أرشيف الرأي

تجربتي الروحية

كان آخر ما يخطر ببالي أن أنشر هذا (المقال) الذي اعددت جميع مادته لتنشر كملحق بكتاب ‏جديد من تأليفي هو في الطريق اليكم بإذن الله تع إلى .وفي مطلع المقدمة أحب ان اقول : إنّ ما ‏تطالعونه لي من كتابات روحية ايمانية على صفحتي على الفيسبوك أو مجموعتي (الإيمانيات ‏والروحانيات ..مرعي حميد) أو مجموعتي (الاحسان مرعي كرامه حميد) على الفيسبوك أو ‏في مدونتي الايمانية ،او في مقالي شبه الشهري التربوي بمجلة النور الصادرة من صنعاء،او ‏في غيرها ...كل هذا عندي هو في سياق واحد متصل هو سياق ونتاج تجربتي الروحية التي ‏مضى عليها 23عاماً من بدايتها ،وهو سياق قد يستغرب له البعض بسبب ما عُرف عني من ‏اهتمام بالسياسة كاتباً ومحاضراً ،و أود هنا ان اقول إنّ أمر السلوك الروحي غير مرهون بسن ‏ولا بشكل ولا هيئة ولا ملبس ولا نسب ،ولا تخصص أكاديمي ،ولا حتى كتابة وتحدث للناس ‏،فكل هؤلاء قد يكونون لهم تجارب روحية وسلوك روحي تصوفي نقي مستمر متصاعد.‏

بطبيعة الحال فانه يهمني جداً أن اتعرف على تجارب غيري الروحية واجتهد وابحث عبر ‏الكتب والمجلات ،ولم اعثر على تجربة مكتوبة حتى الان انما نتف متفرقة لا تقدم صورة ‏لتجربة روحية، كانت آخرها تجربة الدكتور المغربي طه عبدالرحمن ،و لا أعني انه لا يوجد ‏أصحاب تجارب روحية عميقة ولكن ربما لم يكتبوا مع ما في هذا النوع من الكتابة من خطر ‏،وما يصحبها عادة من زهد كبير جداً في التحدث عنها ،وربما لم اعثر بعد على بغيتي في ‏تنقيبي ،هذه المرة جربت ،ربما من جديد ،وكتبت على قوقل (تجربتي الروحية) فكانت النتيجة ‏ان عثرت على ما اسماها صاحبها تجربة روحية و تبين لي سريعاً انه انما كان متأثر بصوفية ‏الخرافة و انتبه منها وتاب ،وهذا في الواقع ليس تجربة روحية ،فالتجربة الروحية الحقيقية لا ‏يتوب منها صاحبها ،انها ترقي إلى الله وقرب روحي منه فليس بمعصية حتى يُتاب منه ،على ‏العكس ،قمة سامية يتمناها كل من عرف معنى ومضمون الترقي الروحي ويبذل من أجلها ‏الغالي والنفيس ،و قد وجدت احتفاء بصاحب هذه (التجربة) يصب في خانة التشويه التام لكل ‏التصوف ،ومن هنا وتسريعاً لما هو آت باذن الله تع إلى ،رأيت أنه من المناسب التعجيل بنشر ‏هذا (المقال) ،وسيجد فيه كل طامح في الترقي الروحي والايماني والتصوفي السُني ،مثال ‏معاصر ،حافل بالدروس ،وكل تجربة روحية مكتملة من بداية السلوك حتى قمته العالية ،هي ‏طريقة مستقلة ،ومن هنا جاءت تسمية (الطرق الصوفية) .‏

