[esi views ttl="1"]

فضيلة التراجع عن الخطأ!

ربَّما أنَّ البعض قد تسرع ،وأنا أحد هؤلاء، في تأييد تحويل اليمن إلى ستة أقاليم «فيدرالية» وإعتبار أن هذه الخطوة قد حصَّنت هذا البلد ضد التشطير والتقسيم وضد العودة إلى ما قبل «وحدة» عام 1990 هذه الوحدة التي جاءت تحت إلحاح «الرفاق» الجنوبيين الذين بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي وبعد أن أشبعوا بعضهم بعضاً مذابح وإقتتالا ومؤامرات لم يعد أمامهم أيُّ خيارٍ إلاَّ خيار الذهاب «هرولة» إلى علي عبد الله صالح والإنضواء تحت «إبطه» في إندماج سريع لم يكن مدروساً الدراسة الكافية.

وحقيقة أن سبب التسرع في تأييد حلِّ الأقاليم الستة هو الخوف على اليمن ،التي باتت تتناهشها الذئاب من كل جانب ف»الحوثيون» من جهة و»القاعدة» من جهة أخرى وإيران التي تسعى لتطويق المملكة العربية السعودية من الجهة الثالثة، وكل هذا وبينما علي عبد الله صالح لا يزال يحلم بإستمرار نظامه ،الذي أكل عليه الدهر وشرب، وإنْ من خلال أحد أبنائه أو من خلال أحد أتباعه «التاريخيين» ،وما أكثرهم، على الأقل.

وهكذا ولأن الضغط على خيار الإقليمين الكونفيدراليين ،الإقليم الشمالي على حدود ما قبل عام 1990 ،أي عام الوحدة، والإقليم الجنوبي على الحدود نفسها، كان يعني ولا يزال الإستجابة لدعوات ومحاولات العودة ل»التشطير» ،وفقاً لما بات يطالب به علي سالم البيض مدعوماً من إيران وبالطبع من حزب الله الذي يشكل رأس جسر متقدم للتطلعات الإيرانية في هذه المنطقة، فقد كان تأييد قرار الأقاليم الستة في حقيقة الأمر هروباً متسرعاً من هواجس العودة للإنقسام والتقسيم في زمنٍ عربي رديء بات فيه وطننا الكبير مهدداً بتحوله إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية متحاربة ومتناحرة.

ولهذا ولأنني في الأيام الأخيرة قد التقيت بعض الأشقاء اليمنيين ،الذين تربطني بهم علاقات صداقة «سياسية» قديمة تعود لأيام الأحلام الوردية الجميلة التي تسربت تباعاً من رؤوسنا وقلوبنا وأصبحنا أمام كل هذه الكوابيس المرعبة، فقد إكتشفت وفقاً لما سمعته منهم أنني قد تسرعت جداً في إعتبار خيار الأقاليم الستة خطوة لتمتين وحدة هذا البلد العربي الذي بقي ينتصب هناك كقلعة شاهقة ومتينة تحمي هذه الأمة العظيمة التي ستبقى عظيمة رغم كل هذه المرحلة المريضة التي تعيشها الآن والذي أعطى لتلك الأيام المجيدة كبار حملة السيوف وكبار منارات العلوم والمعرفة.

الآن وبعد هذه الخطوة ،خطوة الأقاليم الستة، التي أثارت عاصفة سياسية مخيفة بالفعل فإنه لابدَّ من وضع الأيدي على القلوب وإنه لابد من الخوف على هذا البلد العظيم ،بلد مأرب وسبأ وأروى الصليحية والمخطوطات العظيمة ،التي وللأسف قد تعرض الكثير منها للسلب والنهب والإهمال والتَّلف، من التشظي والإنقسام والتشرذم وليس مجرد العودة للتشطير.. ونسأل الله أن يكلأ بعين رعايته اليمن ويعيده سعيداً كما كان في الأيام الخوالي البعيدة.

إن المعروف أنَّ هناك شيئاً إسمه :»الحكمة اليمنية» ويقيناً أنه إنْ لم يحتكم الأشقاء اليمنيون إلى هذه الحكمة فإنهم سيبكون وإننا سنبكي معهم على بلد ينتمي إليه أكثر من نصف هذه الأمة التي نصفها قحطانيون ونصفها الآخر عدنانيون وعلى بلد عرفناه عندما قرأنا في قرآننا العظيم قصة بلقيس وسليمان والهدهد وعندما قرأنا قصة إنهيار سد مأرب.. التي نرجو أن لا تتكرر سياسياً الآن وذلك لأنها إنْ هي تكررت سياسياً لا سمح الله فإنها ستكون بمثابة طامة كبرى جديدة.

زر الذهاب إلى الأعلى