بدأ صديقي الشرعبي يتحدث عن تاريخ التحاق إب بتعز منذ القدم..
راقتني "منذ القدم" ونحن لازلنا في بداية تكوين مناطقي وصديقي يمزج الهزل بالجد في تمرير مزاج الالحاق وانا شخصيا لا أضمر مناطقية للتباهي والتمترس أصلا
اذ يبدو لي مؤخرا أنني من صنعاء ولا أفكر بمغادرتها إلى الإقليم ولست مهتما كثيرا بلقبي الجديد الجندي ، اذ ان الأقاليم ستبفي لكل منا لقبه ومشاكله وضروب ضعفه وخذلاناته من دنيا تواجد فيها بلا دولة.
وهو يمني على اية حال لا ترعاه غير حذاقته وانتماءاته المناطقية والإثنية ولم تكن الدولة يوما هي أم أحد غير ابناء الرئيس وطاقمه المحظوظ سواء كان هذا الطاقم سنحانيا أو من بيت الدنبوع.
تمر بي اشواق ابو بكر سالم وهو يغني أمي اليمن واستحضر كل تلك الألحان الجذلة لأصوات تدين بمزاجها الانتمائي لفكرة اليمن الوجداني.
اليمن الذي بلا جماعات ولا ضغائن حيث لا يحضرك أي طقم شاص من طقوم بيت الاحمر المثقوبة وانت تناجي بحة صوت كرامه مرسال" ما أجمل الريح هبت من رياض اليمن فيها شذى الورد من صنعا ومن عدن ،، هيجتني وهزتني لدوره ، هيجتني وما ارضى بغيره، من رياض اليمن هبت النسمة لمشتاق ، الهوى راق".
في الفؤاد بلادك نسمات وابواب وشرفات وطرقات أليفة ومدارب سيل لا تميز انثناءاتها بين سيل من إب واخر من مطلع حيث التباس الجغرافيا في رأسك وليس في السيل ولا في وجدانك المتلقي لما هو شرعبي بذات النكهة لطعام الصبوح في حبيش دون ان تتفحص هوامش المجلدات بحثا عن من كان أولا ومن تم الحاقه بالاخر ولا متى أصبحت إب محافظة مستقلة عن تعز كما يقال ان ذلك الاستقلال كان تلبية لمأزق كثرة اولاد الامام وحاجة أحدهم لقضاء اب بعد قضمه من تعز.
صديقي الذي اشار للالحاق التاريخي مثقف كبير وناضج وكان بدرجة ما يتفاكه مستفزا ما يروقه من ردات فعلي الغاضبة بمرح كلما اقترب أحدهم من فكرة الاعتداد والاستقلالية وانا بدوري منحته ردة الفعل الانفصالية "إبيا" وبما يكفي لأن يقهقه جيدا غير ان قهقهات المثقفين احيانا هي جوهر امراضنا وقد تمت مظهرتها بالتنكيت.
ونحن نتبادل وجوم المغرب في الصحيفة دخل علينا مجموعة ناشطين متحمسين قالوا انهم وصلوا للتو من المهرة معلنين استعدادهم الالتحاق بنا أهل صنعاء وأنهم سيقاتلون ولا يتم وضعهم مع الحضارم وكان واضحا انهم يضمرون للحضارم عدائية لها علاقة بما ترسب من تاريخ تماس أشبه بتلك الضغائن المتكونة بين قريتين تتلامسان وتتلاسنان بالمباهاة واطلاق شائعات سيئة ،، أما نحن فبقينا واجمين ذلك انه في المغارب يفقد أحدنا أي طاقة لتبيان موقفه من عرض مغر كهذا الذي يمكن اعتباره فرصة سانحه يمكن اهتبالها لتضخيم صنعاء على حساب كراهية المهرة لحضرموت.
لا احد يجزم بالطبع ان المهرة كلها بذلك الحماس العدائي الذي وصل به اولئك الناشطون لكن ثمة تفهم لهذا النوع من عروض المفاصلة الإقليمية من تحسس كل منا لأمراض منطقته ذات الصلة وهو سيدرك ان الأقاليم الجديدة سترتب مسابقات لإحن المباهاة والمفاضلات وقد تنمو في هذه المزاجية المشحونة حالة ما من حب اليمن الكبير.
اليمن بوصفه عودة للجذور التي قد يحن اليها الناس بعد اشتمامهم لعفن جذورهم الضيقة التي احتسبوا بسذاجة سياسية ان استعادتها تمثل حلا سحريا سيخلص كل مجموعة مزاجية من خصم اثقل كاهلها في السنوات الأخيرة دون التنبه إلى ان الحياة في الضيق الجغرافي الجديد ستكون هي الخصم.