إنّ الكتابة في (التجربة الروحية) امر أشبه بالمخاطرة ،خاصة الاختلاف الكبير الموجود في ‏تعريف مصطلحاتها ومصطلحات أحوالها ،هو بحر صعب ،ولكن ثقتي في تجربتي وتعمقي ‏في هذا المجال وثقتي في ان ما تم لي انما هو فضل من الله تع إلى مع اهمية وجود تجربة ‏معاصرة في هذا المجال تُثبت انه ليس تاريخ روحي مجيد فحسب ،ويحسن هنا ان أضع ‏تعريفاتي للمفاهيم الواردة بعدها ضمن هذا المقال، وهي هنا تعاريف عملية تتناسب وطبيعة ‏هذا المقال ،كما انها تحتوي على إشارات مهمة ومضامين لا غنى عنها لمن أراد أن يسلك هذا ‏الدرب الرباني النوراني العرفاني الجليل ،وهي وجهة نظر عبد ضعيف سلك وعرف:‏
‏16) التصوف : طريقة وميل ونزوع فردي عقلي وعلمي وعملي لتزكية النفس وتهذيب ‏الروح تحلياً بالفضائل وتخلياً عن الرذائل وترقياً في درجات التديّن و سلوكاً في مدارج ‏العبودية لله وصولاً إلى مقام الشهود الروحي ومنزلة العيش مع الله وكأن السالك يراه وثباتاً في ‏هذا المقام وعلى هذه المنزلة حتى يلقاه. والتصوف كمكون ليس هو التدين في مضامينه ‏ومراميه ولكنه طريقة لا يُكاد يستغنى عنه للتدين في تكامله وبلوغ كمالاته والثبات عليها حتى ‏لقاء الله . ولم يعرف حقيقة التصوف من يناصبه العداء ،وان كل منتسب إلى التصوف مدعي ‏له مخالف لقيم التصوف السامية فانه ليس بصوفي في الحقيقة وكل حديث من هذين الصنفين ‏من الناس عن جوهر التصوف وحقيقته ما لم يكن منقولاً، فهو مردود لأنهما لم يعرفا حقيقة ‏التصوف فكيف يعرفا الآخرين به تحبيباً أو تنفيراً، وفاقد الشي لا يعطيه ،ان تعريف التصوف ‏يحتاج من صاحبه إلى معرفة سلوكية وخبرة تذوقية، وكم من شبهات اثيرت حول التصوف ‏بسبب هؤلاء المدعين للتصوف و المتقولين وتعريفاتهم المدعاة ، و تعريف اهل التصوف ‏الحقيقيين في بعض الاحيان يركز فقط على جانب فقط من جوانب التصوف . واحيانا يعممون ‏حالة من الحالات ويعتبرونها هي كل التصوف .و للتصوف اسماء مثل : السلوك ،التزكية، ‏التربية الروحية ،العرفان ،وللمتصوفة الحقيقيين اسماء ابرزها: العبّاد ، السلوك ،السالكين ‏،العارفين، اهل الارادة ، ارباب السلوك .‏

‏17) الحياة الروحية : هي هبة الهية في حالة قلبية روحية شائقة جليلة القدر رفيعة المنزلة ‏يعيش فيها المؤمن مع الله تع إلى يشهده بروحه حصيلة للتطهر من الذنوب والمعاصي و ‏للمعرفة القلبية بالله وطاعته ومجاهدة النفس في سبيله .‏
حالة يعيش صاحبها في رحاب الله يستروح نسمات القرب العليلة على روحه ،يتفيأ ظلال ‏الود الالهي الندية ،ويرتشف من معين الصفاء مع الله ومسارته وحلو مناجاته، هي اروع حالة ‏يمكن للإنسان عيشها في هذا الوجود وهي حصيلة المعرفة بعظمة الله وتذكر نعمه عليه ويقين ‏العابد واستشعاره لحقيقة قربه تع إلى منه بعلمه وسمعه وقدرته وهدايته ومن كل خلقه وان لم ‏يستشعروا هذه الحقيقة الساطعة المشرقة على قلب العابد وروحه ..وتتأتى هذه الحال للعابد ‏وهو يعيش في رحاب الله بطاعته والمسارعة اليه بأنواع القربات والاقبال عليه بشتى صنوف ‏ذكره مُستشعراً لتلك الحقائق :صلاة مكتوبة كانت ام نافلة وذكر لله وتلاوة لكتابه الكريم ودعائه ‏وسؤاله والتذلل لعظمته ،ولذا نجد الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم ينادي بلال رضي الله ‏عنه ارحنا بها يا بلال لأنها تأخذه كلياً وجمعياً إلى رحاب الله والانس به تع إلى كأروع حالة ‏ممكن للإنسان عيشها ،فكيف ان كان الانسان رسول الله ،وفي الصلاة تجد ملاقاة الله ومناجاته ‏وتلاوة كتابه وذكره

