أرشيف الرأي

لقاء مشترك بزعامة هادي هدفه تقويض الدولة لضمان السلطة!‏

مخطط تقسيم البلد إلى أقاليم هو أخطر ما واجه اليمنيين شمالا وجنوبا منذ عقود. هو مخطط ‏خبيث يخدم في الأساس أغراض شخصية وحزبية وفئوية لأطراف تحالف جديد يقوم في ‏صنعاء يضم خليطا من عسكر وحرامية وحزبيين فاسدين، اسلاميين ويساريين وناصريين، ‏علاوة على مراكز قوى تقليدية كانت سببا لاندلاع الاحتجاجات والثورات في الجنوب ‏‏(2007) والشمال (2011).‏

‏***‏
يمكن تعيين الهدف الاستراتيجي للمخطط الذي شرع تحالف المبادرة الخليجية بتنفيذه منذ ‏عامين على أنه الاستحواذ على السلطة بشكل مستدام عبر تخليق (أو تحفيز) صراعات بين ‏اليمنيين وتقويض الجامع الوطني الذي يجعل من الممكن للشعب أن يخرج في ثورة عارمة ‏ضد "العصابة" التي جلبت رئيسا جديدا بدلا من صالح.‏

‏***‏
يستهدف المخطط الذي تلتقي عليه أطراف محلية واقليمية ودولية الآتي:‏
‏- كسر الثورة الشعبية إلى الأبد بحرف مسارها من التغيير في صنعاء إلى التقسيم في اليمن، ‏فالثورات لا تقوم إلا على أرضية وطنية.

‏- التقسيم الذي لا يعني في الحالة اليمنية إلا التفتيت والتطييف هو "المدخل الوطني" للتمديد. ‏إذ كيف يمكن بناء "يمن موفنبيك" من دون الصيغة التحالفية الراهنة التي تصير ضرورية في ‏مواجهة كل الأعداء؟ وإذنْ فإن العلاقة بين هادي وحكومة الوفاق وبين كل اللجان والهيئات ‏التي خرجت من جرابهم، تصير عضوية أكثر منها وظيفية. ما يعني أن جماعة عضوية ‏تتشكل في اليمن فوامها أغلب الذين أقاموا في موفنبيك خلال الـ10 أشهر الماضية.‏

‏- يستهدف الرئيس هادي [ أو ما يمكن اعتباره "أوديب اليمني" رغم شيخوخته] من التقسيم ‏كسر الحراك الجنوبي وبخاصة حراك علي سالم البيض. وهو بتأييد من التجمع اليمني ‏للإصلاح وجمال بنعمر والسفراء الغربيين، يقدم نفسه ك"بطل جنوبي" له أيضا حراكه في ‏صنعاء (حراك 2013)، وبالامتيازات والعطايا ينفذ حملة استقطاب واسعة لجنوبيين في ‏صنعاء وعدن وغيرهما وسط قبول من حلفائه. يخوض هادي في الجنوب حربه ضد رؤسائه ‏السابقين، وهو لا يتوانى في حربه هذا عن اختراق المحرمات كلها بما فيها تمزيق الجنوب، ‏الجنوب الذي يستثمره خير استثمار في صنعاء نفسها.‏

‏- من الثابت أن للحكم الآن نواته الصلبة التي تتكون من هادي بما هو القطب الذي يتجمع ‏حوله انتهازيو صالح والانتهازيون الجدد، شماليين وجنوبيين، الطالعين من "بئر الحرمان"، ‏وبين التجمع اليمني للإصلاح بما هو "حزب الشدة". لهذه النواة الصلبة هدفان عزيزان هما ‏تحجيم الحراك الجنوبي في بعض مناطق الجنوب، وبخاصة الضالع وردفان ولحج، وتحديد ‏إقامة الحوثيين في مناطق في صعدة وعمران وصنعاء، واجتياح الدولة الهشة في المركز ‏والاقاليم؛

‏- الفدرالية هي التنزيل العصري لمبدأ "فرق تسد". إنها الآن لعبة "المستعمر الوطني" التي ‏تحظى بمباركة المستعمر التقليدي الاجنبي السابق (لندن) والمستعمر الجديد (واشنطن). ليس ‏هناك من خيار أفضل منها للطغيان في اليمن لأنها تفتت الإرادة الشعبية وتحفز الحروب ‏الداخلية بين اليمنيين في (وعبر) الأقاليم الافتراضية التي تتحول الآن إلى كوابيس على ‏‏"أرض السعيدة". إن النخبة الحاكمة في صنعاء هي من يفتت اليمن ويشتغل بشغف على ‏التشوهات في الشخصية اليمنية وتبني عليها دولتها المقبلة؛

‏***‏
الثابت إن لقاء مشتركا جديدا يقوم على تقويض دولة بعد لقاء مشترك استهدف - ظاهريا- ‏تقويض نظام سياسي (نظام الرئيس السابق صالح). ومن المثير أن أطراف المشترك القديم هم ‏أنفسهم أطراف المشترك الجديد ولكن برئاسة غير دورية، فالرئيس عبدربه منصور هادي ‏صار الرئيس الفعلي للقاء المشترك بثالوثه التدميري (اصلاح وناصري واشتراكي).‏

اللقاء المشترك القديم لعب على نقاط ضعف الرئيس صالح وبخاصة التوريث والتركيز ‏لكسب الشارع، وعندما ثار الشارع انقض على الساحات في طريقه إلى السلطة.‏
لكن اللقاء المشترك الجديد يلعب على نقاط ضعف اليمنيين وبخاصة تلك التشوهات والأخاديد ‏التي حفرها النظام السابق في اليمن. ولذلك فإن هدفه أبعد من مجرد الاستواء على عرش ‏‏"حمير" بل تمزيق اليمنيين شر ممزق.‏

زر الذهاب إلى الأعلى