لقد شاهدنا ما يجري في مصر من تمجيد للفريق السيسي والثناء عليه كفاتح ومنقذ لمصر، وقد اتفقت الأحزاب الليبرالية وأجهزة الإعلام على المبالغة والمديح والشعارات وجمع التوقيعات واستنساخ عبدالناصر دون تذكر ما جرى في السجون والمعتقلات وإلغاء الأحزاب ومحاكم جمال سالم وسجن محمد نجيب رئيس الجمهورية، وكان حزب الوفد إحدى ضحايا هذا الوضع، واليوم حزب الوفد يقع في خطأ كبير وهو مستهدف من الناصريين وبقايا النظام العسكري الذي تخلص من أيمن نور والبرادعي ومازالت البقية في الطريق..
إن موقف حزب الوفد وغيره كردة فعل من الممارسات الخاطئة وسوء الإدارة لمحمد مرسي وحزبه وقلة خبرتهم وإعجابهم بالرأي الواحد وعدم المشاركة الجماعية وسياسة العناد، جعلت هؤلاء يقومون بردة فعل ولو على حساب البلاد ومستقبلها، فلا يعالج الخطأ بأسوأ منه، وأصبح الإعلام للنظام السابق يمارس دوراً في إعادة الأمة للثلاثينيات والخمسينيات، وللأسف لا يوجد من يفكر بلغة حضارية والسير نحو دولة مؤسسات حديثة، ووسط الحملات الإعلامية والمظاهرات من الطرفين واستنزاف أوضاع البلاد واللجوء إلى العنف بتحريض الإعلام لن يكون في صالح البلاد وتزويد الحقائق.
وكان المنتظر أن يتصدر العقلاء لإصلاح الأخطاء والعمل المشترك لمعالجة وطنية وعفو عام وانتخابات مبكرة لمؤسسات، ووقف حملات التصعيد من جميع الأطراف بلا استثناء حرصاً على البلد، ولكن ما يجري سوف يقود البلاد إلى أن تخسر مكانتها ودورها القيادي وسيحرمها من أن تصبح دولة ذات اقتصاد وتنمية ودولة صناعية ودولة مؤسسات تستطيع أن تسابق الدول التي بدأت في خطوات التنمية كالهند وتايلاند وفيتنام، وللأسف أن الكل لا يفكر بالوطن بقدر ما هو انتقام وعناد ومحاولة إقصاء أي فريق ليس في صالح البلاد والتهريج الإعلامي وحصر الأمة في أشخاص وصناعة ديكتاتور هو ما أورد الأمة إلى الهلاك والمشكلة أن الشباب لا يقرأون التاريخ ولا يدرسون الثمن الباهظ الذي دفعته الأمة نتيجة الحكم الفردي وربط الأمة بشخص وهو كل شيء.
وكذا نجد اليمن الذي عانى من الفقر والصعوبات والأزمات، وبعد أن حكم اليمنيون بالتغيير إذا بهم يصبحون ضحايا لشعارات تعيدهم إلى عصور الظلام، تحرك الشباب وإذا بالقوى الحزبية تحتوي الثورة بما لديها من إعلام وذكاء وخروج الشباب الذين لا خلفية لهم وثقافتهم من إعلام هذه الأحزاب.
للأسف الواقع مرير والشباب غير محصن والشعوب تسير وفق الأهواء وتلاعب الإعلام ومجتمعنا الذي يسير وفق التهريج الإعلامي لا على أساس المنهج والفكر يستعيد الرموز ليعود لأسوأ ما في الماضي وليس للتغيير نحو الأفضل وهو ما يريده الغرب وعملاؤه في منطقتنا.
غياب الهوية والقيادة الواعية والقدوة الحسنة جعل الشعوب والشباب ألعوبة بيد هؤلاء وسيعيدهم لأسوأ أنواع الدكتاتورية، فأمتنا تصنع الطغاة والأصنام وهذه نكسة العرب. لقد خاب أمل الناس في دعاة التغيير وراء الإصرار على مدح الديكتاتوريين وصناعتهم.
وفي الأخير، أقول لبعض الصحف ومن معها وأمثالها، اتقوا الله، اتقوا الله وما تنشرونه ستسألون عنه يوم القيامة من الضحايا الذين سيشكونكم لرب عادل يوم القيامة فاستعدوا لذلك.