‏18) السالكين: هم مجموع السائرين بقلوبهم وأجسادهم و أرواحهم نحو الله تع إلى عبر ‏الايمان العميق والاكثر عمقاً والاعمال الصالحة (الاوراد)‏

‏19) الأوراد : هي مجموع الاعمال الصالحة التي تتمخض عنها الواردات فالأحوال ‏والمقامات ، ومن الأوراد تحديداً وتخصيصاً : الصلاة ،قراءة القرآن ،الذكر المطلق ،الدعاء ‏،التفكر في الكون و المخلوقات ،القراءة في كتب اسماء الله الحسنى والعقيدة المؤثرة ،الصيام ‏نفل و فرض ،قيام الليل ،التوبة ،الاستغفار ،الاعتكاف في المسجد والمكوث فيه ،اناشيد ايمانية ‏روحية ...‏

‏20) الوارد :هو العبير الروحي والنسيم الإيماني الذي يهب على الروح فينعشها ويُمتعها ‏ويزيدها صفاء ونقاء وهو مدخل إلى (الحال) .‏

‏21) الروح : الروح تكوين معنوي واعي يشكل مع تكوين المادة المادي حقيقة الانسان ،و ‏الروح تكوين يتسع ويضيق يكبر ويصغر ينعم ويشقى لدى صاحبه بحسب اهتمامه به تماماً ‏كما التكوين المادي ،له غذائه كما للجسد غذائه ، قابل للصحة كما هو قابل للمرض ،وبين ‏التكونين المادي(الجسدي)و المعنوي(الروحي) للإنسان الواحد ارتباط واتصال وتواصل ،و ‏النفس هي الانسان بروحه وجسده .‏

‏22) الشهود الروحي : الشهود الروحي هو حال ومقام تشهد فيه الروح المؤمنة الوجود ‏وواجب الوجود ،الله تعالى، بعين البصيرة وفي وقت واحد تحقيقاً لشهادة التوحيد ،و عبارة ‏‏(كأنك تراه) في حديث جبريل ،(( أن تعبد الله كأنك تراه)) ،وهو التجلي الأسمى لمقام الاحسان ‏‏.حياة روحية عرفانية تعقلية تستغرق الشعور والاحساس والمدركات تستحضر في تكثيف ‏معرفتها الروحية العميقة بالله وبالموجودات بالدنيا والآخرة ،وتبلغ الذروة في حال العبادة ‏الصرفة وبها تغدو جنة الدنيا والروح المُعجلة. هي التجلي الروحي لشهود المعبود الحق ‏وصفاته واسمائه وخلقه ومعبوداته و تدبيره للأمر من فوق سماواته وعرشه .ويتبعها شهود ‏روحي للرسول الكريم محمد بن عبداللاه صلى الله عليه وسلم رسول موحى اليه من ربه المعبود ‏ذي الجلال وينطق العابد بالمشاهدة الروحية للمصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يسلم عليه في ‏تشهده سلام الحاضر ((السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته )) .‏

‏23) الترقي :الصعود الروحي الإيماني عبر السلوك الواعي الصادق المتخذ للأسباب : ‏الفرائض ،النوافل ،ومعها :الصدق والاخلاص والتوكل والمحبة لله والانتهاء عن المعاصي ‏والذنوب والاجتهاد في الطاعة والفرار من الإثم .‏

‏24) الرؤية الروحية: المشاهدة بعين الروح ، مشاهدة روحية تتم بالروح وقدرته الشهودية ‏فوق البصرية المعلومة مستوعبة وهاضمة للمعرفة العقلية .‏

