[esi views ttl="1"]
من الأرشيف

شرعية ما بعد 21 فبراير 2014

العودة إلى الشعب صاحب السلطة ومصدرها والمعني الوحيد بتقرير مصير اليمن ليست ترفاً ولا موضوعاً مطروحاً على طاولة الحوار والاختلاف؛ وإلا أصبح ذلك انقلاباً على المبادرة والثورة الشعبية.

العودة إلى الإرادة الشعبية الآن وفي ظل المعطيات القائمة والرؤى المحفوفة بالمخاطر هي المشروعية الوحيدة للدخول في مرحلة ما بعد 21 فبراير 2014 م سواء بالرجوع إلى الشعب للاستفتاء على الدستور الجديد أم بالانتخابات البرلمانية أو الرئاسية بناءً على العقد الاجتماعي المنتظر ومخرجات الحوار.

في 2011م أدّت الانتفاضة الشعبية إلى فرض التغيير عبر المبادرة الخليجية التي جاءت استجابة لهذا الفعل الجمعي الكبير. ومع ذلك تم الرجوع إلى الشعب اليمني لتأكيد شرعية التوافق بالشرعية الشعبية عبر الاستفتاء على المرشح التوافقي لرئاسة الجمهورية، عبد ربه منصور هادي الذي أيده ما يقرب من سبعة ملايين ناخب أدركوا بوعيهم البسيط المنتمي لليمن ان ترك الرجل مربوطاً إلى ثنائية التوافق الحزبي سيضعف ليس موقفه فقط بل ومؤسسة الرئاسة في مرحلة فارقة تحتاج إلى رئيس قوي وصلاحيات كاملة ولذلك خرجوا لردم هذه الفجوة بين التوافق والشرعية الحقيقية.

قالت المبادرة الخليجية : تُجرى انتخابات رئاسية خلال ثلاثة أشهر. وقال لنا الساسة الأفذاذ: إن ذلك سيكون خطأً فادحاً لأنه يقدم عربة الانتخابات على حصان إصلاح الدولة وكتابة الدستور الجديد استناداً لحوار وطني شامل يتوافق على صيغة تستجيب للإرادة الشعبية وتحفظ لليمن وحدته وأمنه واستقراره وتجنبه الحرب الأهلية. ومن أجل أن لا تتقدم العربة على الحصان جاءت فكرة العامين الانتقالية.

الآن وبعد أن تعثرت السلطة الانتقالية في فرض سلطة الدولة على كل شبر فيها وبعد ان انفتح باب الحروب الأهلية في صعدة وخسرت اليمن سبعة مليارات دولار بسبب عجزهم عن حماية أنبوب النفط وبعد ان نكثوا بمحددات الحوار بلجنة التفاوض الشطري (16) وطرحوا اليمن على طاولة الفيدرالية وبعد أن تحول رعاة المبادرة إلى أوصياء على اليمن والميسر بن عمر إلى مرجعية أولى ... بعد كل هذا يأتون ليقرروا انتقالية تأسيسية جديدة! لا عزاء للعربة والحصان والإرادة الشعبية ذات نفسها!!

التمديد تستفيد منه مراكز القوى وقيادات الأحزاب الكرتونية الخائنة والخائفة من مواجهة صوت الشعب. هذه التكوينات هي التي سوف تستمر في تقاسم البلاد بعد أن تجزئها إلى دويلات مستقلة بسم الفيدرالية ؛ أما الرئيس عبد ربه منصور هادي فسوف يخسر لو مددت الفترة الانتقالية ؛ ومن مصلحته أن يدخل انتخابات رئاسية ليتحرر من كل هذه التوافقات ومراكز القوى إن أراد أن يكون الشعب هو المرجعية الوحيدة لشرعيته ؛ وفي ميزان الشعب سيكون نجمه أسطع وكفّته راجحة لأنه الأفضل من كل مسميات مراكز القوى ومن مسميات خونة الثورة« قيادات المشترك» الذين يلهثون هذه الأيام للتمديد.

المخاتلة والمراوغة تحاول تسويق التمديد من بوابة وجود مراكز القوى في صنعاء. والعكس هو المتوخى من قبلهم ؛ إذ ان التمديد يعني تمديد عمر مراكز القوى مع النافذين الجدد في الدويلات - الأقاليم.

النخبة السياسية تعتبر مواجهة مراكز القوى مهمة مستحيلة ولا تريد أن تخوضها لأن ذلك يقتضي منها التحول من أحزاب كرتونية تسيطر عليها عصابات شلليه إلى أحزاب حقيقية تمثل قوى مجتمعية حقيقية ولها بنية تنظيمية مؤسسية لا يهيمن عليها الفرد أو الشلة. ولذلك فإن هذه النخبة تعتبر ان اليمن هو الجدار القصير والخيار السهل وليس مراكز القوى. طبعا الخيار السهل لإقامة إقطاعيات نافذة على أنقاضه وليس من أجل إقامة نظام سياسي يستند للإرادة الشعبية ويحقق طموحاتها.

كان رفض الانتخابات سيكون منطقيا لو حدث أيام صالح ؛ فإدارة الانتخابات لم تكن نزيهة ؛ واستخدام المال العام والوظيفة العامة والجيش والأمن والجهاز الوظيفي من قبل الطرف المستأثر بالسلطة حينها ؛ كلها مبررات منطقية لرفض الانتخابات الشكلية.

أما استمرار التنظير الآن لرفض الانتخابات بمبرر قوى السلاح وما اليها فيبدو محلقاً فوق الواقع وميلاً تاريخياً من قائله للاحجام عن خوض الصراع السياسي على الواقع والاكتفاء بالتنظير ؛ ومحاولة مصادرة إرادة الشعب بشكل دائم لصالح التوافقات بين النافذين الأزليين في الشمال والجنوب. يعني لكي يدخلوا الانتخابات يحتاجون إلى مجتمع «مقرطس» يهبط عليهم من السماء.

الانتخابات ربما تكون خياراً سيئاً ؛ غير أن رهن البلد تحت إرادة الأفاقين باسم التوافق هو السوء بعينه.

***
خبراء التمديد الذين سوغوا ل « علي صالح » تمديداته وتمدده فوق اليمن ثلاثين عاماً ونيف انتقلوا الآن للمنافحة عن الممددين الجدد فوق اليمن. والفاجعة المقززة أنهم ينزعون رداء الوطنية عن أصحاب الرأي المخالف ويجعجعون الآن في نهاية 2013 ب«لَقْلَقَاتْ» عن قوى النهب والفيد مع ان لحم أكتافهم من فتات موائدهم وبجانب عتباتهم.. مصاصو الدماء والقوى التقليدية التي حكمت اليمن هي التي استخدمت هؤلاء « كلاب حراسة » واليوم يخرجون علينا بعنتريات الزمن الضائع ليوزعوا صكوكاً وطنية هم آخر من يمكن أن يتحدث عنها!!.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى