يشعر الإنسان بالألم الشديد والإحباط لما وصل إليه شبابنا في هذه الأيام، هؤلاء الشباب الذين تخلى عنهم أبائهم ورموهم للشوارع لأن هؤلاء الآباء مشغولين بجمع الأموال والاستمتاع بالأصدقاء والسهر والجلوس على النت. و أسفاه لدمار الأسرة عندنا.
شبابنا الذين تخلت عنهم الحكومات في التربية والأعداد والتوجيه وتخلى عنهم العلماء في تعليمهم دينهم الصحيح. و أسفاه تركوهم ضحايا لذئاب الإرهاب الذي تديره جهات معادية للأمة وأصبحوا ضحايا. معظم هؤلاء الشباب معقدين مرضى نفسيين بدأت حياتهم بالضياع والجهل والفشل في الدراسة والفشل في الحياة، وربما اصطادهم ذئاب المخدرات والفساد ومجرمي النت والمواقع وأصدقاء الليل في الشهر الشيطاني، وأصبحت عندهم ردة فعل، وقُدم لهم الدين بصورة يريدها شياطين وأبالسة حتى يحققوا أهدافهم من خلالهم.
وماذا حصل؟ أصبحت كل جهة تتبنى جماعة وأصبح هؤلاء ضحايا لأجهزة معينة، فالموساد يجند وإيران تجند وعدد من أجهزة الدول التي تريد تصفية خصومهم تجند والسلسلة طويلة، وأصبحت بلداننا مفتوحة لكل عدو يلعب والشباب محبط ويائس وطموح بجهل. فمرة يأخذونهم للعراق ومرة لليمن ومرة لسوريا ومرة لبيروت وهكذا دواليك.. الكل للأسف يعالج الظاهر ويقدم باندول مهدئ وليس هناك استعداد لمعالجة جذور هذه المحنة والمشكلة فلماذا ؟
لماذا لا نسأل أنفسنا لماذا أبنائنا يتركوا المدارس ولماذا يغيب أكثرهم من التعليم ولماذا يهرب أكثرهم من الوظائف ولماذا يتطاول الكثير على أبنائهم ومدرسيهم؟ سؤال عن فقدان الهوية وضياع البوصلة وغيرنا يدرس أحوالهم ويسخرهم بأحسن مما يريد ليحققوا حلمه.
شباب في العراق يقتلوا أنفسهم ويقتلوا الأبرياء وتوجههم جهات إيرانية معروفة من فيلق القدس وبتغاضي ودعم من نوري المالكي وغيره، وشباب يذهبوا لسوريا لأن هناك من يريد إفساد وتخريب الثورة السورية وإخراجها من دورها لتحرير شعب سوريا وقلب المعادلة. وهي وسيلة اتخذوها في العراق واليمن وللأسف أدخلوا لبنان في نفس هذه المتاهة ليقول النظام السوري وإيران إن لبنان ورقة بأيدينا.
لقد قالها روحاني بصراحة ووزير خارجيته ظريف إن أوراق سوريا والعراق واليمن ملفاتها يبد إيران. للأسف لم يفقه الناس ذلك. فورقة الحراك وجلوس علي سالم البيض في الضاحية وتدريب عناصر الحراك اليمني ودعم التنظيمات الإرهابية بما يسمى جماعة الشريعة أو النصرة أو الجيش الإسلامي ما هي إلا أكاذيب لنشر الإرهاب وإفشال الأوضاع.
علينا أن نعترف أننا لم تفكر دولنا ولا مؤسساتنا بحل مشاكلها من الجذور ووضع الأصبع على المكان الصحيح للأخطار ومن يقف ورائها وهي تكرار للماضي الذي كان إرهاب باسم الشيوعية يمارسه الشيوعيين اليوم باسم الإسلام وتدمير الأجيال. والحقيقة التي يجب أن يقر بها الجميع ويعترف بها ليصل إلى الحلول إن المواجهة ليس مع جماعة إرهابية محددة وإنما جزر متناثرة في جماعات وشباب يستقطب، شباب ضائع دمرته الحالات التي نمر بها. نحن بحاجة لدراسة هذه الظاهرة وأن الجميع أصبح يدفع فاتورة باهظة كبيرة بسبب عدم الالتفات إلى جذور المشكلة وتغيير الأوضاع الحياتية بإصلاح الأسرة وتحصين الشباب.
تركنا أولادنا الأبرياء ضحايا لجماعات وجدت فيهم تربة خصبة لتنفيذ مخططاتها الإجرامية. تكاثر السكان، الفراغ، الجهل، السهر، كل هذه عوامل تدفع الشباب إلى أن يكونوا صيداً ثميناً لهذه الجماعات ودول تدفع بالأموال حتى تدمر الجيل القادم ليصبح جيل غير قابل لمشروع حضاري. ألا تلحظ أن شباب الأمة اليوم تجاهل قضية القدس وفلسطين ومعاناة شعبها، ألا نلحظ أن جيل اليوم متمرد وممزق لا يدري أين الحقيقة، ألا نلحظ أن جيل اليوم مفرق الفكر مشتت وضحايا لغزو فكري وإعلامي وديني بالشكل الذي يريدونه ومؤسساتنا وعلمائنا تخلوا عن ذلك ويتحدثوا عن قضايا خيالية بعيدة عن الواقع. والشباب المحبط الذي هو قسمين: قسم مترف يأتيه الملل فيتجه للتطرف والعنف، وقسم محبط من الفقر يريد أن يعيش مثل الأغنياء ويقلد الآخرين. وأصبح الشباب يستخدموا وسائل الاتصال للجريمة والدماء لا للعلم عكس شباب الهند وغيرهم في آسيا.
آن الأوان أن نحدد هوية الإرهاب ومن يقف وراءه ومن يدعمه ويستغل الشباب الأبرياء. آن الأوان لمحاربة جذور الإرهاب. وأتمنى أن يتم إصلاح الأسرة ومحاربة السهر في الليالي والتوعية والبرامج الثقافية والدينية وأن يأخذها الشباب من منابعها الأصلية وليس من الخصوم وإصلاح الإعلام ومواجهة الظروف المعاصرة بلغة العصر لا بلغة تقليدية والقضاء على هذا السرطان بدراسة أسبابه وجذوره.