قبل يومين، يعترف مسئول حكومي بوجود وزراء فاشلين في حكومة باسندوة، ويؤكد أن عملية تغييرهم ستتم قريباً. وبعيداً عن ما إذا كان لهذا التصريح مغزىً سياسياً يصرف النظر عن المطالبات المستمرة بتغيير الحكومة العاجزة كاملة، ويجعل التغيير المفترض تعديلاً طفيفاً يقتصر على بعض الوزارات فقط في الأيام القادمة، فإنه يبدو باعثاً على الأمل بأن الحكومة باتت تدرك أنها فاشلة وأنها أحد أسباب عناء اليمنيين الآن.
الجميع يصرف نظره بإتجاه وزارة الداخلية على إعتبار أنها تترأس قائمة الوزارات التي فشلت في القيام بمهامها بما يتفق مع طموحات الناس. ربما أن الأمر مرتبط بخطورة الوضع الأمني خصوصاً في مرحلة إنتقالية تأتي بعد حرب. وأي رجل سيديرها سيبدو فاشلاً لامحالة. لكن بمقدور وزيرها المحسوب على حزب الإصلاح أن يكون أفضل. وإذ يصنف مراقبون وزارات الداخلية والكهرباء والمالية، وزارات فاشلة، وهي في برنامج الحكومة التوافقي، جزء من حصة الإصلاح وحلفائه، فإن في الجهة المقابلة عدة حقائب وزارة خاصة بالمؤتمر أو الإشتراكي أو الناصري، تبدو أكثر فشلاً.. لكنها ليست مهمة بالنسبة لهموم الناس اليومية.
يقولون أن وزارة الداخلية تمنح تراخيص حمل السلام هذي الأيام، وبسخاء كبير. فالذي يتعرض لمضايقات وتعتريه مخاوف على حياته واستطاع أن يصل لوزير الداخلية الذي يعتده مراقبون أفشل وزير في الحكومة الإنتقالية، فإن هذا الأخير، لا يتوانى في عكس هذه النظرة لدى العامة، بحيث يقوم بالتوجيه الصريح بإصدار ترخيص لحمل السلاح لكل من يطلب. ولو أراد الناس أن يطمئنوا على حياتهم، فما على الوزير المذكور إلا تجهيز 24 مليون ترخيص بحمل السلاح الخفيف والثقيل، إن لم يكن لدى الرئيس هادي قدرة على صرف 24 مليون سيارة مصفحة، لكن وبالنظر، إلى الإجراء الخاص بمنع الدراجات النارية في شوارع صنعاء، بعيداً عن إيجابياته وسلبياته، فإن بإمكاننا أن نتفائل قليلاً بأن الدولة تصبح دولة حقيقية لكن فقط، عندما تريد.
والمؤسف أن كل وزير فاشل يسعي للتباهي بفشله ولديه من يحميه، والوزارة المتحزبة تبذل قصارى جهدها لرسم صورة إنتقامية من سمعة أختها الشريكة، وإعلام الأطراف المختلفة للأسف، يطبل بطريقة معدية لهذه الخيبات حتى بطريقة تسليط الضوء على فساد وزارات بعينها، وكل فساد يدفع بإتجاه الفساد المضاد، حتى أن مراقبون يؤكدون أن حجم الفساد في السنتين الأخيرتين أكبر بكثير من فساد حكومات صالح ولسنوات.
بإختصار؛ الحقيبة الوزارية الفاشلة تصيب أخواتها، فما بالكم برئيس التوليفة الحكومية وقادة الأحزاب الممثلين في حكومة باسندوة. وفي بلد، يغيب ضمير الخير عن مسئوليه من كل الأطياف السياسية، من الطبيعي أن تكون المحاصصة وباء على هذا البلد، وعلى خيراته، وعلي طموحات العاديين بالعيش الكريم. ومفهوم التوافق لدى أحزابنا يعني العمل بكل الوسائل من أجل خدمة الحزب أو الجماعة، وهنا أمر حكومة الكفاءات بات ملحاً للفترة القادمة في اليمن، ذلك أن كل مسئول كفؤ ومحترم ونزيه لن يأتي مهموماً بأجندة حزبه أو جماعته وحسب.