[esi views ttl="1"]

الموقف الغامض لرعاة المبادرة من التوسع الحوثي!‏

لماذا يواجَه التوسع الحوثي المسلح في مناطق الهضبة القبلية العليا بالبرود واللامبالاة من ‏قبل المجتمع الدولي ورعاة المبادرة والتسوية السياسية واتفاقية نقل السلطة؟.‏

هل التوسع نحو المناطق المحيطة بالعاصمة صنعاء مجرد حدث عابر لا يستحق الالتفات؛ ‏وهل هذا التوسع والاحتراب الأهلي لا يعد فعلا ً معرقلاً للمرحلة الانتقالية؛ وبالتالي لا ‏يصنفه المبعوث الأممي ورعاة المبادرة كفعل معرقل يحتاج إلى إدراجه في تقارير جمال ‏بنعمر وبيانات مجلس الأمن الدولي ؟.‏

هذه التساؤلات تثير أكثر من علامة استفهام حول موقف رعاة المبادرة واتفاقية نقل السلطة ‏من الاختلالات العميقة التي تواجه هذا المسار؛ بل وتهدد الكيان اليمني برمته من خلال ‏الحرب الأهلية التي تلوح في شمال الشمال؛ والتي تنطوي على فرض ميليشيات مسلحة ‏لنفوذها على الأرض بقوة السلاح.‏

التفت المجتمع الدولي مؤخراً في الوقت الضائع لدور الرئيس السابق علي صالح في عرقلة ‏المرحلة الانتقالية ورعاية الاختلالات وبرنامج العرقلة المنظم.‏

في بداية المرحلة الانتقالية حين كان الموقف الحازم مطلوباً وملحاً من علي صالح دفن ‏المجتمع الدولي رأسه في الرمال، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بقبول علي صالح كلاعب أساسي ‏في الحياة السياسية من خلال لقاء جمال بن عمر به أثناء المفاوضات على حصص التمثيل في ‏مؤتمر الحوار الوطني، كان ذلك اعترافاً ضمنياً بدور علي صالح وممارسته للنشاط السياسي ‏كرئيس لحزب المؤتمر الشعبي العام، الشريك الأساسي في المرحلة الانتقالية.‏

وحين تموضع موقف علي صالح مع استحقاقات المبادرة وآليتها المزمنة؛ وانحاز ضداً على ‏مسار وثيقة الحوار؛ ثارت ثائرة المجتمع الدولي عليه؛ وذهبوا لتهديده وإدراج اسمه كمعرقل ‏للمرحلة الانتقالية؛ والتلويح بالعقوبات في وجهه.‏

المفردة الثانية التي التفت لها رعاة مسار نقل السلطة هو علي سالم البيض الذي لوح المجتمع ‏الدولي باسمه كمعرقل للمرحلة الانتقالية، حدث ذلك حتى قبل أن يتبنى تيار البيض ما يسميه ‏المقاومة المسلحة لما يصفه ب «احتلال يمني للجنوب العربي» !!‏

الآن يبدو عبدالملك الحوثي وميليشياته المسلحة باعتباره الطفل المدلل للمجتمع الدولي، بما ‏فيه أمريكا التي يهتف بموتها ليلاً ونهاراً في الجوامع والساحات العامة، ويعتبرها الشيطان ‏الأكبر تيمناً بداعميه ومرجعياته الدينية في طهران وقُمْ.‏

دور الحرب الأهلية المذهبية القبلية في عرقلة المسار الانتقالي واضح وجلي؛ ولا يحتاج إلى ‏شدة ذكاء أو فيض من حكمة لإدراكه والوقوف على تداعياته ومخاطره على مسار التسوية ‏ونقل السلطة والكيان اليمني عموماً، غير أن كل ذلك لم يرتقِ إلى مصاف الخطر في نظر ‏المجتمع الدولي!!‏

كما أن الدلالة التي يحملها التيار الحوثي بهيمنته على «إقليم» الهضبة القبلية الذي يضم ‏صعدة، حجة، عمران؛ وامتلاكه للأسلحة الثقيلة التي تشمل الدبابات والمدرعات والكاتيوشا؛ ‏كل ذلك يعطي للأقاليم مدلولات الدول المستقلة وليس مجرد تقسيمات إدارية سياسية في إطار ‏دولة اتحادية.‏

الفيدرالية والأقاليم لا تعني مطلقاً انتفاء دور الدولة القادرة على فرض سلطتها وتوفير الأمن ‏لمواطنيها وحماية حدودها.‏

وجود الدولة وهيبتها أمر ضروري، سواء كانت دولة بسيطة أو اتحادية.ووضع حد للحرب ‏الدائرة في الهضبة القبلية أمر ملح ليس فقط لنجاح المرحلة الانتقالية؛ وإنما لتجنيب اليمن ‏الغرق في هذا المستنقع الذي يهدد الكيان اليمني وفرص بقائه آمناً مستقراً وموحداً وليس فقط ‏مسار التسوية السياسية.‏

الآن وبعد انكسار بيت الأحمر؛ وإقدام مشائخ حاشد المتحالفين مع الرئيس السابق على توقيع ‏وثيقة «استسلام بيت الأحمر» نيابة عنهم؛ وهو الوضع الذي فضله هؤلاء المشائخ الذين لا ‏يريدون الذهاب بعيداً في القتال مع الميليشيات الحوثية؛ ولا يرونها معركة وجودية بالنسبة ‏لهم؛ بعد هذا كله لا يستبعد أن يذهب الغرور بالحوثي إلى خوض فصل جديد من المعارك من ‏أجل فرض هيمنته على أرحب والجوف، ولو حدث ذلك فسوف يجر معه قوى قبلية ودينية ‏أوسع بكثير من ذلك الحجم الذي بدا في حاشد؛ والذي تحكمت به دلالات النفوذ والهيمنة ‏التاريخية لأسرة آل الأحمر بما راكمته من عداوات ومظالم في منطقتها؛ وما تعنيه على ‏المستوى العام.‏

الموقف الغامض والمريب للمجتمع الدولي يثير الكثير من الشكوك حول النوايا التي تبيتها ‏الدول المهيمنة في العالم والإقليم حول مصير اليمن وخارطته الجيوسياسية؛ ويفتح باب ‏التكهنات حول الهدف النهائي لهذه «الرعاية الدولية الإقليمية» واحتمالات تقسيم اليمن؛ وهو ‏ما يوحي به انتشار الحرب الأهلية المذهبية ًو الميليشيات المسلحة.‏

ولو تقاعست السلطة الانتقالية ومعها المجتمع الدولي عن دورها الآن إزاء التوسع الحوثي ‏المنتظر في أرحب والجوف؛ فسوف تفتح باباً للخراب على مستوى اليمن كلها؛ فليس بعد ‏استكمال الهيمنة على الهضبة؛ وغرور القوة المصاحب لها سوى النظر إلى تتويج ‏‏«الانتصارات» كلها بالصرخة باتجاه صنعاء .. ولا بد من صنعاء وإن طال السفر؛ لكل ‏مشروع يتطلع إلى فرض نفسه كعنوان للمرحلة؛ سواء كانت الإمامة الجديدة؛ أو الجمهورية ‏السبتمبرية .‏

زر الذهاب إلى الأعلى