يذكرني الإعلام الحوثي المهجن في معامل التفريخ الإيرانية بنفس الخطاب الأرعن المأزوم الذي كانت تبثه عصابة الانفصال بزعامة البيض من إذاعة عدن الباسلة في صيف 1994م خصوصاً بما يتعلق بجزئية (عصابة آل الأحمر الدموية !).
هكذا كان الانفصاليون يدندنون ويعزفون على هذا الوتر أثناء الصراع والحرب الكارثية المشؤومة, وكأنهم اختزلوا اليمن الكبير والعظيم والموحد في أسرة آل الأحمر من الشمال, وأسرتي البيض والعطاس من الجنوب, منطلقين في هذا الخطاب من خبث سياسي وفكري وعنصري بحت يدغدغ مشاعر العامة ويصور الصراع تصويرا ساذجاَ وسطحيا لتأليب القبائل على بعضها البعض وخلق الشحناء والبغضاء في صفوف المشائخ والوجاهات الاجتماعية الفاعلة باعتبار ان أحمر حاشد وأحمر سنحان يمثلان أسرة واحدة تحكمت بمقاليد الحكم وسيطرت على منابع الثروة واستحوذت على النفوذ و و....الخ, وهو ما كشفت الأيام عدم صحته بخروج أحمر حاشد ثائراً على الرئيس السابق / علي عبد الله صالح عفاش ولتذهب كل تلك الشائعات أدراج الرياح.
ووصلت الأمور إلى ما هو أبعد من ذلك حين عرفنا وعرف العالم حقيقة العلاقة بين الرئيس صالح وذراعه الأيمن اللواء علي محسن صالح وأنهما ليسا أخوين ولا حتى أولاد عمومة وأن كلاً منهما ينتمي إلى أسرة ولا يجمعهما إلا الإنتماء القبلي لقبيلة سنحان.
وما نراه اليوم من حملة حوثية شرسة تتبناها قناة المسيرة ضد أسرة آل الأحمر مشائخ حاشد يجب أن نضع حولها ألف علامة استفهام.؟؟
وعلى أولئك الذين يكيدون لآل الأحمر ألا يقعوا في هذا الفخ الذي ينصبه الإماميون بخبث من خلال محاولة استعطاف واستغلال قبائل وأسر وعصب وزعامات وأحزاب, فالحوثي ومشروعه الإمامي البغيض, وميليشياته التي قتلت الآلاف من أبناء القوات المسلحة والأمن والآلاف من مواطني صعدة وحرف سفيان ومناطق يمنية أخرى ولا زالت تقتل وتهجر وتعتقل وتعذب وتسلب وتنهب, لن يكونوا يوماً دعاة أمن واستقرار وبناء وعدالة وتنمية ومدنية وديمقراطية فلقد كانوا إلى الأمس القريب سدنة بيت الأحمر وجلساءهم وهم من استفاد من حقبة الصراع بينهم وبين الرئيس السابق إن لم يكونوا وراء إذكائه والدفع به إلى مراحل لا تقبل التراجع.
وما يؤسف له أن آل الأحمر وقعوا في فخ غير محمود خلال الحروب الست التي خاضها المتمردون ضد سلطة وسيادة الدولة وضد إخوانهم من مشايخ وقبائل صعدة وسفيان وقبلوا سراً أو جهراً بالإماميين كحلفاء لهم ضد صالح ونظامه الشرعي الذي كان جمهورياً وحدوياً ... ولهذا كنا نسمع عن تواجد شبه دائم لعتاولة الإماميين في مجالس عيال الشيخ وما زالت مداكي محمد عبد الملك المتوكل والمرتضى المحطوري وحسن زيد وغيرهم شاهدة في مجلسي حميد الأحمر وحسين الأحمر, ولا يجب ان نتناسى ان الحوثيين ظلوا على خط التحالف أو على الأقل التواصل مع هؤلاء في الحروب والوساطات السابقة حتى انفجار أزمة 2011م الطاحنة التي بدأت بثورة شبابية طامحة للتغيير السلمي المدني الحضاري التقدمي وانتهت بكوكتيل مأزوم من قوى وأحزاب وحركات تمرد وانفصال ولم يكن مطلب إسقاط ( الحكم العائلي الصالحي ) كما كان يحلو لهم تسميته _ إلا مرحلة من مراحل الضحك على عقول وأفكار الشباب وشرائح الشعب المسحوقة ليتلوها اتفاقيات وتسويات ومحاصصة بين مجموعة عوائل واسر وشلل انتجت لنا هذا الواقع المأساوي وحلت أسرة الدنبوع الضعيفة مكان أسرة عفاش القوية وظهرت بفجاجة ووقاحة مطامح أسرة الحوثي وسلالة الإماميين التي تجاهر بأحقية إلهية محسومة لها في حكم وولاية وسيادة اليمنيين وتهتف بموت من لا يقر بذلك.
