يستفيد الحوثي من حالة اللا ثقة التي تخيم على المشهد السياسي ، حالة التأزم التي ألتي أفرزها مؤتمر الحوار الوطني بين الأحزاب السياسية والتيارات الوطنية التي استهلكها الخلاف .
يستفيد الحوثي من حالة الدولة المنهكة التي تحاول للتو أن تنشأ ، يعمل الرجل ضمن حلف غير وطني مثقل بالثأر و شهوة الانتقام . صالح الذي طردته الثورة من كتب التاريخ والتربية الوطنية وجردته من ألقاب الزور التي كان يمنحها لنفسه ، رجل تحكمه الكراهية وشهوات الثأر ، هو الآخر فرصة أخرى .
يظن صالح أنه يستعمل الحوثي وهو مؤكد ، ويظن الحوثي أن صالح صار ناطقا رسميا باسم الحوثي من خلال ترسانته الإعلامية التي تساند الحوثي وتخترع له العناوين الوطنية الزائفة .
الدولة هي الأخرى التي قامت الثورة بالأساس لتفتش عنها ، صنعت للتو وثيقة العقد الاجتماعي التي انتظرها اليمنيون كي تؤسس لهم دولة تحظى بالممكن من التوافق ، هي الأخرى ليست ضعيفة ، ولكنها تعلم أن الحوثي ليس أكثر من عصابة مستأجرة يمكن أن تدخل البلد في حرب استنزاف لا تفيق منها بسهولة ، هذه فرصة أخرى جعلت الحوثي يبدو متضخما بينما هو يتكاثر على شكل ورم بلا ملامح .
الإصلاح كحزب سيحاول أن يبتعد عن معركة الصراع ، ليس لأن الحوثي قويا ، ليس لانه ضعيفا ، يستطيع الإصلاح أن يحتل من المدن أكثر مما يحتله الحوثي ، لكنه يعلم أن هذه المراهقة ستكسره إلى الأبد يعلم الإصلاح أن المعركة لن تكون مع الحوثي ، ربما يدرك الإصلاح أن الحوثي ليس سوى بروكسي يعمل كمتعهد قتلة يستأجر لتأديب الأطراف التي لا تسلم لكل ما يأتي من خارج الحدود ، حتى وإن كانت الجمهورية اليمنية نفسها .
التوجهات الرامية لتقويض الربيع العربي هي أيضا فرصة أخرى لتجارة رابحة ، فأبناء القبائل الذين تتطاير رؤوسهم في المواقع ليسوا أبناء الحوثي ، هم مجرد جنود يمكن أن نجند بدلا منهم كما قال صالح ذات مرة وهو يفد بأبناء القوات المسلحة في صراعاته المراهقة مع الحوثي ، صراعات التصفيات التي خلقت شبح الحوثي .
بعد هزيمة الأحمر ، وهذه الهزيمة ناشئة بالأساس عن فرصة ، فالأحمر لم يكن بطلا يمكن للناس أن تحارب تحت لوائه وهي تطمئن على الجمهورية التي ستولد من نضالاته! انقسمت القبيلة على نفسها ، تبعا للهوى الجديد والزعامة المزيفة ، انتهى الأحمر كما تقول الصحف ، آخر القوائم السيئة التي كان الناس يرونها كذلك ، آخر العناوين التي كانت توفر للحوثي غطاء مناسبا يمنعه الغطاء الأخلاقي لدى الكثير من السذج .
لا أحد يفكر في أن يحول وطنه لوكيل للموت لحساب دولة أخرى تريد أن تبني مجدها على أنقاض بني أبيه ، من يفعل ذلك لن يكون يمنيا ، ولهذا يفر الجميع من الحرب ويتركون لهذا الموهوم أن يشعر بلذة الانتصار !
الآن ، بقي الحوثي هو السيئ الوحيد الذي يتجول في الأنحاء ويعلن انتصارات الوهم ! ربما تدفعه الحماقة ليفكر في صنعاء التي صارت دون حماية ، كما يظن طبعا !
صنعاء ستعني الدولة ، ستعني المشترك الذي سيبعثه القلق من موته ، ستعني كل الأحزاب السياسية التي لم تكن تريد أن يتحول الوطن لمسرح جريمة ، ستعني رجال الجمهورية الذين يحتضنون العلم الوطني كهوية وقضية ، ستعني شباب الثورة الذين لن يسمحوا لأحد بالتطاول ، ستعني التاريخ الذي لن يسمح لأبطال سبتمبر أن يمحو من الصفحات وقد كتبوها بالدم ، ستعني دول الإقليم التي لم تقبل بالحوثي يوما إلا بذات الأوصاف ، متعهد للقتل يمكن أن ينفذ بنود الاتفاق في حدود الخط الذي لن يسمح له بتعديه .
وحين ينتصر الحوثي على كل هؤلاء، وهو أمر أبعد من كل خيالاته ، سيفشل في التفاهم مع المنظومة الأمميةوالعالم الحديث التي ينظر إليها الحوثي من مشوف البندقية ، بينما تراه هي نملة في قعر جب .
الحوثي ليس قويا ، الفرص هي الأقوى ، وكل هذه الفرص ستتلاشى دفعة واحدة حين يدق باب صنعاء !
قال ابراهام لنكولن "إنهضوا أيها العبيد، فإنكم لا ترونهم كبارا إلا لأنكم ساجدون".