‏25) المشهد الكامل للوجود :الصورة الذهنية الروحية الشاملة من دون تفصيل التي تشمل ‏الارض والسماوات السبع و فوقها الحي القيوم الذي لا تدركه الابصار ولا تدركه العقول ‏‏.ولكن يسع الروح ما لا يسع سواها عبر الرياضة الروحية بتوفيق الله تع إلى .‏
‏26) البدعي المطلق
‏27) الذوق : هو منازلة الفرد بلحمه ودمه ووعيه للمعاني الروحية ووجده لإشراقاتها على ‏روحه
‏28) الحال :هو المقام في اول وجوده ،فيكون حالاً معرض للتحول والذهاب لعودة قادمة له ‏او لا عودة
‏29) المقام : هو المنزل الروحاني الذي يستقر فيه السالك ويبقى فيه لا يغادره ،ويكون في ‏اوله حال مؤقت مُلهم ثم يثبت بتوفيق الله ثم بالممارسة الروحية و التعرف عليه من مضانه ‏الصحيحة .وحين يرتقي السالك مقام أعلى فانه انما يضيفه إلى ما سبقت له من مقامات كمن ‏يصعد أدوار في عمارة عالية .‏
‏30) سلوك : توجه روحي إلى الله لتحقيق القرب المعنوي والتصوري الإيقاني العميق منه ‏جل جلاله .‏

من كمال حديث المهتمين بالتجربة الروحية ومن لهم تجربة سلوكية روحية أن يعرضوا ‏تجاربهم الخاصة ،ومنهم من يفعل ومنهم من لا يفعل ،ولذا رأيت وانا بصدد مؤلفي هذا ان ‏اعرض مراحل الترقي في تجربتي الروحية التي وفقني الله اليها حتى لا يكون مؤلفي مجرد ‏نقل وسماع واعجاب وتجميع على غير أساس ذوقي ،وحتى لا يظن ضان ان بلوغ مقامات ‏الروحانية العالية انما كان لمن مضوا ولا يمكن ان يتأتى لاحد من بعدهم ،وحتى يكون لما ‏كتبت ما ارجوه من الأثر بتوفيق الله ...‏
لقد مررت في ترقيي الروحي بالمقامات والاحوال التالية و بترتيبها الموجودة عليه أدناه ،ولم ‏أكن اتطلع إلى أي منها تحديداً ولكنه توفيق الله وفضله ،وسأورد هذه المراحل بأكبر قدر من ‏الاختصار ،مع انني اعذر من لم يفهم قولي ،فهذا مجال نادر ان يطالع فيه معظم أهل هذا ‏الزمان ،كما ان مفاهيمه غامضة على كل من لم يجربه ويتذوقه ،واذا ذهبوا إلى مصادر هذه ‏المعرفة المفترضة وجدوا اختلافاً وتبايناً ولذا حرصت على ان اضع ،اعلاه ،بين يدي مقالي ‏تعاريفي المبنية على تجربتي المؤكدة لما كان قد اطلعت عليه من قبل ولا أزال بفضل الله الذي ‏استمد منه التوفيق والدوام ...........‏
منذ 23 عاماً كانت بداية البداية ،كنت قبلها معتنقاً للفكر الاشتراكي وبإيمان به وحماسة ‏شديدة .....‏

‏25. شخصي الضعيف من مواليد اكتوبر 1970م ،منّ الله علي بالهداية في مطلع شهر ‏رمضان عام 1989م ومن دون سبب إلا فضل الله تع إلى فقد جذبني إلى رحابه ،كانت نعمة من ‏الله عظيمة ومنّة جليلة . عملت إماما وخطيبا لمسجد قرية حصن الحمضان (من قبيلة نهد) ‏وهو قريب من منطقتي العنين وسط وادي حضرموت ،مكثت به ثمانية اشهر من عام 1991م ‏وكنت امكث فيه من بعد صلاة العصر إلى صلاة العشاء منفرداً في معظم الوقت وفيه تعرفت ‏على كتاب تهذيب مدارج السالكين (تهذيب عبدالمنعم صالح العلي العزي وهو الاسم الحقيقي ‏للداعية والمربي الاسلامي العراقي محمد الراشد) و الكتاب مختصر بديع لكتاب ابن قيم الجوزية ‏‏(مدارج السالكين إلى منازل اياك نعبد واياك نستعين)،وقد وجدت الكتاب السفر النفيس ضمن ‏مكتبة المسجد المحدودة . كان هذا التأسيس والتمهيد المهم والمحوري .‏