وأنا هنا لست بصدد الهجوم على أسرة آل الأحمر المناضلة التي نكن لها كل التقدير والاحترام بقدر ما أنا مهتم بتفنيد الحملة الحوثية الإمامية التي تستهدفهم لا لشيء إلا لأنهم قد وصلوا إلى مرحلة تحتم عليهم الاستغناء عن دور ووجود وخدمات آل الأحمر بشكل بشع يقتضي الإطاحة بهم من وجاهتهم ورئاستهم القبلية بل ومكانتهم الاجتماعية وحتى وجودهم السياسي لأنهم اصبحوا يشكلون عقبة أمام توسع وتمدد مشروع الدولة الإمامية التي لا تقبل من أي قحطاني إلا أن يكون عبداً ذليلاً خانعاً يخدم أسياده ويتولاهم ويقدم في سبيل إرضائهم وسعادتهم كل ماله ودمه وهذا مالا يجب أن تقبل به النفوس اليمانية الأبية الشامخة وهو ما جعل أحرار ثورة سبتمبر المجيدة كالزبيري والنعمان واللقية والموشكي والشهيدين/حسين بن ناصر الأحمر وحميد بن حسين الأحمر وغيرهم الكثير يثورون بعزم واستبسال في ستينيات القرن الماضي يثورون بهمة عالية وعزم لا يلين, وفي سبيل التخلص من دولة الكهنوت قدم الشعب اليمني انهارا من الدماء الزكية لإغلاق ملف الطاغوت والتسلط العنصري الإمامي و إلى الأبد أن شاء الله .
وعليه فإنني اربأ باليمانيين الحكماء الأصلاء بمختلف انتماءاتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية ان تنطلي عليهم هذه الأكاذيب المفبركة أو ينهزموا أمام الشبح الإمامي الذي عاد ليطل بوجهه القبيح من جديد جاعلا من صعدة الصمود منطلقا له كما هي العادة على مر التاريخ ومستهدفا للقبائل اليمنية الحرة قبيلة تلو أخرى وما هذا الهجوم السافر على قبيلة حاشد السبتمبرية إلا مرحلة من مراحل الطريق إلى صنعاء.
وأملي في اليمانيين الشرفاء ان يسقطوا المشروع السلالي كما اسقطوا المشروع الانفصالي في صيف1994م ومثلما سقط القناع عن الأسطوانة المشروخة لإعلام الانفصال الذي كان ولا يزال على تنسيق تام مع الإماميين في الشمال, سيسقط حتماً عن إعلام إيران وأذنابها.
فالمستهدف هو اليمن الغالي بتاريخه وحضارته ومكتسباته وثوراته المجيدة سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر ووحدته ولحمته وسيادته واستقلاله وكل هذه المشاريع الهدامة توجه حرابها وسهامها إلى الجسد اليمني الشاحب وما يرفعونه من شعارات جوفاء لا تمت للحقيقة بصلة.
وما يجب علينا اليوم هو أن نرص الصفوف ونوحد الكلمة ونضع خلافاتنا جانبا لنقل لأصحاب المطامع والمطامح "قفوا" إننا هنا ننشد بناء اليمن بدولته العادلة المستقلة والموحدة والتي لا وجود في قواميسها للألقاب والأحساب والأنساب ولا تسمح ببقاء ذرة رمل من أراضيها خارج نطاق السيطرة الكاملة والفعلية للدستور والقانون الذي تنفذه المؤسسات الرسمية السيادية القوية والمؤهلة في ظل تجسيد لمبدأ المواطنة المتساوية التي يجرم معها أدعاء السيادة أو نازية النسب والعرق ولنحافظ على موروثات الآباء والأجداد في اطار القبيلة المنتظمة المتسلحة بالعلم والعمل كوحدة مجتمعية مدنية تستلهم من عمق التاريخ آدابها وأعرافها وتقاليدها وتلتزم بالشريعة وتّذعن للقوانين المنبثقة عنها بكل طاعة وحب وولاء ووفاء.
أما في هذا الظرف التاريخي الصعب فإننا ملزمون الراعي والرعية والحاكم والمحكوم بردع البغاة وإيقاف عبث قوى الشر والضلال بعيداً عن المماحكات والمزايدات كما أننا ملزمون بإيقاف مكائن الرجوع إلى الوراء نحو الماضي الطاغوتي والاستعماري والشمولي المظلم والذي ولى إلى غير رجعة ولن يعود مهما تكالبت الفتن والمحن فاعتبروا يا أولى الألباب.