أرشيف الرأي

يكرهون الانفصال!

الفدراليون لا يعرفون ما هي وجهتهم. لست داهشا حيال مهزلة التصويت في موفنبيك التي صارت نتيجتها أغلبية أو إجماع بحسب توجهات وسائل الإعلام الحكومية وتلك التابعة للقوى الحزبية والاجتماعية. وحتى يظهر متغير جديد في موفنبيك (وهذا أمر مستبعد حسبما تشير ردود الأفعال على التصويت الكرنفالي) يمكن اعتبار الأمر محسوما على الطريقة الموفنبيكية!

في عالم الواقع، ليس هناك ما هو محسوم بخصوص الفدرالية. فالأمر برمته صار في عهدة الرئيس المؤقت الذي تنتهي ولايته بحسب المبادرة الخليجية والانتخابات التي جاءت به إلى دار الرئاسة، في 20 فبراير المقبل.

لكن اليمنيين لديهم مخرجات جديدة بشأن الدولة والنظام السياسي والنظام الانتخابي. ما يعني أن الرئيس هادي وحكومة الوفاق يملكان الآن تفويضا من الشعب الصديق في كوكب موفنبيك بالتصرف مع الإرادة الشعبية في اليمن بحسب مقتضيات "المصالح الحيوية" لكوكب موفنبيك.

***
كتبت منذ مطلع العام في نقد الفدرالية باعتبارها حصان طروادة الذي سيمكن الحرس القديم (وحلفاء الرئيس صالح الاستراتيجيين وورثه غير البيولوجيين في السلطة والحكومة) من سحق اليمنيين في عقر دارهم.

باستثناء قلة رومنسية تبشر بالفدرالية كحل للأزمة الوطنية من دون أن تقول، كما هو الحال دائما مع التبشيريين، بشكل معمق ومسؤول، لماذا وكيف ومن ومتى وكم، فإن من الثابت الآن أن الفدرالية كانت خيار الهاربين من العدالة والإنصاف والمحاسبة، أي باختصار خيار الهاربين من استحقاقات القضية الجنوبية والثورة الشعبية. لا عجب في أن الذين عطلوا تنفيذ النقاط الـ20 التي تستهدف أساسا معالجة بعض المظالم في الجنوب وصعدة هم أنفسهم الذين اتفقوا على الفدرالية كعنوان فضفاض لكتاب لما يؤلف بعد.

***
الفدراليون، بما أنهم الفرقة الناجية من الحساب في موفنبيك، استخدموا ورقة الانفصال لتمرير مخططهم التفتيتي الذي يكفل لهم البقاء في السلطة أطول فترة ممكنة.

قال بعضهم إن الفدرالية من 6 أقاليم ستمنع انفصال الجنوب. وقال البعض الآخر إن الفدرالية من اقليمين ستمنع انفصال حضرموت.

الفدراليون لا يدققون كثيرا في ما يقولونه لأن الكائنات الحية في موفنبيك مجبولة على الانقياد خلف الأفاكين.

فدعاة الفدرالية من اقليمين قالوا إن الفدرالية من 6 أقاليم ستؤدي إلى تمزيق الجنوب بما يستحيي المخططات الاستعمارية، وسيفتت الشمال مناطقيا ومذهبيا.

وقال دعاة الفدرالية من 6 أقاليم إن فدرالية من اقليمين هي مجرد وضع العربة الجنوبية على سكة الانفصال.

الفدراليون وقفوا على ضفة واحدة في موفنبيك عندما صوتوا لصالح مقترح يفوض الرئيس هادي بتقسيم اليمن إلى فدرالية من 6 أقاليم أو فدرالية من اقليمين. بكلمة أخرى فوضوه أن يمنع انفصال حضرموت أو يمنع انفصال جنوب، أن يفتت اليمن، جنوبه وشماله أو أن يسمح بانفصال الجنوب.

***
يبقى أنه حتى اللحظة، لحظة ما بعد تقرير شكل الدولة، لم يظهر أي طرف من الأطراف دراسة وافية ومعمقة حول الفدرالية تمكنه من الحشد من أجلها والزام الأطراف الأخرى الحجة. لا غرابة فالتبشيريون لا يطيقون الخوض في التفاصيل، ولذلك قرر اتباعهم الطيبون في كوكب موفنبيك تفويض الرئيس هادي سلطة تقرير مصير "كيان الدولة" اليمنية من دون حتى أن يلزمونه بعرض قراره عليهم للمصادقة. "فعلوها" في أرقى فنادق العاصمة وغادروا بسلام.

***
يكرهون الانفصال لذلك يمزقون اليمن شر ممزق.

زر الذهاب إلى الأعلى