أرشيف الرأي

مآسي ما بعد موت الربيع

العالم العربي اليوم مشغول جداً جداً بالصراع على السلطة والحروب الداخلية وإفلاس ‏الأحزاب ‏السياسية والركض وراء المناصب والمال. الليبراليون أسفروا عن ديكتاتورية بشعة ‏ورفض أي شيء ‏معارض وعدم القبول بالإسلاميين. الإسلاميون انخدعوا بالسلطة وحارب ‏بعضهم بعضاً، وما رأيناه من ‏حزب النور وعيره قي تقديم التنازلات للوصول للسلطة، ‏وموقف حزب الله والعدالة في الجهل بما ‏يجري والغرور بالسلطة.‏

‏ ولكن اتفق العرب بكل أطيافهم بنقل العالم العربي إلى الوراء إلى صراعات القرون ‏الماضية والحرب ‏بالنيابة عن داحس والغبراء وحرب البسوس والحرب نيابة عن يزيد ‏ومعاوية وعلي والحسين. وآ أسفاه ‏يا للعار لهذه الأمة وتركوا رسالتهم وهويتهم التي شرفهم بها ‏الله ونبينهم وأصبحوا بعد الربيع أبشع من ‏الدكتاتوريين السابقين الذي سبقوهم. ما يجري أمر ‏سيسجله التاريخ صفحة سوداء في تاريخ هذه ‏الأمة. ‏

كنت انتظر مظاهرات ومسيرات وحملات تضامن مع شعب أفريقيا الوسطى والمجازر التي ‏تجري هناك ‏وتدخل أوروبا وتتحرك جهات التبشير الاستعمارية للقضاء على المسلمين في هذا ‏البلد كجس نبض ‏استعداداً لحرب في أفريقيا في ظل إشغال العرب عن دورهم وإبعاد القارة ‏الغنية عنهم وإقصائهم عنها، ‏ملايين المهجرين.. قطع أيدي أطفال.. تشويه .. مجازر بالهوية. ‏لم تصل إلى قلوب الدول العربية ‏والإسلامية ولا إلى ثورات الشباب التي لم تكلف نفسها حتى ‏بموقف تضامني مع إخوانهم. ‏

أفريقيا التربة الغنية تسيل لعاب الشركات الغربية .. اليورانيوم والذهب والألماس. سرقة ‏ذهب غينيا ‏وأسماك السنغال ويورانيوم مالي وذهبها وكذلك أفريقيا الوسطى بلاد لها ماس هي ‏وسيراليون. فرنسا ‏اليوم تعود للقارة الأفريقية، وإسرائيل تستعد والعرب ينسحبوب تاركين ‏إخوانهم ضحايا الجرائم البشعة ‏والتصفيات . فكيف وهم قد تركوا القدس وفلسطين والمسجد ‏الأقصى وأراضي ومزاره ومأساة ‏إنسانية بشعة في فلسطين المحتلة. وبشار يكمل ما بقي في ‏اليرموك.. والعرب خيولهم وسيوفهم. ويبدو ‏أن القادة العرب والساسة قد قرروا أن يشتروا ‏السلاح لقتل بعضهم وربما تجتمع الجامعة العربية لشراء ‏الخيول والسيوف للحرب بأسلوب ‏الماضي. ‏

إسرائيل تصنع أسلحة حديثة وبرنامج نووي وتهجر وتدمر وتنتهك المسجد الأقصى، ‏ومسلمو أفريقيا ‏الوسطى يستغيثوا، وإسرائيل والكنائس تشكر إيران أنها تقوم بالواجب نيابة ‏عنها في سوريا من مجازر ‏وتدمير وفي العراق من تهجير وإبادة وفي اليمن. واستطاعت ‏إسرائيل، بدعم غربي وجريمة إيرانية ‏وتحالف ثلاثي لإبادة المسلمين، أن تحقق هدفها. ها هم ‏العرب صامتون. يومياً أحداث في ليبيا ويومياً ‏إرهاب وقتل وصراع باليمن إضافة إلى ما ‏يجري في سوريا والعراق.‏

يا شباب يا جيل المستقبل ها أنتم ثرتم في مصر لخلع مبارك فماذا بعد مبارك. وعاد عدد ‏كبير منكم ‏ليصبح أداة لعودة أبشع من نظام مبارك، وتتقاذفكم الأحزاب والجماعات وأنتم لا ‏تعرفون هويتكم ‏وللإلغاء دور مصر التاريخي. وها أنتم يا شباب اليمن إيران تريد احتلال ‏بلادكم واليمن تتمزق ‏والأحزاب أخذوا ثورتكم لأنكم غير محصنين فهلا خرجتكم بمسيرة ‏مليونية ضد الاحتلال الإيراني ‏وعودة النظام الإمامي البشع. ثورة سبتمبر التي ضحى بها ‏أجدادكم وآباءكم للخلاص من هذا النظام ‏الذي تريد إيران إعادته لكم بأبشع. وصدقوني ‏ستكونوا أول الضحايا ولت تسلم بيوتكم ولا ‏أعراضكم من النازيون والقرامطة الجدد وكذلك ‏دعاة الإرهاب. وها أنتم يا شباب ليبيا عار ما يجري في ‏بلادكم أي المصالحة الوطنية.‏

اليوم لا تسمع عن مصالحة وطنية لا حل إلا بالتوافق والوحدة وتطلعات الأمة لوحدة كبرى. ‏برنارد ‏لويس رسم خطته والاستعمار عاد بوجه الجديد، وكشف عن حليفه المستمر الإيراني ‏الذي هو أبشع ‏من إسرائيل لأنه يريد ضم البحرين والخليج واليمن ويصارع في سوريا ‏والعراق. وحذر المخلصون منذ ‏زمن من ذلك ولكن دون سمع، وها هي الأمور انكشفت ‏والأوراق ظهرت، وما يجري في أفريقيا ‏الوسطى ومالي وغيرها هو انكشاف الأوراق ‏والأهداف.‏

وللأسف أن الربيع تحول إلى كارثة كبرى. لقد عاد النظام السابق بأبشع صوره وبوجود أشد ‏قسوة ‏وبتحقيق أهداف كوندليزا رايس وبالخضوع والاستسلام لأعداء الأمة والسبب معروف ‏أن ثورات ‏الربيع رُسم لها وتم احتوائها، والشباب غير محصن لأنه لا يقرأ ولأن ثقافته من ‏الانترنت والمحطات ‏وأغلب هذه لحاطب ليل ومزورة وإعلام موجه، وكما يقول المصريون ‏باعوا لهم الهرم والعتبة الخضراء ‏مثل فيلم إسماعيل ياسين. حسبناه نكتة فإذا بها واقع. وعندي ‏سؤال لشباب الربيع فقط، أما ‏الأحزاب والساسة فقد صلينا عليهم صلاة الجنازة ويئسنا منهم. ‏لماذا لا نسمع صوتكم عما يجري في ‏فلسطين والقدس والعراق وسوريا؟ أين أنتم من مجازر ‏إخوانكم في أفريقيا الوسطى؟ لماذا لا نرى ‏مسيرات مليونية تندد بتدخل إيران وجرائمها بحق ‏الإنسانية في صعدة ودمشق وبغداد. سؤال هل له ‏من جواب إذا كانت هناك آذان تسمع.‏

زر الذهاب إلى الأعلى