من الأرشيف

المرحلة التأسيسية والفوضى السياسية

ليس من حق مؤتمر الحوار طرح تمديد الفترة الانتقالية تحت مسمى المرحلة التأسيسية، وتحويل المؤتمر إلى برلمان وإلغاء مجلس النواب والشورى، كما أنه ليس من حق رئيس الجمهورية إصدار إعلان دستوري بذلك، باعتبار أن مثل هذه الخطوات تتصادم بصورة واضحة مع الدستور المعمول به والمبادرة الخليجية المهيمنة عليه، بالإضافة إلى ذلك فإن الدعوة إلى فترة انتقالية جديدة ومرحلة تأسيسية تعد أن تكون دعوة للفوضى والعبث وتأزيم الأزمة وتلاعب بحاضر ومستقبل اليمن.

إن على مؤتمر الحوار المسارعة لإنهاء أعماله, فقد طالت فترة انعقاده وكثرت أخطاؤه وسلبياته، وعلى رئيس الجمهورية بالاتفاق مع الحكومة ومؤتمر الحوار تشكيل لجنة للتعديلات الدستورية وفق ما جاء في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية التي نصت على:" أن هذا الوضع يتطلب وفاء جميع الأطراف السياسية بمسؤولياتها تجاه الشعب، عبر التنفيذ الفوري لمسار واضح للانتقال إلى حكم ديمقراطي رشيد في اليمن"..

والانتقال إلى حكم رشيد لا يكون عبر تنفيذ المبادرة والاتفاق الذي وقع عليها طرفا الأزمة التحالف الوطني (المؤتمر الشعبي العام وحلفائه)، المجلس الوطني (أحزاب اللقاء المشترك وشركاؤه)، باعتبار أن يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها محل أي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ولا يجوز الطعن فيهما أمام مؤسسات الدولة.

وحسب الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية فإن الفترة الانتقالية تتألف من مرحلتين:

تبدأ المرحلة الأولى مع بدء نفاذ هذه الآلية, أي في 23 نوفمبر 2011م، وتنتهي مع تنصيب الرئيس عقب إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تمت في 21 فبراير 2012م.

وتبدأ المرحلة الثانية, ومدتها عامان, مع تنصيب الرئيس بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة وتنتهي بإجراء الانتخابات العامة وفقاً للدستور الجديد وتنصيب رئيس الجمهورية الجديد.

ووفق ذلك فإن الاستحقاق القادم بعد مؤتمر الحوار هو إعداد دستور جديد أو تعديلات دستورية والاستفتاء عليه، ثم إجراء انتخابات عامة برلمانية ورئاسية، ولاشك أن إقامة الانتخابات يمثل تحدياً كبيراً وخطأ فاصلاً نلج من خلالها إلى تحقيق الاستقرار السياسي والتداول السلمي للسلطة، وبالانتخابات الحرة والنزيهة يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ويعرف كل حزب وتيار واتجاه قدره وحجمه ومكانته عبر صندوق الاقتراع.

وقد يقول قائل إن الفترة المتبقية لا تكفي للتعديلات الدستورية والاستفتاء عليها وإجراء الانتخابات، وخاصة أن مؤتمر الحوار مازال يماطل في إنهاء أعماله وإغلاق دكانه.. أقول: ذلك صحيح ولكنه غير مبرر لمرحلة تأسيسية، ويمكن وضع جدولة زمنية لما تبقى من بنود المبادرة وإضافة ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر, باعتبار ذلك حلاً اضطرارياً وإجراءً واقعياً للخروج من الإشكالية واستكمال المرحلة الانتقالية، وفي الوقت ذاته الالتزام بالمبادرة وآلياتها التنفيذية المزمنة والخروج من عنق الزجاجة الذي يريد البعض أن يدخلنا فيه من خلال الدعوة لمرحلة تأسيسية، وتمديد الفترة الانتقالية وإلغاء مجلسي النواب والشورى, وغيرها من الإجراءات الباطلة والمسارات الخاطئة التي لا فائدة منها ولا خير فيها، بل إنها سوف تزيد الطين بلة والمرض علة.

زر الذهاب إلى الأعلى