يقترب إمام الزمان الحوثي من إكمال الضلع الثالث في مثلث الإمامة الزيدية بأضلاعه الثلاثة : المذهب، أصحاب المذهب "عقله وفقهائه وإمامه"، والعضلات: قبائل الهضبة العليا.
الضلع الأول المذهب: وقد استعاده التيار الحوثي الصاعد قادماً من الأطراف المهمشة وسحبه من صف الفقهاء الشائخ في العاصمة، ولم يعد لهم قيمة لا في متنه ولا هوامشه ؛ وهذا يعني وحدة المرجعية الفقهية والسياسية في قيادة الحوثي وعدم وجود أي منازعة له في شقيها الفقهي والسياسي.
الضلع الثاني، عقل المذهب وأئمته وقيادته ؛ وقد سحبها الحوثي من الفئة الماكرة في صنعاء وأصبحت هذه الأخيرة بقضاتها وأسرها الهاشمية السياسية ودكاترتها ومثقفيها مفردات في سياق المسار الذي يحدده الإمام الشاب، بيديه السبحتين، وميليشياته المسلحة، ومضخة امكانيات بلا حدود تتدفق من طهران.
الضلع الثالث : قبائل الهضبة كعضلات تاريخية. وقد قطع الإمام الجديد شوطاً لا بأس به ؛ إذ يمسك بصعدة ويمضي قدماً في تطهيرها من كل مخالف لمذهبه وسلطته الوحيدة هناك ؛ فيما يقترب من العاصمة مموهاً معركته بعنوان "خصومة بيت الاحمر في حاشد"، و"السلفيين في دماج وكتاف" لحشر كل التحديات المحتملة في زاوية ضيقة بعيدا عن استثارة الوطنية اليمنية والإرث التاريخي للصراع بأبعاده الواسعة. وتخدمه كل المعطيات القائمة من حالة انعدام الوزن السائدة في عموم اليمن إلى هشاشة السلطة الانتقالية وعجزها، وغموض موقفها من مصير اليمن؛ إلى مسايرة الأطراف الخارجية "السعودية وأمريكا" لطموحاته بدافع من حساباتها الخاصة المتعلقة بتقرير اليمن وتحديد وضعية معينة للجنوب تؤدي إلى "استقلال" حضرموت وربطها بالمملكة السعودية بشكل مباشر أو غير مباشر. وهو الوضع الذي يمثل جزءا من الشرق الأوسط الجديد لتفتيت الدول إلى دويلات؛ ولا بأس هنا من إعادة الشمال أو هضبته العليا إلى عهدة الأئمة.
هكذا تبدو المعطيات هذا الصباح مع ارتفاع رايات النصر الحوثية في كتاف. مع بقاء كل الاحتمالات مفتوحة، إذ أن الحديث يدور هنا حول نظام ديناميكي "مجتمع متحرك" تؤثر في حالته التي نتكلم عنها مؤثرات عديدة ومتشعبة وقابلة لقلب التوقعات رأساً على عقب...