‏26. في احد أماسي شهر رمضان من عام 1991م وتحديدا أثناء صلاة التراويح في مسجد ‏جامع عمر بمدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت وكنت حينها طالباً في المستوى الأول ‏بكلية العلوم والآداب والتربية بالمكلا تخصص تاريخ ....وجدت نفسي اسمع كلام الله بطريقة ‏مختلفة تماما عن ذي قبل ..اسمع كلام الله مع شعور كامل ان الله تع إلى هو المخاطب بهذا ‏الذكر المجيد لعباده من الإنس والجن ومنهم العبد الفقير مرعي حميد وهو حال قد قرأت سيد ‏قطب يتحدث عنه في السفر النفيس ( في ظلال القران ) ولكن لم افهم ذلك الحال ولم اعش ذلك ‏الشعور إلا ذلك المساء في صلاة التراويح وكان الإمام الحافظ أشرف عبدالكريم باحسين ‏‏..كانت طريقة الاستماع وحال الاستماع لذيذة ..ممتعة ..مدهشة ..مذهلة ..تفوق الوصف ‏‏..وكنت حينها أعاني من حالة مرضية ،علم بها كل المحيطين بي في المكلا والقطن بعد ذلك، ‏بدأت الحالة المرضية جسدية بالتهاب في اللوزتين شخّصه الدكتور المثابر علوي صالح ‏لحمدي ،ثم تحولت إلى حالة نفسية ذهنية ، ثم عافاني الله في أقل من شهر ..ما وجدته في تلك ‏الليلة الرمضانية المباركة من حال استماع مختلف والتذاذ ذهب حينا من الزمن ..واستقر في ‏شعوري انه إحساس مر مرورا عابرا وانتهى وذهب بلا رجعة ولم تبق إلا ذكراه و علويته ‏‏..ولكن ..مثلما ما من الله علي به أوّل مرة بفضل منه وتكرم ..أعاده علي مرة ومرات حتى ‏غدا بحمد الله وتوفيقه مقاماً وملكة دائمة أجدها كلما قرأت كتاب الله أو استمعت له بحضور ‏قلب وقالب، بل امتدت على نحو اشمل وأرحب وأوسع وكأني بها مقدمة لما بعدها : إلى كل ‏مناجاة للعلي الأعلى وذكر له بقلب حاضر وسمع محصور على حديث القلب ومشهد كامل لهذا ‏الكون ..وهي نعمة من الله أنّى لي ان أوفي شكرها ..ولا معشار الإيفاء ..رب أوزعني ان ‏اشكر نعمتك التي أنعمت علي ..رب لك الحمد حتى ترضى و لك الحمد إذا رضيت ..و لك ‏الحمد بعد الرضاء ..سبحانك ..لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك .‏

