أرشيف الرأي

الفيدرالية الارتجالية القادمة: هل تحافظ على الاندماج الاجتماعي أم تهدده؟

لدي مخاوف عميقة أن تؤدي الفيدرالية المرتجلة إلى تهديد العلاقات المجتمعية بين فئات ‏الشعب اليمني بدلا من أن تحل أصل المشكلة الموجودة في السلطة والنظام السياسي.‏
تحديدا أتوقع انعكاسات سلبية سيئة على ما تحقق من إندماج اجتماعي لا بأس به بين ‏اليمنيين في الأربعين عاما الماضية.‏

صحيح أن الاندماج والتلاحم المجتمعي في اليمن لم يتحقق بعد بما يكفي للقول أنه السمة ‏الاساسية التي تحدد طبيعة العلاقات المجتمعية وتفوق في مستواها الانتماءات ما قبل الوطنية ‏؛ غير أن مؤشرات الأقلمة الارتجالية الغامضة توحي لنا بأنها ستبدد ما تحقق من اندماج ‏اجتماعي ؛ على قلته ؛ بدلا من أن تفتح آفاقا جديدة لتثبيت روابطه ولزيادة مستواه وتوسيعه.‏

في كل الفيدراليات يوضع هدف تعميق الروابط المجتمعية والاندماج التلاحم بين أبناء ‏الوطن الواحد كهدف أساسي ؛ بينما تتركز مضامين الفيدرالية على إيجاد حل لمشكلة البنية ‏المؤسسية الجامعة ( الدولة " وتوزيع السلطات وحل مشكلة النظام السياسي.‏

لو لم يتدارك الدستور القادم هذه المعضلة ويحسم مسألة الهوية والمواطنة ويؤكد عليهما ‏ويتلافى الصياغات الغامضة والمشبوهة في وثيقة بنعمر ؛ فسوف نكون على موعد مع أزمات ‏عميقة وأكثر خطورة من أزمة السلطة والنظام السياسي.‏

تلافي هذا المآل المقلق والمخيف يمكن أن يتحقق بتحديد تفاصيل الأقاليم وصلاحياتها ‏وانعكاسات النظام الجديد والتغير في شكل الدولة على كل مناحي الحياة والمجتمع والبنى ‏المؤسسية.‏

الغريب والمريب والفاجع ؛ أن قرار تشكيل لجنة الأقاليم أمس الاول قد اكتفى بتحديد مهمتها ‏بمفردة صغيرة تتمثل بتحديد عددها. مع أن المفترض أن يناط بها دراسة المسألة من جميع ‏جوانبها واستشراف مقتضياتها وطبيعتها وتأثيراتها وكل تفاصيلها. وان يناط باللجنة الاستعانة ‏بالمتخصصين والفنيين وأساتذة الجامعات وأصحاب الخبرات المتصلة بالقضية المطروحة ‏أمامهم.‏

غير أنهم مصرين على تسطيح الإشكالية كلها بالعدد.!!‏

زر الذهاب إلى الأعلى