مازالت الخيرية في هذه الأمة المحمدية وما زال الإيمان يمان والحكمة يمانية وكذلك مازال الرجوع إلى الحق فضيلة من فضائل المؤمنين وهناك إدراك أن شيطان السياسة يفسد على المرء دينه ومعه تفسد وطنيته واليمنيون يؤمنون بأن الغايات تبذل لها المهج والهامات وأن الحزبية وسيلة لتحقيق أنبل المقاصد والتي أسماها التقرب إلى الخالق بخدمة المخلوق وخدمة الوطن وحماية الأوطان..
الفطرة التي من أجلها خُلق المؤتمر والإصلاح هي البناء لا التخريب وهما الداء والدواء وبصلاحهما يصلح حال الأمة أو يكونا سببا رئيسيا في هذا الصلاح وتتفاوت نسبة أثرهما وتأثيرهما تبعا لما يحملانه من نضج في الأفكار ووسطية في الفكر وعمق في النظرة بالبصيرة لا بالبصر.
مصدر سري ومن المصادر التي لا أشك في نقلها للخبر - هكذا نحسبه - وبسرية تامة قد يجهلها معظم أعضاء وكوادر الحزبين (الإصلاح ، المؤتمر) وقد لا يدرك ذلك إلا من هم مقربين من الصف الأول ومن في يمينه وفي الليلة الماضية يتلقى الرئيس السابق (صالح) اتصالا من الأستاذ اليدومي !! يتردد الأول في الإجابة ويقول لمن حوله : اليدوي يتصل !! أحد الحاضرين يشير بعدم الرد وآخر يشير قائلا : (ابسر ما يشتي) يجيب صالح على المكالمة.... بعد السلام يقول اليدومي : أريد مقابلتك.. صالح بارتباك يوافق ولا يدري كيف قال موافق ؟ لكن هي خيرية الفطرة التي انطقته ، وفي ساعة متأخرة من تلك الليلة يحضر الأستاذ اليدومي ومعه نفر من أصحابه.. وحرس صالح على أهبة الاستعداد لأي طارئ ، بعد السلام والترحيب يدخل اليدومي في صلب الموضوع قائلا ل(صالح) اليمن مسؤوليتنا جميعا وإلى هنا وكفى.. وكفى مهاترات وتبادل اتهامات وندرك أنك كنت رئيس وما زالت لك مكانة وما زال لك أثر وتأثير ومن المُحال ان يقصي منا احد والعيش والملح ما يهون إلا عند عيال... ونفتح صفحة جديدة نغلق معها الماضي مع مساوئه ونضع أيدينا جميعا من أجل اليمن أرضا وإنسان ووحده... صالح يقاطع قائلا : نسيتم ما سويتم بي؟!!
يدخل على الخط الدكتور الإرياني - والذي كان حاضرا مع هلال العاصمة والعميد أحمد – لا داعي لنبش الماضي وطالما يا فندم قد جاء اخواننا في الإصلاح فهذه بادرة طيبة ونوايا حسنة.. يسكت صالح ثم يقول : نفكر بالأمر ، يرد اليدومي قائلا : الفندم مازال عنده شك لكن سأزيل عنك الشك ويخرج اليدومي هاتفه ويتصل قائلا احنا منتظرين لكم.. صالح متسائلا لمن اتصلت يا أستاذ محمد؟ يرد اليدومي: لصاحبك وعيال عمك.. بعد نصف ساعة يدخل اللواء محسن وأبناء الشيخ الأحمر باستثناء الشيخ حسين والذي كان مشغولا بفك حصار دماج.. يتقدم الشيخ الزنداني إلى المكتبة التي تقع خلف صالح ويأخذ مصحفا يضعه فوق الطاولة التي مقابل صالح إلى جانب تمثال الخيل وبكلمات هادئة قصيرة يقول الشيخ : اليمن ستضيع فاتقوا الله واجعلوا الناس يذكروكم بخير واجعلوا لكم مكانة في التاريخ ومن عفا وأصلح فأجره على الله..
في موقف لن تنساه ذاكرتي حسب ما أعلمني المصدر يقف صالح مادا يده مصافحا اليدومي ويتعانقان ويتو إلى الجميع بالمصافحة والعناق وتكاد العيون أن تحكي أبلغ لقاء لقادة الحزبين ، يعاود الجميع الجلوس وفورا ولإثبات حسن النوايا يوجه صالح وسائله الإعلامية بالكف عن ما من شأنه يثير العداوة والشحناء والبدء في خطاب التسامح والتصالح كما يوجه كل أعضائه وكوادره في الحوار والحكومة للتعاون في الخروج من هذه الأزمة والتعاون الجاد مع الإصلاح وجميع المكونات الوطنية الشريفة في حماية الوطن من مخاطر التشظي والاحتراب وبالمثل يقوم الأستاذ اليدومي بنفس تلك الإجراءات ويوقع الطرفان على محضر التصالح من أجل الوطن وسيذاع قريبا في وسائل إعلام الحزبين... وفجأة انتبهت وأدركت أني في أحلى حلم أرجو الله أن يحققه وليس ذلك على الله ببعيد..