‏27. وقد ارتبط بذلك توجه في حياتي إلى التفكر في الكون الرحيب من خلال القراءة في ‏الكتب العلمية الطبيعية والمجلات العلمية كالإعجاز العلمي ومجلة العلوم الأمريكية المترجمة ‏للعربية ،وقد أقبلت على شراء هذا النوع من الكتب والمجلات لهذا الغرض ولا أزال وكانت ‏الثمرة بفضل الله أحلى .. أروع .. أمتع ما في هذه الحياة، اسأل الله الثبات ، وأضفت لها أمهات ‏كتب التصوف ،غير البدعي المُطلق ،اسأل الله أن ينفعني بها والمسلمين ،وهي كتب لا تجد ‏الخرافة اليها سبيل غالباً ،كما أن المرء بفهمه لا تنطلي عليه الخرافات ولا التهويمات ولا ‏خوارق العادات.‏
‏28. رؤية روحية للموجودات وموجدها من محدود لحد يقرب من انتفاء وجود الانسان ‏الرائي وذلك في مقام وخلال المناجاة والصلاة .‏
‏29. ثبات اندراج كل الوجود في المشاهدة في حال تلاوة القرآن أو الصلاة أو الدعاء أو الذكر ‏المطلق في حال حضور القلب وقد تعرفت في هذا إلى مشاهد الخطاب في القرآن الكريم وهي ‏تزيد عن خمسين مشهداً ستكون محور لكتاب قادم عن تدبر كتاب الله المجيد بإذن المولى ‏تع إلى .‏
‏30. رؤية للذات مع رؤية وجود هائل فوقه ويحيط به ثم ذي الجلال بدون نعت ولا صفة ‏تجسيمية (يقين هائل به تعالى)‏
‏31. شك مزلزل كان مدخله من باب التفكر في الكون وقد منّ الله تع إلى بكشف كربته و ‏زوال غُمته ،وقد جلست خلاله إلى حُجة الايمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني في بيته بجامعة ‏الايمان بصنعاء .‏
‏32. يقين ثابت تام بالله تع إلى واجباً للوجود ،الهاً واحداً لا شريك له ،مالك كل الموجودات ‏وموجد مزيدها بمشيئته وقدرته المطلقة وفوق هذا مالك الملك ذي الجلال .‏
‏33. شهود روحي خلال الصلاة الخاشعة
‏34. عيش الشهود الروحي بصورة دائمة و الذوبان في بوتقته ،يزداد في حال الصلاة وذكر ‏الله تع إلى .‏
‏35. عيش العبودية حقيقة العبودية للمعبود الحي القيوم وكان هذا من نفحات الحج ‏والاعتكاف في بيت الله الحرام قبيل ايام الحج عام 1432ه
‏36. عيش روحي لحقيقة الدنيا وحقارتها جنب الآخرة كان كذلك من نفحات الحج والاعتكاف ‏في بيت الله الحرام قبيل ايام الحج عام 1432ه
‏37. لسان حالي : كما تريد فانت مولاي
‏38. يقين مهيمن بشمول لفظ الجلالة (الله) لكل الاسماء والصفات
‏39. يقين مهيمن باسم الله العظيم في كل صفاة الله تع إلى واسمائه فهو العظيم في علمه ‏وحكمته ورحمته وعذابه ....الخ
‏40. عيش مع الله في قربه وعلمه ويقين محسوس ان هذا اقصى قرب ممكن للحي القيوم ‏الذي لا تسعه اقطار السماوات مصداقاً لقول الله تع إلى ((وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ )).‏
‏41. استشعار عيش (اعظم نعيم ) مع الله تع إلى لا فرق بينه في الدنيا عن الجنة الا رؤية الله ‏تع إلى بعين الجسد الفاني وهي غير ممكنة في الدنيا مصداقاً لقول الله تع إلى ((وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى ‏لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي))‏
‏42. عيش حقيقة الطمأنينة بذكر الله
‏43. ربط العقيدة الشاملة بالعمل ،تصور اضف له الممارسة
‏44. محاولة تنقص من الشيطان (تشويه للترقي الروحي والتقليل من شأنه وتصويره انه ‏مجرد وهم )‏
‏45. الاستيقاظ والانتباه الدائم على مكر الشيطان
‏46. الاستيقاظ والانتباه الروحي على واجب الوجود والموجودات
‏47. الاهتداء إلى مسمى الشهود الروحي ونحته من واقع التجربة والحال . (وقد ظننت ان ‏ليس بعد هذا ترقي فكان رقم 24 وربما يكون الأخير و ليس لي تطلع ولا تعلق بغير هذه ‏الادراكات الروحية.)‏
‏48. العيش والشهود الروحي لحقيقة (( يدبر الأمر))....‏
وهي تجتمع وتتكثف في تكوينها للمشاهد السبعة التالية ،بالإضافة إلى التأسيس لها في ‏مرحلة تحقيق الايمان :‏
‏1) مشهد الوحدانية
‏2) مشهد الفناء
‏3) مشهد البقاء
‏4) مشهد الوجود
‏5) مشهد الالوهية
‏6) مشهد القرب
‏7) مشهد التدبير
إنني اعتقد جازماً ان توفيق الله تع إلى اولاً هو الأساس لهذا الطريق والسلوك إليه تع إلى ‏وصولاً إلى مقام الشهود الروحي ،ولا يشترط لصاحبه ان يكون له شيخاً روحانياً سالكاً مترقياً ‏في المقامات الروحية، يجلس إليه ويعرّفه طريقه ،وتحل الكتب الموثوق بها محل الشيخ ‏واهمها تهذيب مدارج السالكين والحكم ابن عطاء الله السكندري وشروحها ،ان السلوك ‏الروحي في حقيقته وجوهره ليس علماً يُعلم ولا درساً يُلقى انما هو ذوق و وجد لكل سالك ‏واصل على حده ،من المفيد القراءة في هذا المجال ،ومن المفيد الاستماع إلى الشيوخ اصحاب ‏السلوك الروحي العرفاني أمثال محمد سعيد رمضان البوطي ومحمد حسين يعقوب ،ولكن كل هذا ‏لا يضمن بلوغ مقام الشهود الروحي .وان هذا الاستماع وذاك الجلوس وتلك القراءة اكثر من ‏أي شيء هو وهي وسيلة لتبين صوابية السير وصحة الخُطى نحو مقام الشهود الروحي ومن ‏ثم التأكد والتثبت من بلوغ هذا المقام .‏
ومع هذا ....‏
ومع هذا الشهود والترقي الروحي فانه تمر بي في حياتي الروحية فترات ،قد تكون لأسباب ‏قاهرة ،ولكن نعمة الله تع إلى عليّ سابغة ،فلم ينقص من مقامي الشهودي شيء ،وهذا محض ‏فضل من الله تع إلى .كما لا يعني هذا انني بلا أخطاء ولا ذنوب و لا تقصير في جنب الله ،وهو ‏صاحب الفضل والإنعام ،وهو التواب الرحيم ،دعانا لنستغفر ونتوب ((الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ‏ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) وَأَنِ ‏اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ‏وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ )) وقال تع إلى : ((وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا ‏قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا ‏إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ))‏
نشاط الدماغ المشابه :‏
إنّ أهمية المشاهد الروحية تتصل بمردودها على التعبد لا بان تجعل العابد شريك للمعبود في ‏تدبير خلقه أو شريك له في ذاته وكل ما قيل يخالف هذا مما عرف ب (الابدال والاقطاب ووحدة ‏الوجود) هو وهم ودعاوى وحالات دماغية لا علاقة لها بالروح ولا بالمشاهد الروحية ‏المتحصلة بتوفيق الله ثم بالتعبد لله عبر مقامات الدين الثلاثة .‏

