لا ضير أن نحتفي بذكرى نصف ثورة ما دمنا قد عزمنا على استكمال تحقيق باقي اهدافها والعهدة على الراوي (تنظيمية الثورة) وإن كانت هذه الأخيرة تخطوا خطوات الجمعيات الخيرية في نشاطها وتحركاتها الموسمية .
لكن الضير في أن نحتفل ونغني ونرقص على أوجاع أربعة وعشرين معتقلاً من شباب الثورة يواصلون اضرابهم عن الطعام لليوم العاشر على التوالي ويصارعون الموت خلف قضبان الرئيس التوافقي وحكومة الوفاق و وسط صمتٍ مخزي لكافة قوى ومكونات الثورة .
إنهم يتوزعون الأدوار ويتقاسمون اللجان ومخصصاتها بينما يتوزع معتقلي الثورة المعاناة والألآم ويتقاسمونها مع أهاليهم المغيبين تماماً عن منصة الستين في هكذا يوم .
وكأن بنا أمام ثورتين ثورة تحتضر وأخرى ولدت موءودة ، وأمام نوعين من الثوار.. ثوار قرارات وثوار ساحات ..فيا ترى ماذا تبقى لنا من ثورةٍ بذلنا في سبيلها أكثر من الف شهيد ومئات الجرحى وعشرات المعتقلين .
في شارع الستين حيث الاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة 11 فبراير لا مكان لدموع الطفلة "عتاب" ابنة الشهيد "المنيعي" التي استثمرت إعلامياً خلال الثورة حد الثمالة، ولا لزفرات الطفلة "غزل" ابنة المعتقل "ابراهيم الحمادي" المحرومة من حنان وعطف الأبوة لثلاث سنوات متتالية .
سيتصدر المشهد لصوص الثورة ويوارى رموزها كالعادة وستحضر تلك الوجوه المألوفة وتغيب صور الشهداء والجرحى والمعتقلين .. وستطغى الشعارات والهتافات السياسية على نظيراتها الثورية التي اصبحت ترفع على استحياء حتى في أحياء ذكرى الثورة.
بل حتى الكلمات والخطابات المعدة سلفاً والتي ستعرض على رئيس الجمهورية قبل إلقائها باعتباره رئيساً توافقياً .. جميعها لن تعبر عن تطلعات شباب الثورة الحقيقية وإن تطرقت إلى بعضها على عجاله ولم تتناول قضايا معتقلي ومخفيي وجرحى الثورة كقضايا محورية والسبب في ذلك أن هذه الكلمات تخضع للتسويات والمحاصصة التي تحكمنا طيلة سنتين مضت .
ولا أستبعد كذلك أن الإعلان عن الاعتصام غداً في شارع الستين بصنعاء عقب الاحتفال بذكرى فبراير حتى إطلاق سراح آخر معتقل من شباب الثورة .. قد يتبخر هو الآخر بمغادرة الحشود الشارع سيما وأن فقرات الحفل ستنتهي بدخول المساء.
إذا كان كذلك فإن الأحرى بشباب ثورة فبراير الوقوف في مثل هذا اليوم أمام بوابة مقبرة الشهداء وبوابة السجن المركزي لتلقي العزاء والمواساة بدلاً من استقبال التهاني والتبريكات في شارع الستين، خصوصاً وأن زملائهم المعتقلين قد خيروهم في رسالة سابقة بين أن يأتوا لهم بقرار الإفراج أو بالأكفان.
وختاماً ..
أتمنى من كل قلبي أن يخيب الثوار غداً كل ما سبق من تخمينات عشية الاحتفال بالذكرى الثالثة ل(11) فبراير وأن استيقظ على واقع مخالف تماماً لما يبدوا في مقالي هذا.