هل صحيح فعلاً أن المركزية الشديدة للدولة اليمنية هي مشكلة اليمن وسبب تعاسة اليمنيين حتى يكون الحل في الفيدرالية وتقسيم اليمن إلى أقاليم كوصفة سحرية تحل المشاكل المتراكمة وتحقق فراديس وجنات أرضية تحقق السعادة للشعب اليمني وتنهي معاناته!!
وحتي لو سلمنا جدلا بهذا التشخيص الخاطيء فهل الشروط الموضوعية والواقعية لانجاح هذه الفيدرالية متوفرة وعلي راسها دولة مركزية قوية تمتلك مؤسسات مركزية قوية ومتجذرة وعلي راسها جيش وطني قوي ذو عقيدة وطنية حامية للمكتسبات الوطنية واقتصاد قوي واوضاع امنية وسياسية مستقره!! الحقيقة أن مشكلة اليمن الواقعية والملموسة والتي يمكن للمواطن اليمني البسيط أن يعرفها حتى لو لم يكن يفقه شيء في علم النظم السياسية والدستورية تتمثل في غياب الدولة المركزية القوية الفاعلة والحاضرة بمؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية التي تقوم بدورها في بسط النظام وتطبيق القانون على كافة أراضي خارطة اليمن أطرافه قبل مركزه وريفه قبل حضره.
والواقع يقول أيضا أننا اليوم أكثر من أي وقت مضى نفتقد الدولة المركزية القوية وأجهزتها ونجد أن الدولة تضحمل وتنحسر لصالح بدائل وحركات متمردة لا شرعية تقتات وتنمو على حساب قوة الدولة وحضورها.
وللأسف الشديد أن من يروجون للفيدرالية كحل سحري ناجز لكل مشاكلنا يستغلون عن عمد جهل الناس لما يساقو إليه من مصير مجهول ويستغلون قصور فهم القيادات الوسطية الحزبية والاجتماعية والشبابية وعدم تشخيصهم الدقيق لواقع الداء في اليمن وان هناك نقص في الرؤية وخلط شديد بين الصبغة الفردية في الحكم والدولة المركزية القوية..
فمشكلتنا الحقيقية يا سادة ليست في المركزية الشديدة للدولة بل في فردية الحاكم واختزال مؤسسات الدولة وأدوات القوة فيها في شخصه والدليل على هذه الفردية في الحكم انه بمجرد غياب الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن المشهد وتلاشي اذرعته القوية ارتخت قبضة الدولة ولم تعد تسيطر على مراكز المدن بل حتى عاصمة الدولة ومركزها السياسي صنعاء أصبحت تحت مرمى الضربات (وزارة الدفاع ورئاسة الأركان والسجن المركزي انموذجا) وربما لن يسلم من هذه الضربات في القريب العاجل بيوت وغرف نوم القيادات السياسية والحكومية والحزبية وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء فعن أي دولة مركزية قوية متسلطة تكتم الانفاس تتحدثون ياهولاء!!