لمّا فقدت الشهود :‏
تزلزل كياني واضطرب حالي وتكدر خاطري ،وشعرت انني اخسر اروع ما في حياتي ولا ‏يقدر بكنوز الدنيا ،العيش مع الله وشهود الوجود و وواجب الوجود جل جلاله ،حدث ذلك ‏مرتين ومر سريعاً ،الأولى كنت في منطقة مجاورة لمنطقة سكني وكنت في مسجدها وانشغلت ‏حينها بكتاب مدارج السالكين الكامل غير المهذب ،ثم كانت المرة الثانية ونحن نستعد ‏للانطلاق من منى إلى عرفة في الصباح الباكر من يوم عرفه 1432ه ،وقد زاد بسبب الفقدين ‏شعوري بعظم النعمة وشأن المنة.‏
الخطوة التالية :‏

أحضر حالياً لفتح مركز متخصص في هذا المجال يقدم لكل المتطلعين والشغوفين ببلوغ ‏أعلى مقامات الاسلام الممكن الذي يحقق لهم بتوفيق الله ما يطمحون ووفق منهج يلتزم كتاب ‏الله وسنة رسوله وعلى فهم أهل السنة والجماعة ....‏
اليمن حضرموت في ا محرم 1435ه الموافق 4نوفمبر 2012م

زر الذهاب إلى الأعلى