[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

شبابنا ومخططات الإرهاب

يشعر الإنسان بالألم الشديد والإحباط لما وصل إليه شبابنا في هذه الأيام، هؤلاء الشباب الذين ‏تخلى عنهم أبائهم ورموهم للشوارع لأن هؤلاء الآباء مشغولين بجمع الأموال والاستمتاع ‏بالأصدقاء والسهر والجلوس على النت. و أسفاه لدمار الأسرة عندنا.‏

شبابنا الذين تخلت عنهم الحكومات في التربية والأعداد والتوجيه وتخلى عنهم العلماء في ‏تعليمهم دينهم الصحيح. و أسفاه تركوهم ضحايا لذئاب الإرهاب الذي تديره جهات معادية ‏للأمة وأصبحوا ضحايا. معظم هؤلاء الشباب معقدين مرضى نفسيين بدأت حياتهم بالضياع ‏والجهل والفشل في الدراسة والفشل في الحياة، وربما اصطادهم ذئاب المخدرات والفساد ‏ومجرمي النت والمواقع وأصدقاء الليل في الشهر الشيطاني، وأصبحت عندهم ردة فعل، وقُدم ‏لهم الدين بصورة يريدها شياطين وأبالسة حتى يحققوا أهدافهم من خلالهم. ‏

وماذا حصل؟ أصبحت كل جهة تتبنى جماعة وأصبح هؤلاء ضحايا لأجهزة معينة، فالموساد ‏يجند وإيران تجند وعدد من أجهزة الدول التي تريد تصفية خصومهم تجند والسلسلة طويلة، ‏وأصبحت بلداننا مفتوحة لكل عدو يلعب والشباب محبط ويائس وطموح بجهل. فمرة يأخذونهم ‏للعراق ومرة لليمن ومرة لسوريا ومرة لبيروت وهكذا دواليك.. الكل للأسف يعالج الظاهر ‏ويقدم باندول مهدئ وليس هناك استعداد لمعالجة جذور هذه المحنة والمشكلة فلماذا ؟

‏ لماذا لا نسأل أنفسنا لماذا أبنائنا يتركوا المدارس ولماذا يغيب أكثرهم من التعليم ولماذا ‏يهرب أكثرهم من الوظائف ولماذا يتطاول الكثير على أبنائهم ومدرسيهم؟ سؤال عن فقدان ‏الهوية وضياع البوصلة وغيرنا يدرس أحوالهم ويسخرهم بأحسن مما يريد ليحققوا حلمه. ‏

شباب في العراق يقتلوا أنفسهم ويقتلوا الأبرياء وتوجههم جهات إيرانية معروفة من فيلق ‏القدس وبتغاضي ودعم من نوري المالكي وغيره، وشباب يذهبوا لسوريا لأن هناك من يريد ‏إفساد وتخريب الثورة السورية وإخراجها من دورها لتحرير شعب سوريا وقلب المعادلة. وهي ‏وسيلة اتخذوها في العراق واليمن وللأسف أدخلوا لبنان في نفس هذه المتاهة ليقول النظام ‏السوري وإيران إن لبنان ورقة بأيدينا. ‏

لقد قالها روحاني بصراحة ووزير خارجيته ظريف إن أوراق سوريا والعراق واليمن ملفاتها ‏يبد إيران. للأسف لم يفقه الناس ذلك. فورقة الحراك وجلوس علي سالم البيض في الضاحية ‏وتدريب عناصر الحراك اليمني ودعم التنظيمات الإرهابية بما يسمى جماعة الشريعة أو ‏النصرة أو الجيش الإسلامي ما هي إلا أكاذيب لنشر الإرهاب وإفشال الأوضاع.‏

علينا أن نعترف أننا لم تفكر دولنا ولا مؤسساتنا بحل مشاكلها من الجذور ووضع الأصبع ‏على المكان الصحيح للأخطار ومن يقف ورائها وهي تكرار للماضي الذي كان إرهاب باسم ‏الشيوعية يمارسه الشيوعيين اليوم باسم الإسلام وتدمير الأجيال. والحقيقة التي يجب أن يقر ‏بها الجميع ويعترف بها ليصل إلى الحلول إن المواجهة ليس مع جماعة إرهابية محددة وإنما ‏جزر متناثرة في جماعات وشباب يستقطب، شباب ضائع دمرته الحالات التي نمر بها. نحن ‏بحاجة لدراسة هذه الظاهرة وأن الجميع أصبح يدفع فاتورة باهظة كبيرة بسبب عدم الالتفات ‏إلى جذور المشكلة وتغيير الأوضاع الحياتية بإصلاح الأسرة وتحصين الشباب.‏

تركنا أولادنا الأبرياء ضحايا لجماعات وجدت فيهم تربة خصبة لتنفيذ مخططاتها الإجرامية. ‏تكاثر السكان، الفراغ، الجهل، السهر، كل هذه عوامل تدفع الشباب إلى أن يكونوا صيداً ثميناً ‏لهذه الجماعات ودول تدفع بالأموال حتى تدمر الجيل القادم ليصبح جيل غير قابل لمشروع ‏حضاري. ألا تلحظ أن شباب الأمة اليوم تجاهل قضية القدس وفلسطين ومعاناة شعبها، ألا ‏نلحظ أن جيل اليوم متمرد وممزق لا يدري أين الحقيقة، ألا نلحظ أن جيل اليوم مفرق الفكر ‏مشتت وضحايا لغزو فكري وإعلامي وديني بالشكل الذي يريدونه ومؤسساتنا وعلمائنا تخلوا ‏عن ذلك ويتحدثوا عن قضايا خيالية بعيدة عن الواقع. والشباب المحبط الذي هو قسمين: قسم ‏مترف يأتيه الملل فيتجه للتطرف والعنف، وقسم محبط من الفقر يريد أن يعيش مثل الأغنياء ‏ويقلد الآخرين. وأصبح الشباب يستخدموا وسائل الاتصال للجريمة والدماء لا للعلم عكس ‏شباب الهند وغيرهم في آسيا.‏

آن الأوان أن نحدد هوية الإرهاب ومن يقف وراءه ومن يدعمه ويستغل الشباب الأبرياء. آن ‏الأوان لمحاربة جذور الإرهاب. وأتمنى أن يتم إصلاح الأسرة ومحاربة السهر في الليالي ‏والتوعية والبرامج الثقافية والدينية وأن يأخذها الشباب من منابعها الأصلية وليس من الخصوم ‏وإصلاح الإعلام ومواجهة الظروف المعاصرة بلغة العصر لا بلغة تقليدية والقضاء على هذا ‏السرطان بدراسة أسبابه وجذوره.‏

زر الذهاب إلى الأعلى