" بين مؤتمر الحوار الوطني وبين القضية الجنوبية، وليتحمل الرئيس هادي وحلفاؤه المسؤولية عن أية تداعيات خطيرة في الجنوب بخاصة وفي اليمن عموما.
الثابت إن أكبر تهديد للسلم والأمن في اليمن _ يتوجب الإقرار هنا_ هو الأسلوب المقامر الذي يعتمده الرئيس هادي وقادة المشترك في مقاربة قضية شديدة الحساسية تمس اليمنيين عموما؛ حشروا القضية الجنوبية بكل ما لها من خصوصية وبسياقها المتمايز، سياسيا وحقوقيا واجتماعيا وأمنيا، في جدول أعمال متصل بمؤتمر حوار وطني يفترض، مبدئيا، تساوي مراكز المتحاورين فيه حيال القضايا كافة.
يتحاذق هؤلاء الذين يمتهنون الحوار في موفنبيك، وبخاصة هيئة رئاسة المؤتمر وأمانته العامة، وهم بالفدرالية والجمعية التأسيسية، يريدون الالتفاف على "متطلبات" حل القضية الجنوبية والتحايل على "مطالب" التغيير، في مؤتمر واحد، عبر المضاربة بينها.
يعاندون ويقامرون ويتحاذقون، التفافا وتحايلا، لأنهم باختصار يريدونها (للإفلات من جرائمهم) حربا أهلية بين اليمنيين المقهورين، جنوبا وشمالا.