من الأرشيف

تقرير مصير اليمن.. مسؤولية من؟

لفتت نظري رسالة وجهتها بلقيس اللهبي نائب رئيس فريق القضية الجنوبية ، أوضحت فيها أن هذا الفريق لم يتلقَ أي تقارير من اللجنة المصغرة المنبثقة عنه «لجنة 8+8»، وأنهم في فريق العمل لا يعرفون شيئاً عما دار ويدور في هذه اللجنة .

بعد هذه الرسالة بيومين خرجت إلى العلن مسودة وثيقة حول حلول وضمانات القضية الجنوبية ، لم يظهر في الصورة لا اللجنة المصغرة ولا فريق العمل الخاص بالقضية الجنوبية، وقد أعلنت عدة أطراف رئيسية عدم موافقتها على هذه « المسودة ». وإذا صرفنا النظر عن من كتب هذه المسودة فإن الإجراءات الصحيحة المتدرجة تقتضي أن يتم التصويت عليها أولاً في اللجنة المصغرة ، ومن ثم تقدم إلى فريق القضية الجنوبية لمناقشتها والتصويت عليها ؛ وفي حالة الخلاف ترفع للجنة التوفيق.

وبعد إقرارها تطرح أمام الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني لمناقشتها والتصويت عليها. ويلي ذلك بالطبع أن تأخذ هذه «المسودة» بعد تعديلها واستيعاب الملاحظات عليها ، تأخذ بعين الاعتبار ك«توصية» من قبل اللجنة الخاصة بإعداد الدستور الجديد ؛ والذي لن يكون نافذاً إلا إذا أقرته أغلبية الناخبين اليمنيين في الاستفتاء عليه من قبل الشعب اليمني.

الاستعجال والكلفتة لا تصنع نجاحاً ولكنها تجهض كل الجهود التي بذلت خلال الأشهر الماضية في مؤتمر الحوار الوطني ؛ وتهدر التضحيات والصبر والمعاناة التي قدمها الشعب اليمني من أجل الخروج من نفق المرحلة الانتقالية والانتقال من وضع لا دستوري إلى وضع دستوري تفرزه الإرادة الشعبية ؛ وفي سبيل ذلك تحمل التفجيرات والاختلالات الأمنية وانقطاعات الكهرباء وتخريب أنبوب النفط وتعطيل البنية التحتية للدولة والحرب الطائفية في صعدة والتحريض الانفصالي العنصري في محافظات الجنوب.

لقد مضت المكونات الحوارية في الطريق الخطأ منذ البداية. أولاً كان لابد من تهيئة الواقع على الأرض لنجاح الحوار عبر تنفيذ خارطة طريق لإعادة الحقوق في المحافظات الجنوبية واستعادة الأمن والاستقرار وانتظام الخدمات المعيشية وفرض هيبة الدولة على كل شبر في اليمن، خارطة طريق سواءً سميت النقاط العشرون أو الإحدى عشر أو أي مسمى آخر.

التوهان الثاني الذي أوقعت فيه النخبة السياسية مؤتمر الحوار الوطني هو التبشير بالفيدرالية باعتبارها إكسير النجاة لليمن ؛ مع أن الكراهيات لازالت مستفحلة ؛ والانقسامات تزداد وتتأجج ؛ وأي تقسيمات إقليمية في ظل هذه المعطيات من دون استعادة هيبة الدولة وجَبْرْ التشظيات ستكون تثبيتاً للانقسامات والكراهيات والتشظيات وإعطائها المشروعية الدستورية والقانونية ، وليس معالجتها وتجاوزها.

النخبة السياسية الحزبية هي «رجمة الغيب» التي قُذِفتْ في وجه اليمن في لحظة انعتاقها من جحيم صالح ؛ فكان أن جعلت اليمنيين يحنون إلى ذاك الجحيم في ظل الأهوال التي قادتهم إليها أحزاب المشترك ، والحكومة الانتقالية.

ثار اليمنيون من أجل العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والحلم بوطن أفضل لا فساد فيه ولا عصبيات متحكمة ، فإذا بهم يدخلون في تحديات جذرية تهدد وجود كيانهم الوطني ووحدة بلدهم وتفتح أمامهم باباً مرعباً نحو الهاوية والمجهول.

أي حلول أو ضمانات تتعلق بالقضية الجنوبية لا بد أن يوافق عليها الحراك الجنوبي ويلتزم بها ويضمن عدم المزايدة والتحريض على الانفصال عقب التوقيع عليها. والمقصود بقوى الحراك الجنوبي كل القوى الفاعلة على الأرض ؛ من حراك علي سالم البيض ؛ وفصيل حسن باعوم ؛ والخبجي ، وعلي ناصر والعطاس ، وكل المكونات السياسية والحزبية في المحافظات الجنوبية ؛ وقبائل حضرموت ، واللجان الشعبية ، والنقابات والمنظمات المدنية ، وليس فقط المكون المشارك في فعاليات حوار موفمبيك. أي حل للقضية الجنوبية لابد أن تلتزم به هذه المكونات وتلتزم بالعمل تحت سقفه ؛ والالتزام بالكف عن التحريض على الكراهية العنصرية وتجزئة اليمن،ومن دون ذلك لن يكون ملزماً لأحد.

وإجمالاً لابد لأي حل يقرر مصير اليمن أن يعتمد من الإرادة الشعبية لأغلبية اليمنيين ؛ وإلا فإنه لا يساوي الورق الذي كتب عليه .

زر الذهاب إلى الأعلى